وصلنا لحد كارثي وأصبحن في ورطة مع الكرة الإفريقية

هو حوار غير عادي مع مدرب غير عادي، هو عزيز العامري الذي خرج عن صمته وسمى الأشياء بمسمياتها بجرأة فائقة، وقال بصريح العبارة بأن منتوجنا الكروي أصبح في هوادة ملحوظة، وأن العاملين في المنظومة الكروية يتحملون المسؤولية في هذا الوضع، وأضاف بأن مبارياتنا أصبحت تفتقد للفرجة والمتعة والمردود التقني المطلوب، ودعا المدربين إلى مشاهدة المباريات العالمية يوميا للإستفادة، مؤكدا بأن فريقين فقط في البطولة يقنعان أداءا ونتيجة هما الفتح الرباطي بالدرجة الأولى والمغرب التطواني الذي إستعاد عافيته، وأشار على أن المدرب وليد الركراكي هو الأفضل حاليا في البطولة.

المنتخب: ما هو تقييمك لأداء الأندية الوطنية في مرحلة الذهاب؟ هل إستطاعت هذه الأندية من الإرتقاء بمنتوجها؟

العامري: في الواقع لا بد وأن نكون منطقيين وواقعيين في أجوبتنا، ليس هناك تحسن في أداء فرقنا الوطنية، فالمستوى وصل للحد الذي شاهدناه في «الشان»، لذلك إذا لم نقم نحن كأطر وطنية ولاعبين بمراجعة أوراقنا، فإن الكرة الوطنية ستعود للوراء، في الوقت الذي تشتغل فيه الدول المجاورة العربية والإفريقية لتطوير مستوياتها برغم أننا نتوفر على موارد مالية مهمة أفضل منها نسبيا، وهذا التوقف الإضطراري في المردود والأداء له عدة أسباب، منها أننا كأطر بحاجة للاعبين لهم تكوين، وهنا أفتح قوسا لأقول بأننا نعاني من لاعبين يفتقدون للأدوات التقنية، ويتطلب منا كأطر إعادتها معهم في الحصص التدريبية، في الوقت الذي يجب أن يكون اللاعب جاهزا عند قدومه للفريق الأول.

المنتخب: أشرت على أن المنتوج الكروي الوطني وصل لمستوى محدود، ألا تتحمل الأطر الوطنية مسؤولية هذا المستوى؟

العامري: المسؤولية يتحملها كل العاملين في هذه المنظومة، من أطر تقنية ولاعبين ومسيرين وجميعهم يجب أن يخضعوا لتكوين من المستوى العالي، لأنه لا يعقل أن نرى مسيرين يتدخلون في التعاقدات وفي كل ما هو تقني، الشيء الذي يجعل المنتوج الكروي الوطني يتراجع، وحتى بعض المدربين «عاجبهم الحال» في هذا الأمر، وتبقى الكرة الوطنية ضحية هذه المشاهد غير المقبولة، ثم تأتي في الخانة الثانية المنتخبات الوطنية التي ستفتقد للاعبين مؤهلين ومجربين، لهذا علينا العمل، ومحاولة تطوير إمكانات اللاعبين وإضافة بعض الأشياء لهم مثل كيفية الوقوف في الملعب والتعامل مع المنافس والتعامل مع الكرة في جميع مناطق الملعب، وهذه هي الأشياء التي نحاول إضافتها إلى اللاعبين، ونتدرب عليها يوميا، ولهذا ظهر المغرب التطواني منظما خلال مسيرته الكروية من الناحيتين الدفاعية والهجومي.

المنتخب: كنت قد صنعت من المغرب التطواني فريقا نموذجيا في الأداء وعرف بالكرة الجميلة التي فاز بها بلقبي البطولة والمشاركة في كأس العالم للأندية وكأس عصبة أبطال إفريقيا، ما هي الآليات التي إشتغلت عليها في هذا الصدد؟

