لا مستحيل ولا عراقيل لنتوج أبطالا
بن شيخة والدي ومدربي الذي أتعلم منه في الكرة والحياة

أبرق كالنيزك في سماء طنجة هذا الموسم للمساته وتقنياته التي يتحدث عنها الصغير قبل الكبير، فصار مدللا لجماهير الإتحاد التي تعتبره كريستيانو فارس البوغاز لتشابه طريقة لعبهما رغم الفوارق في كل شيء.
حمودان أو الشاوني كما يناديه العشاق فرض نفسه كواحد من الأجنحة السريعة والخطيرة في البطولة الإحترافية، وبات قطعة غيار أساسية وورقة رابحة في يد المدرب الجزائري عبد الحق بن شيخة.

- المنتخب: بعد تراقص في النتائج خلال الدورات الماضية حققتهم فوزا إستراتيجيا وعريضا ضد المتصدر الوداد البيضاوي، هل توقعتم الفوز وبتلك الحصة؟
حمودان: صراحة لا، بل كنا خائفين جدا من المواجهة التي كنا نعتبرها كسد ولقاء حاسم وفاصل في مشوارنا خلال ما تبقى من الموسم، قضينا فترة إستعداد بضغوطات نفسية كبيرة ونحن نحضر لموقعة الوداد القوي والمتزعم والمرشح الكبير للحفاظ على درع البطولة، والحمد الله توفقنا في تحويل الخوف إلى إندفاع فور صافرة البداية، وقد تحررنا أكثر حينما سجلنا الهدف الأول في الدقائق الأولى من المواجهة.
- المنتخب: شاهدنا إتحاد طنجة مندفعا وصارما تكتيكيا ولم يظهر أبدا الفارق بينكم وبين الوداد المتصدر..
حمودان: في كرة القدم لا يمكن التكهن بالمستوى الذي قد تظهر به في المباراة رغم التحضير الجيد سواء تقنيا أو بدنيا أو نفسيا، فمجريات اللقاء والكثير من الأشياء تتدخل لتعطيك الأفضلية أو تمنحها لخصمك، ضد الوداد كان اليوم حليفنا وإبتسمت لنا الكرة فحققنا نصرا ثمينا ومستحقا أسعدنا به أنفسنا والأنصار التي حضرت بكثافة كالعادة.
- المنتخب: هل الصورة التي أظهرتموها والفوز بثلاثية بيضاء هي الوجه الحقيقي لإتحاد طنجة هذا الموسم؟
حمودان: منذ بداية الموسم ونحن نقدم مباريات جيدة ونبصم على حضور رائع علما أننا قادمون من القسم الثاني، لا أحد توقع أن نكون بين طابور المقدمة وننافس بقوة وعناد الأندية التي إعتادت المنافسة على المراكز الأولى، فمن يشاهد مباريات الإتحاد سيتأكد له أن الفريق متماسك ومنسجم يلعب كرة حديثة ومنظمة بعيدا عن الخوف أو الضغط التي تعاني منه عادة الفرق التي تصعد حديثا، والذي يجعلها تتوجس المغامرة وتتراجع للوراء تفاديا للهزائم أكثر منه بحثا عن الإنتصارات.
-المنتخب: ألم يخالجكم الشك وأنتم تضيعون سلسلة من النقاط خلال إنطلاق مرحلة الإياب؟
حمودان: صحيح لم نفز خلال أربع مباريات متتالية وظهر جليا أن فترة التوقف الطويلة أضرتنا أكثر مما أفادتنا، لكن سرعان ما عالجنا الأمر ولحسن الحظ أننا لم نخسر الكثير والأندية التي كانت تسبقنا في الترتيب لم تفز إلا بالقليل، فالأمور ظلت تقريبا على حالها فتم إجتياز مرحلة الفراغ سريعا ودون أن نتأثر، والأهم من كل ذلك أن الثقة ظلت على حالها لقوتنا الذهنية التي نستمدها من روح الفريق بقيادة المدرب عبد الحق بن شيخة.
