معزوفة رائعة للأسود أما الماتادور الإسباني

«لاروخا» فازت بالخبرة والحرفنة

الحدث: تصفيات كأس العالم 1962

الزمان: 12 نونبر 1961

المكان: الملعب الشرفي بالدار البيضاء

لنحصي المباريات الخالدة التي لعبها المنتخب الوطني المغربي خلال مشواره الدولي الذي إمتد زهاء نصف قرن أي من سنة الميلاد عام 1957، حيث أول مشاركة رسمية بمناسبة الدورة العربية بلبنان وإلى غاية آخر محطة بمناسبة اللقاء الذي جمع أسود الأطلس بالنظير الغامبي، فإننا سنجد أن هناك مباريات لمعت وتلمع في الذاكرة كالألماس ومنها اللقاء الذي نحن بصدد الحديث عنه وكان قد جمع المنتخب المغربي بنظيره الإسباني يوم 12 نونبر سنة 1961 برسم لقاء السد الذي جمع المنتخبين لتحديد من سيشارك في نهائيات كأس العالم التي كانت قد برمجت لعام 1962 بدولة الشيلي.

فماهي الظروف التي كانت تعيشها كرة القدم في تلك الحقبة؟

إدارة الكرة المغربية

كانت الكرة المغربية وقتها تعيش على إيقاع الهواية مع امتياز بسيط لفريق الجيش الملكي الذي كان قد دشن دخوله مضمار التباري وحصد الألقاب حيث كان التأسيس سنة 1958 والصعود إلى القسم الأول في نفس السنة، وكذا الفوز بلقب كأس العرش 1959 وتدشين سلسلة إنطلقت بلقب موسم 1960ـ1961، بالنسبة لإدارة كرة القدم الوطنية فاستمرت بنفس النهج الذي كانت عليه إبان الحماية، حيث استمرار بعض الأطر خاصة التقنية في الإضطلاع ببعض المسؤوليات، أما رجل الساعة بامتياز فكان هو الكاتب العام  والناخب الوطني أحمد النتيفي، أما أبرز الحكام فهم الزياني وبنعلي وبنجلون والصفريوي كرئيس للجنة التحكيم، أما جديد كرة القدم الوطنية فتمثل في خلق دوري محمد الخامس بأمر من المغفور له صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله وأول طبق إقترحه الثنائي كليزو والنتيفي هو المتمثل في مشاركة ريال مدريد بأكبر نجومه الذين كانوا قد شاركوا في لقاء السد مع المنتخب المغربي في شهر دجنبر سنة 1961 وعادوا إلى المغرب في صيف سنة 1962 لمواجهة فريق أنتير ميلانو الإيطالي الذي انتصر بهدف "مينسنس" في الدقيقة 81 من المباراة، نصف النهاية الثاني دار بين فريق الجيش الملكي ممثل المغرب ورانس الفرنسي الذي يلعب له النجم حسن أقصبي الذي سجل هدفا من الخمسة الذين إنهزم بهم الفريق العسكري.

المنتخب الوطني في إقصائيات كأس العالم 1962

الأسود أزاحوا نسور قرطاج

إنطلق هذا الدور بمواجهة قوية مع المنتخب التونسي الذي كان قويا بعناصر كلها تمارس داخل البطولة المحلية وأسماء الحارس زرقة والمهاجم كريت والشتالي كانت رنانة، أما المنتخب المغربي فكان مشكلا من لفيف مكون من لاعبين يمارسون في البطولة الفرنسية أمثال التباري والزهر وحسن أقصبي والعربي شيشا والخلفي، في حين تضم لائحة المحليين كل من الحارس البكار (الوداد) وجنان (الم.الفاسي)، العربي (الوداد)، العلوي (الوداد)، حميد (الرجاء)، العماري (ج.الملكي)، مولاي عبد الله (الإتحاد)، ومصطفى (ج.الملكي) والمدرب هو الحاج العربي بنمبارك ثم كي كليزو.

أما المرور إلى الدور الموالي فجاء عقب انتصار المغرب 2ـ1 بالدارالبيضاء وتحقيق نفس النتيجة في مواجهة الإياب ضد تونس (2ـ1) والإحتكام إلى لقاء فاصل بإيطاليا يوم 22ـ01ـ1961 والذي انتهى بالتعادل (2ـ2) ليحتكم إلى عملية القرعة التي أعطت التأهل للمغرب.

الدور الثاني عرف مواجهة بين المغرب ومنتخب غانا ذهابا إنتهى بتعادل أبيض بالعاصمة أكرا وبانتصار أسود الأطلس إيابا (1ـ0) يوم 28ـ05ـ61 ليتأهل المغرب عن القارة الإفريقية.