العامري: أولا لا بد من التذكير على أنني وصلت لــ 30 سنة في عالم التدريب، وفي كل هذه السنوات كنت أبحث عن الجديد، علما أنني مارست الكرة في مستوى عالي جدا، مع لاعبين من الوزن الثقيل، كما أنني دخلت غمار التكوين مبكرا بفرنسا، وبالضبط بالمعهد الوطني ليجي،  كنا نشارك مع الفرنسيين، الذين كان لهم شأن كبير آنذاك، وكنت محظوظا أن إشتغلت مع أسماء بارزة منها طاكاك، هنري ميشال، وكان هيدالغو هو من يشرف على التكوين وجيرار بانيد، غيران، جورج بولون، ما يعني أننا خضنا تكوينا من المستوى العالي، وبالضبط عام 1986 وهي السنة التي إعتزلت فيها ممارسة الكرة وتحولت لعالم التدريب، كما أنه تجب الإشارة إلى أن مروري بالجيش الملكي وحمل قميصه كان له الأثر الكبير في تكويني لكوني كنت أمارس تحت إشراف المدرب الكبير المرحوم كليزو الذي إستفدت منه الشيء الكثير، وكنت حريصا على أن أتعلم منه أبجديات التدريب والواقع بفضل الجيش الملكي وكليزو وصلت لهذا المستوى، كما أنني بقيت مداوما على التكوين على مستوى الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، ثم بألمانيا، ولكن يبقى أهم تكوين لكل مدرب هو أن يتابع العديد من المباريات في البطولات العالمية، والعربية ويحدد على الأقل ثماني ساعات في مشاهدة بعض المباريات، حتى يستفيد ويعمق تجاربه.

المنتخب: وماذا عن الكرة الجميلة التي صنعتها بتطوان؟

العامري: المغرب التطواني إستفاد من هذه التجربة التي راكمتها طيلة هذه السنوات، الحمد لله صنعنا فريقا نموذجيا كان يلعب كرة جميلة فزنا بها بلقبين في ظرف ثلاث سنوات، ثم شاركنا في كأس العالم للأندية ثم كأس عصبة أبطال إفريقيا، إلى درجة أن الجمهور المغربي بكامله أشاد بالكرة الجميلة التي يلعبها المغرب التطواني، وتمنيت أن تشمل كل الأندية الوطنية لما فيه نفع كبير للمنتوج الكروي الوطني.

المنتخب: بعد تجربة المغرب التطواني جاءت تجربة أولمبيك آسفي، حيث تفاجأ الكثيرون كيف تعاقدت مع فريق كان يعيش عدم الإستقرار؟ لماذا فضلت القرش عن أندية كبيرة كالرجاء والوداد ثم الجيش الملكي؟

العامري: تربطني بمدينة آسفي علاقة خاصة، وبساكنتها وجمهورها روابط مثينة لسنوات، والواقع ما شجعني على الإرتباط بأولمبيك آسفي ، هو الرئيس الدبيرة الذي وجدت فيه كل مواصفات المسير الناجح، والذي أقنعني بمشروعه، وكان واضحا في حديثه معي، لهذا لم يكن هناك أدنى تردد في قبول الدعوة، خاصة وأن كل مكونات الفريق كانت تتطلع إلى أن نعيد تجربة المغرب التطواني بآسفي، وفوق ذلك أردت أن أرد بعض الجميل لهذه المدينة التي عشت فيها لسنوات وحققنا إنجازا تاريخيا عندما حققنا الصعود بعد إنتظار 42 سنة، الذي ينسب للمدينة ولمسيريها آنذاك ومنهم السيد أحمد غايبي، ثم للجمهور الآسفي، الذي كان السبب في عودتي للفريق.

المنتخب: الأندية الوطنية تعيش مدا وجزرا خاصة التي ستدخل الواجهة الإفريقية، الوداد لم يستقر في الدورات الأخيرة، أولمبيك خريبكة في المركز الأخير، والكوكب يعيش معاناة كبيرة، كيف تقرأ المشاركة المغربية القادمة في المنافسات الإفريقية؟

العامري: أي تطور في أداء أي فريق يكون من ورائه مدرب محنك وفي المستوى، بدون هذه الآلية، لا يمكن للفريق أن يسير نحو الأمام برغم الإنتدابات التي قد يقدم عليها، لأنه سيعتمد على الفرديات، والكرة تتطلب اللعب الجماعي المبني على خلق الفرص والبناءات الهجومية، وهذا المنهج التقني يعطينا الفرجة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الإستمرار في النتائج التي تأتي بالصدفة، عن طريق ضربات الأخطاء أو الزوايا، اليوم الفريق الذي يعطي النموذج في الأداء والإقناع والمردودية والنتائج هو الفتح الرباطي، إذ يمكن لأي أحد منا أن يتفاءل بمستقبل هذا الفريق، لأنه ينتصر بالأداء ويؤكد أنه أقوى من الخصم، ويميل للمستوى الذي كان عليه المغرب التطواني، علما أن مدرب الفتح وليد الركراكي كان دائما يشيد بأداء المغرب التطواني، ومولعا بالفلسفة التي كنت أشتغل عليها، لهذا أقول بكل تجرد وحياد يجب أن يكون لنا أطر مثل وليد الركراكي.