- المنتخب: على ذكر بن شيخة، ماذا قدم لكم كمدرب؟
حمودان: أولا فأنا أعتبر عبد الحق بنشيخة كوالدي قبل كمدربي، إنه إنسان غاية في الأخلاق والطيبوبة ويحب الخير للاعبيه بشكل حميمي وكأنه أب للجميع، بعض اللاعبين سبق وأن دربهم ويعرفون فلسفته ولهذا تنقلوا معه إلى الإتحاد وهذا يدل على الحب والثقة التي تجمع هذا المدرب باللاعبين، موسمي الأول معه مثمر ومفيد جدا، كيف لا وأنا الذي أتعلم منه الكثير داخل أرضية الملعب وخارجه، إنه مربي يعطيني الدروس أيضا في الحياة الشخصية بتوجيهاته ونصائحه التي لا يمكن أن يقدمها لك مدرب آخر يعتبر دوره ينتهي بمغادرة الملعب.
- المنخب: وعلى المستوى الجماعي ماذا يمكن لك القول حول طريقته في التدريب والتعامل مع اللاعبين؟
حمودان: هو مدرب صارم داخل أرضية الملعب ويتبين هذا في المباريات، فهو من نوعية المدربين الذين لا يجلسون في كرسي الإحتياط ويتابعون اللقاءات بهدوء ويدونون الملاحظات، بن شيخة مدرب لا يهدأ في المباراة فتراه يصرخ في وجه هذا ويعاتب الآخر فتتشنج أعصابه بحدة، وبعيدا عن الملاعب يتميز بالهدوء التام والإنسانية والتعامل كرجل المهمات الصعبة، أعتبر أن شخصية الإتحاد هذا الموسم صورة تعكس عقلية وفلسفة المدرب بن شيخة صاحب الكرة الواقعية التي تتأسس على الإنضباط التكتيكي والدفاع الصارم والهجوم الناجع.
- المنتخب: بالحديث عن شخصية الفريق نرى بأنه مزيج بين الشبان والمخضرمين، كيف ترى هذا الخليط وما هي إيجابياته وسلبياته في أول موسم بعد الصعود؟
حمودان: كان من الطبيعي أن يتعاقد الفريق مع لاعبين مخضرمين لهم الخبرة والتجربة في البطولة الإحترافية حتى تكون لدينا المناعة لمقارعة الكبار والتعامل مع الظروف ومراحل الموسم الطويل والشاق، المدرب بن شيخة وفور قدومه وضع مخططا مع المكتب المسير ومع اللاعبين وفق هدف البقاء في البطولة الإحترافية، فجهز الكومندو الخاص بهذه المهمة بعناصر شابة وواعدة منقحة بمخضرمين أمثال الغريب ورفيق والهيلالي وآخرين، ومع مرور الدورات حصل الإنسجام السريع بين القدامى والجدد وتبين أن الخليط ناجع والوصفة موفقة، لا توجد سلبيات في هذا المزيج الذي أراه مفيدا وأساسيا بالنسبة لفريق عائد من بعيد وحديث الصعود ويمني النفس لإسترجاع مكانته وهيبته تدريجيا مع الأندية المغربية الكبيرة.»
- المنتخب: يبدو أن هدف الصعود صار متجاوزا بعدما دخلت البطولة الإحترافية منعرجها الحاسم وأنتم بين طابور المقدمة..
حمودان: لن أراوغك (ضاحكا)، لو سألتني هذا السؤال قبل دورات لقلت بأن هدفنا هو البقاء لكن الآن لا يمكن لأحد منا أن يخفي المبتغى الرئيس وهو المنافسة على الدرع، البقاء ضمناه منذ أسابيع وإيقاع البطولة والفارق الضئيل بين الأندية مكننا من زيادة فتح الشهية والطمع أكثر، اللقاء الأخير ضد الوداد كان مصيريا، إذ لو إنهزمنا لكنا خارج السباق بنسبة كبيرة لأن الوداد كان سيوسع الفارق، لكن الحمد لله إنتصرنا وإقتربنا منه وأشعلنا السباق من جديد، سنقاوم وسنقاتل على كل نقطة في اللقاءات المتبقية، وبالتأكيد لن نستسلم ولو تحقق اللقب سنكون أسعد الناس في موسم خرافي على جميع المقاييس.
- المنتخب: لكنكم بالمراهنة على الدرع الآن ستضعون أنفسكم تحت الضغط وضرورة تحقيق الإنتصارات للبقاء في المطاردة.