لماذا واجهنا المنتخب الإسباني؟

أعتبر هذا الحكم قاسيا على المنتخب الوطني المغربي وكرة القدم في القارة السمراء، حيث تشكلت جبهة الرفض التي تزعمها المصريون والتونسيون والسينغاليون الذين وبصوت واحد طالبوا بمقاطعة مباراة السد التي برمجتها الفيفا مع منتخب إسبانيا الذي كان في البحث على طريقة للمرور إلى الدور النهائي وكان ذلك على حساب القارة السمراء التي حرمت من أول مشاركة في المونديال وكانت المناسبة هي الشيلي 1962.

 المغرب وأكبر التحديات

كان من الممكن أن يرضخ المغرب عن طريق الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم للمطلب الإفريقي، إلا أن فرصة مواجهة الغول الإسباني بنجومه ديستيفانو، بوشكاش، خيينطو، سانتاماريا وديل سول مسجل هدف الإنتصار في لقاء الذهاب (د83) كانت سانحة لإبراز قدرات اللاعب المغربي وأحفاد الحاج العربي بنمبارك الذي شاهد اللقاء وهو فخور بملكاتهم، في هذه المحطة وكيفما كانت النتيجة كان المنتخب الوطني سيكون هو الرابح الأكبر بحكم أن اللقاء شكل الحدث على الصعيدين الوطني والدولي، إذ يكفي أن نعلم أن درجة إقبال الجماهير من المغرب  والجزائر الحديثة العهد بالإستقلال وتونس وإسبانيا وفرنسا شكلت سابقة في تاريخ المغرب الكروي الفتي.

الجانب الإعلامي  

بالنسبة للإعلام المغربي فكان عليه أن يواكب الحدث بوسائله المتواضعة أي بالكلمة والصورة، حيث خصصت الأجهزة الإعلامية المكتوبة والمسموعة حيزا كبيرا من صفحاتها لتقديم المباراة إستنادا إلى المعطيات وأهمها حضور كل اللاعبين المحترفين بفرنسا ودخولهم معسكرا مغلقا بالمركز العسكري بالرباط قبل التوجه إلى الدارالبيضاء بفندق "السويس".

بالنسبة للإعلام الأجنبي فشكل قوة عكست القيمة الرياضية للمباراة والمنتخب الإسباني الذي يعج بالنجوم، والواقع أن لا أحد كان يرجح كفة زملاء حسن أقصبي وعبد الرحمن بلمحجوب رحمه الله.

فيما يتعلق بالجديد فهم النقل المباشر على الشاشة الصغيرة، حيث كانت الإستفادة جد ضعيفة لأن التلفزة الوطنية كانت في بداية مشوارها والشيء الذي أكد هذا الحضور هو الإعداد لدوري محمد الخامس الذي عرف النقل المباشر في ليالي الدارالبيضاء الدافئة.

من هم نجوم المنتخب الوطني وقتها؟

قبل أن نتحدث عن نجوم المنتخب الوطني الذين شاركوا في اللقاء الأول والثاني ضد النظير الإسباني لا بد أن نعترف للعناصر التي شاركت في الإقصائيات ولم تكن في المستطاع أن تقحم في هذا اللقاء بحكم تواجد المحترفين من ذوي الخبرة الأوروبية والدولية، هؤلاء جلسوا في دكة الإحتياط وتفهموا الوضع ونخص بالذكر عمار، زنايا، المكي، المختطف، مصطفى، العماري من الجيش الملكي، حميد (الرجاء)، العلوي وبابا (ن.الشباب)، جنان (الم.الفاسي).

 هؤلاء نابوا عن المحليين

وتعلق الأمر بالحارس الأبيض (الم.الفاسي)، العربي (الوداد)

لفيف المحترفين

- مصطفى البطاش: لاعب الوداد والمدافع الصلب الذي إحترف في نهاية الحماية بنادي نيم الفرنسي، حيث رافقه كل من حسن أقصبي والمرحوم عبد السلام (الوداد) والمهدي لاعب الوداد الفاسي، البطاش كان رائعا أمام ديسطيفانو.

- التباري : كان من المفروض أن يكون للمغرب بالبطولة الفرنسية أميران لحديقة الأمراء عوض واحد هو عبد الرحمن بلمحجوب، كون محمد التباري الذي خلفه بنادي راسينغ باريس شكل نجما باريزيا أنيقا في لباسه ولعبه.. ضد إسبانيا شكل مع البطاش الذي لعب معه في الوداد أحسن دفاع عرفته كرة القدم الوطنية.

- الجديدي: وصف إبان ممارسته في صفوف الرجاء بالرجل الحديدي، يوم اللقاء المشهود كان في مستوى مهمته أمام المهاجم ديلسول الذي إنتقل إلى البطولة