المنتخب: مستوى البطولة الوطنية لم يعد مستقرا، أندية كانت بالأمس القريب تخلق المعجزات واليوم هوى صرحها، وأخرى صعدت نحو القمة، ماذا حصل لبطولتنا ولأنديتنا؟

العامري: يجب أن نعترف بأن الجميع يبحث عن النقاط الثلاث، لذلك أقول بأن الأداء شيء والنقاط الثلاث شيء آخر، لذلك أعود وأكرر بأن الفتح الرباطي ومعه الآن المغرب التطواني هما من يقدمان الإقناع في الاداء والنتيجة، فالفتح الرباطي عندما عاد أصبح يقنع أداءا ونتيجة فهو اليوم في الصدارة وعندما لم يكن كذلك كان يتواجد في الصفوف الوسطى، إضافة إلى المغرب التطواني الذي كانت بحوزته نقطة واحدة وفي أسفل الترتيب العام اليوم أصبحت تنافس على المراكز الأولى، وسرني جدا التصريح الأخير للمدرب الإسباني لوبيرا عندما تحدث عن الفريق قبل مجيئه، لأن أسلوب الفريق يستمر، خذ مثلا برشلونة برغم رحيل كريف، وغوارديولا، فإن الفريق الإسباني ظل محافظا على أسلوبه، ويتغير عندما يرحل جل اللاعبين ويأتي مدرب جديد حينذاك يصبح للفريق أسلوب آخر، لهذا لا بد من التأكيد على أن أسلوب اللعب والنتيجة هما ما يميزان أي فريق، والنتيجة تأتي من خلال خلق الفرص والأداء، مع كامل الأسف بعض المدربين يجدون أنفسهم في ورطة بسبب أسلوب اللعب الذي كانوا يعتمدونه، ما جعلهم مهددين في المراكز السفلى، لأن المهم بالنسبة لهم هو الفوز بالنقاط الثلاث، وعندما يستعصي عليه ذلك يدخل في الأزمة.

المنتخب: وهل وجدت صعوبة كبيرة في خلق الكرة الجميلة بأولمبيك آسفي من خلال هذا المعطى الذي قدمته؟

العامري: لا بد من التذكير على أن أولمبيك آسفي لعب كرة جميلة سنوات 2004، 2005 و2006، فقط تغيرت المنهجية والأسلوب مقارنة مع المغرب التطواني، فمجيئي لهذا الأخير وكذلك للأولمبيك فيهما إختلاف كبير، إذ أن الفريق التطواني كان يلعب بميدانه، وإرتبطت به قبل 8 أشهر وكان يلعب من أجل تفادي النزول، عندما كان يحتل المركز 14، وتتذكرون قضية اللاعبين 14 الذين غادروا الفريق فإضطررنا إلى تشكيل فريق جديد من الشبان وفزنا معهم بالشالنج، وفيما بعد بالبطولات والمشاركات الخارجية، ما يعني أنه كان لدي متسع من الوقت لإعداد الفريق التطواني، الآن بآسفي الوضع غير الذي ذكرته لك، بوجود مشروع جديد، وفق مراحل حددنا لها أهدافها، أولا الحفاظ على الفريق بمكانته في الصفوف الأمامية، بعد العودة لملعبنا ولجمهورنا، وخلال السنة الموالية سننافس على اللقب بعد أن تتوفر لنا كل الإمكانيات، مع وصول اللاعبين لمرحلة مهمة من النضج، وسنعمل على إدماج بعض الشبان في مرحلة الإياب حتى يستأنسوا بأجواء المنافسة.

المنتخب: كنت قد قدمت عرضا نظريا للأطر المرشحة لنيل الرخصة «باء» وقال بحقك المدير التقني لاركيت كلمة هي العامري عجيب، هل تفكر في قادم الأيام دخول مجال تكوين المدربين؟

العامري: فعلا قدمت عرضا نظريا أمام الأطر الوطنية المرشحة لنيل الرخصة «باء» وأفتخر بكل الشهادات التي قيلت في حقي، والواقع كنت سعيدا بالدعوة التي تلقيتها من المدير التقني ناصر لاركيت ومورلان، وهذه أول مرة يقدم فيه مدرب مغربي عرضا نظريا من خلال مباراة أولمبيك آسفي وأولمبيك خريبكة بمراكش التي كانت غنية بالفرص، لأقدم للأطر بأنه يمكن في ظرف ثلاثة أشهرالعمل على تحويل فرقهم نحو الأداء المطلوب، وتعمدت تقديم هذه المباراة بدل من أخذ نماذج من مشواري مع المغرب التطواني.