حمودان: لن نخسر شيئا وحتى لو فقدنا الصراع وخانتنا السرعة النهائية سنحاول المنافسة على مراتب مؤدية للمنافسات الإفريقية، الأندية التي تنافس على اللقب معروفة وأي خطأ أو تعثر يعني منح الأفضلية للآخر وتبادل المراتب، الضغط كله على من يتقدمون علينا في الترتيب والذين إعتادوا على التتويج.
- المنتخب: من ترشح للفوز بالدرع؟
حمودان: بدرجة أولى الوداد البيضاوي الذي يبقى المرشح الأول لمجموعة من الأسباب، فرغم أننا إنتصرنا عليه بثلاثية نظيفة إلا أنه يبقى ضلعا ثقيلا جدا وتاريخه وفلسفته تجعلان منه بطلا لا يرض بغير البطولات، وهذا الموسم أراه بكثيبة بشرية غنية جدا ويفوز بمباريات أحيانا بلاعبيه الإحتياطيين الذين لا يقلون قيمة عن الرسميين، لا أعتقد بأن المنافسة الإفريقية ستعيقه شأنه شأنه الفتح الرباطي العنيد والمجتهد بلاعبين جيدين ومجموعة منسجمة لا تستسلم وتتحين الفرص للإنقضاض على الصدارة، ويأتي بدرجة ثالثة الرجاء البيضاوي العائد بقوة في مرحلة الإياب والمتوفر على عقلية البطل، أظن بأن الثالوث الوداد والفتح والرجاء هم الأوفر حظا للتتويج لكن المفاجأة واردة من إتحاد طنجة الذي ليس لديه ما يخسره بعدما حقق هدفه الأول والرئيس هذا الموسم وهو البقاء.
- المنتخب: قبل دورات قليلة من نهاية البطولة الإحترافية وبغض النظر عن حسابات التتويج، كيف تقيم موسم الإتحاد في أول رحلة بعد الصعود؟
حمودان: الإتحاد تكوّن الموسم الماضي مع المدرب السابق أمين بنهاشم الذي أسس نواة طيبة وحقق مبتغى مدينة بأكملها حينها أهداها الصعود إلى البطولة الإحترافية بعد غياب لسنوات، بعده جاء المدرب بن شيخة بخبرته وعقليته ومخططاته التي لاءمت مشروع الفريق، لسنا بالفريق النموذجي والغني بميزانيته وتركيبته البشرية لكننا صنعنا فريقا قويا بإمكانياتنا الذاتية، شحنا أنفسنا بأنفسنا وتوحدنا كعائلة، وإنصهرنا في مشروع الإدارة والمسؤولين بمساندة مطلقة وغاية في الأهمية من الجمهور الرائع الذي كان بطاريتنا داخل وخارج قواعدنا، فالمسار هذا الموسم جيد وناجح وما تواجدنا في المراتب الأولى قبل دورات من النهاية إلا دليل على نجاح المشروع وإنسجام المكونات وقوة روح الفريق.
- المنتخب: على الصعيد الشخصي هل أنت راض على أدائك مع الإتحاد هذا الموسم؟
حمودان: نعم، وأنا في غاية السعادة والرضا لأنني صرت مكونا أساسيا وعنصرا مهما ومساهما رئيسا في النتائج التي يحققها الإتحاد، صحيح عانيت في بداية الموسم ووجدت بعض الصعوبات وتراقصت بين الرسمية وكرسي الإحتياط إلا أنني سرعان ما أمسكت بالمقود ووضعت البصمة، علما أنني أعتقد بأن مستواي الحقيقي لم يظهر بعد كوني لم أقدم كل ما في جعبتي.
- المنتخب: الجماهير تعشقك طريقة لعبك وتعتبر السهم القاتل في الخط الهجومي للفريق، ما تعليقك؟
حمودان: الحمد لله أنني أفلحت في إقناع الجمهور بمؤهلاتي وإستطعت أن أسعدها في العديد من المرات كما أحبطتها في بعض المناسبات، اللاعب يبقى بشرا يصيب ويخطئ ومن الهفوات نتعلم، أشكر المدرب بن شيخة الذي يمنحني ثقته ويحاول جاهدا تطوير ادائي حتى ألعب من أجل المجموعة.»
- المنتخب: لكننا نشاهده يعاتب في العديد من الأحيان أثناء المباريات..
