توج المنتخب القطري، عن جدارة واستحقاق، بطلا لكأس أمم آسيا 2023، بعد فوزه في مباراة النهائي على نظيره الأردني بنتيجة 3 – 1، وبذلك تمكن "العنابي" من الإحتفاظ بلقبه والتتويج بالكأس القارية للمرة الثانية في تاريخه..

مع الإشارة إلى أن كل أهداف المنتخب القطري جاءت من ضربات الجزاء.. فكيف جاء هذا التتويج؟ وما الذي قدمه الفريقان خلال هذا النهائي التاريخي؟ في العاصمة القطرية الدوحة إحتدم الصراع على أشده بين منتخبي نهائي كأس أمم آسيا الأردن وقطر..

وتضخمت الحسابات بينهما وبات كل فريق يحلم أكثر بمجرد وصوله لمباراة النهائي.. واشتعلت التوقعات قبل أن تبدأ المباراة.. فالفريق القطري يرغب في استغلال عاملي الأرض والضيافة، ويتطلع لتأكيد الذات وبالتالي الدفاع عن لقبه.. في حين كان همُّ "النشامى" مواصلة التميز والبحث عن إبهار جديد بإسقاط أصحاب الضيافة وهي الخطوة التي ستقودهم للتتويج وتحقيق أكبر مفاجأة.

وقبل أن تنطلق المباراة ظهرت تشكيلة كل فريق بأقوى أسلحتها وبأفضل لاعبيها، مع إعتماد كل منهما على لاعبين مهمين يملكان القدرة على تليين اللعب وإيجاد الحلول مهما كانت مستعصية.. معز علي وأكرم عفيف في صفوف قطر مقابل موسى التعمري ويزن النعيمات في صفوف الأردن.

وما أن انطلق اللقاء حتى فرض القطريون أنفسهم بقوة، وأظهروا أنهم أسياد الملعب، ساعدهم في ذلك دخولهم في أجواء المباراة سريعا بفضل خبرتهم وتمرسهم، عكس لاعبي الأردن.. إذ تسلح العنابي بكل أدوات التفوق.. الضغط والإندفاع والتوغل والسرعة والتركيز، مع التمرير الطويل.. وهو ما ضيق مساحات الثقة لدى الأردنيين فشعروا بالعجز عن مجاراة القطريين فظهروا مكتوفي الأيدي ويشعرون بالإختناق. صحيح أن منتخب "النشامى" أظهر بعضا من ردود فعله القوية بعد مرور 15 دقيقة من زمن المباراة،

لكن القطريون إزدادوا إصرار على تسجيل هدف السبق في وقت مبكر، وقد تمكنوا من ذلك بالفعل بعد حصولهم على ضربة جزاء في الدقيقة 21، إثر إسقاط أكرم عفيف في منطقة العمليات، حيث تعرض للعرقلة من طرف الأردني عبد الله نصيب الذي تدخل في حق أكرم عفيف بشكل أرعن. وازدادت قوة القطريين بعد هدف السبق، واستمروا في فرض سيطرتهم عبر الضغط والسبق الإندفاع والسرعة، وهو ما لم يكن يمنح "النشامى" أي فرصة لاستجماع قوتهم وتنظيم صفوفهم.. ومع فتح المساحات عبر التمرير الطويل باتجاه معز علي وعبر التوغل والإختراق عن طريق أكرم عفيف، ظل الهجومات القطرية حارقة كالجمر يمكن أن يكتوي بها حارس المرمى يزيد أبو ليلي في أي وقت وحين. وكان لوكاس مينديز أن يضيف الهدف القطري الثاني في الدقيقة 33 عبر ضربة رأسية إثر تنفيذ ركنية، لكن من حسن حظ "النشامى" أن حارس المرمى أبو ليلى كان يقظا وأنقذ مرماه بردة فعله القوية. ولم يستطع الأردنيون التوقيع على هجمات قوية بالشكل الذي كان يتطلع إليه الأردنيون سوى في الدقيقة 45+2 عندما سدد موسى التعمري كرة قوية أمام المرمى صدها خط الدفاع، وتحولت الكرة للزاوية. واتضح خلال مجريات الشوط الأول أن الحلول كانت منعدمة تماما أمام لاعبي الأردن من أجل الضغط على مرمى العنابي وتهديد شباكهم، لذلك كان لابد من تدخل المدرب عموتا بتحريك حصانته التقنية والتكتيكية خلال الشوط الثاني، لكن مع مدى قدرة لاعبيه على تطبيق تعليمات مدربهم بحذافرها. وظهرت ملامح اللعب الدفاعي في صفوف المنتخب القطري مع بداية الشوط الثاني، مع بحث الأردنيين عن تليين طريقة لعبهم، وإيجاد الحلول التي تخول لهم بلوغ مرمى "العنابي" وتسجيل هدف التعادل. ومع الضغط المستمر كاد المنتخب الأردني أن يسجل أكثر من هدف خلال الدقائق العشر الأولى من زمن الشوط الأول، خصوصا عبر التعمري وعلوان، لكن يقظة وتألق حارس المرمى مشعل برشم أنقذت باستمرار مرمى القطرين.

ويحسب للقطريين خلال الشوط الأول أنهم شلوا حركة الآلة الهجومية الأردنيين وأبطلوا مفعول الثنائي الهجومي الخطير ..

وكان التحكم في وسط الميدان المفتاح الرئيسي في شل حركة هذا الثنائي الذي ظل معزولا في كثير من الأحيان.. كما يحسن للأردنيين خلال الشوط الثاني أنهم تحركوا أكثر، وتخلصوا من غبن الشوط الأول، وباتوا أكثر تحررا وحماسا وإصرار على الضغط.

وفي الدقيقة 67 حقق المنتخب الأردني ما كان يطمح إليه وتمكن من تسجيل هدف التعادل بعدما استمر في ضغوطاته، وجاء الهدف عبر يزن النعيمات الذي توصل بتمريرة رائعة تعامل معها بشكل رائع أيضا.

وبعد هدف التعادل إشتعلت الضغوطات القطرية من جديد واستطاع "العنابي" أن يحصل على ضربة جزاء ثانية في الدقيقة 71 حولها معز علي إلى هدف ثان ليتقدم القطريون بنتيجة (2 – 1). وهو الهدف الذي أعاد الثقة لـ"العنابي" ليظل صامدا ومسيطرا وصاحب القرار.

ودفعه بالتالي إلى إغلاق كل المنافذ بإحكام مع الإعتماد على المرتدات المضادة السريعة.. وهو ما منحه ضربة جزاء ثالثة سجل منها أكرم عفيف الهدف القطري الثالث في الدقيقة 90+4.

وفي المقابل لم يستطع المنتخب الأردني العودة في المباراة بعدما تلقى الهدف الثاني، رغم أن بعض هجوماته كانت تكتسي طابع الخطورة بين الفينة والأخرى، إلى أن إنتهت المباراة "عنابية" عن جدارة واستحقاق بنتيجة (3 – 1).