حمودان: المدرب يعاتبك لأنه يريد لك الخير ويريد مصلحتك ومصلحة الفريق، لست رونالدو أو ميسي حتى أتجنب أو أترفع عن التعليمات والتوجيهات أو أكون أنانيا في لعبي، ما زلت في الطريق وأظن بأنني أتوفر على الكثير من نقاط الضعف علي إصلاحها، سأواصل في تنفيذ التعليمات التي يطلبها مني المدرب والحرص على خدمة الفريق بروح جماعية وإيثار مستغلا إمكانياتي ومؤهلاتي التي يراها الجمهور نقطة قوتي.
- المنتخب: كيف وجدت التباري في البطولة الإحترافية وأنت الذي تتذوق حلاوتها لأول مرة؟
حمودان: « إنها بطولة مغرية وفرصة سانحة للاعبٍ شاب وطموح قادم من أقسام الهواة مثلي، التباري ممتع ومختلف كليا عن ذلك الذي كنت أمارس فيه خلال السنوات السابقة، وأعتبر أن الإجتهاد والموهبة سلاح أي لاعب واعد يريد فرض نفسه مع اللاعبين المخضرمين والمتميزين على الصعيد الوطني.
- المنتخب: ما هي الفوارق التي لمستها بين الهواة والنخبة؟
حمودان: بحكم معرفتي الجيدة بأقسام الهواة الذي لعبت فيه لسنوات مع الإتحاد الرياضي الشاوني وطلبة تطوان وإف سي تطوان فأنا أكاد أجزم بأني الفارق ضئيل أو غير موجود فيما يخص المواهب والمؤهلات التقنية، البطولة الإحترافية تتفوق ماليا ولوجيستيكيا لا غير أما الكرة فهي واحدة والقواعد مشتركة، الهاوي ينافس المحترف وقد يكون أفضل منه بكثير إذا ما تحصل على الفرصة والعناية والسند المناسب.
- المنتخب: أي أهداف رسميتها لمسارك الكروي؟
حمودان: تسلقت الدرج بهدوء ولم أحرق المراحل، تعذبت وإجتهدت وإنطلقت من الصفر لأصل إلى البطولة الإحترافية وأشرع في كتابة إسمي رويدا رويدا مع الكبار، أنا في طنجة مع الإتحاد للموسم الثالث على التوالي وقد جاء حصيلة لعمل سابق إنطلق قبل أعوام، أريد التركيز ومواصلة إثبات الذات مع فارس البوغاز وما زلت أرتبط به لموسم آخر، لا أعلم ما تخفيه الأيام والمستقبل بيد الله عز وجل، طموحي الكبير في مسيرتي هو الإحتراف الأوروبي، حيث أحلم كالمجنون باللعب في الليغا ثم حمل قميص الفريق الوطني.
- المنتخب: هل من شيء ندمت عليه؟
حمودان: شيء واحد وقد كان هذا الموسم، فمنذ بداية التحضيرات للموسم عقدت العزم على التألق واللمعان حتى أجذب أنظار الناخب المحلي السابق امحمد فاخر لكن للأسف لم أتوفق، فالإصابات وعدم الرسمية في البداية لم يساعداني على التميز ومرافقة زميلي عبد الغني معاوي مع الفريق الوطني للمحليين، كنت أتطلع للدولية في الشان لكن القادم أفضل إن شاء الله.
- المنتخب: ما هو مركزك المفضل والذي ترتاح فيه وتتميز فيه أكثر؟
حمودان: في أقسام الهواة كنت ألعب كمهاجم وأتفنن في تسجيل الأهداف التي كانت مهمتي الأولى، بعد إلتحاقي بطنجة وخلال الموسم السابق والحالي أصحبت ألعب في الأروقة في دور الجناح السريع الذي يخترق ويتوغل ويمرر أو يسدد، هو مركز لا يزعجني ويمنحني أريحية مقيدة بضوابط تكتيكية حسب سياق المباريات، الهجوم والمرواغة ورمي الخطورة في معترك الخصوم شغلي الذي لا أتقن غيره. 
- المنتخب: ماذا عن جمهور طنجة الذي يهتف بإسمك في كل مباراة ويحب طريقة لعبك؟
حمودان: أشكره على الدعم والتشجيع الذي يخص به اللاعبين جميعا وأنا فرد منهم، هو مثال للجمهور الحضاري المتخلق وخير سند للإتحاد، أدعوه لمواصلة المؤازرة بالديار كما خارجها وأتمنى أن نسعده بأجمل هدية خلال نهاية الموسم.»