«ماحدها كتقاقي وهي كتزيد فالبيض»، ومن يعلق آمالا على نهاية حرب البسوس المعلنة بين بودريقة والناصيري فإنه كمن يطبل في الماء، لأنه ما إن يلعن أحدهما شيطانه حتى يخرج واحد منهما كالمارد ليرش الثاني بالنار.
لم يسبق في تاريخ الرجاء والوداد وصراعهما العريق الممتد لأكثر من نصف قرن، وأن سادت فصول الضرب المبرح من تحت الحزام كما هي اليوم بين رئيسين لم تنفع معهما لا جلسات مطاعم الكورنيش وحتى فصول مأدبات صالونات المحمدية ولا حتى سفرياتهما المشتركة لإذابة جليد الحقد حتى لا نقول الخلاف، لأن ما بين الرجلين أكبر من خلاف بسيط ويرتقي لخانة ما هو أعظم.
خروج بودريقة من رحاب الجامعة سيجعل اللعب على المكشوف والمعارك بين الرجاء والوداد سيحمى وطيسها أكثر، ولن تسود فيها لا أخلاق الفرسان ولا مواثيق أمم متحدة وكل الأسلحة مباحة بما فيها أسلحة الدمار الشامل، طالما أن لجنة التفتيش المفروض أن تكون الجامعة راعية لها هي بدورها طرف في أم المعارك هاته.
تناولنا وبكثير من الإسهاب الذي تسبب للبعض في التخمة قفز الرئيسين المحترمين على عديد مضامين مذكرة تفاهم حضرها لغاية الأسف وزير سابق ورئيس جامعة حالي، وكأن من حضر يومها ليكونوا شهودا على صلح «الأشقاء الأعداء» كانوا مجرد تأثيث للديكور ليس إلا.
إعتقد البعض أن قفز بودريقة من سفينة الجامعة ورفعه دعوى قضائية ضد الناصري لحفظ شرفه من السفاهة التي رماه بها رئيس الوداد، ورد الناصيري بدعوى مماثلة لحفظ شرف العصبة الميتة والعصبة التي لا ذمة مالية ولا استقلالية لها، ولا تتحرك إلا بالريموت كونترول، طالما أنها ما تزال تحت حضانة الجامعة، قلت رأى البعض أن هذا يكفي ويفي بالغرض، لأنه لم يسبق في تاريخ علاقة الناديين وإن ساد توتر كالذي بلغه الوضع حاليا.
الناصيري كان له رأي مخالف وما إن هدأت العاصفة حتى باغت الكل بخطفه لاعبا من مركز الرجاء وهو محسن مهتدي، بعدما إنتظر البعض ممن يصدقون حكايات وتصريحات تصريف الأزمات، أنه سيأتي بالفعل بصامويل إيطو.
بدا أن حكاية إيطو كانت فقط لامتصاص الغضب الساطع الذي فرضته ثلاثية الفاتح من شعبان بطنجة، وأن إيطو الذي بشر به جورج ويا والناصيري هو المهتدي لاعب الرجاء ولا فرق بين الإثنين إلا بالتقوى.
المهتدي هذا ليس باللاعب الخارق ولا هو اللاعب الذي سيحمل الوداد على أكتافه ليربح العصبة ولا حتى هو اللاعب الذي سيبكي الرجاويين عليه الأطلال، إلا أنه في منظور رئيس الوداد هو مكسب وانتصار معنوي على غريمه في لعبة الكر والفر المعلنة منذ وقت طويل.
كلما اشتدت الأزمات داخل الرجاء أو الوداد إلا ويجنح رئيسا الناديين لتصريف النقاش بعيدا عن صلب الموضوع، صوب ضفة أخرى وهو ما حاول الناصيري نهجه من خلال هذا الفتح المسمى «صفقة مهتدي» بعدما حاصرته نتائج فريقه التي لا تسر على كل حال وبعدما رمته نبال الوينرز وسهام هذا الفصيل ويخشى أن يؤكل يوم أكل الثور الأبيض والثور الأبيض أكل بالبارادايز.
لن يهضم بودريقة أن الناصيري تجرأ على اختراق محميته الخضراء ليوقع للاعب أكل وشرب وتربى بالوازيس، وسيصر على الرد ويرفع شعار إراقة الدم على جوانب الشرف الذي لم يسلم من أذى الغريم.
سيفتش بودريقة في سجلات لاعبي الوداد للقصاص مما لحقه من عار كما يتصوره بعقلية مناصر «المكانة» لا رئيس فريق «الشعب».
المهتدي وبتشو والأندلسي وعزمي وعبد الرفيع وأنيني وميلازو، وغيرهم كثير في قائمة الغنائم والغارات المتبادلة بين الطرفين، لأنه بين بودريقة والناصيري الحرب مفتوحة وكل شيء مباح ولا فرق بين سلب لاعب أو مدرب أو حتى طبيب من الضفة الأخرى، لذلك لا تستغربوا إن كانت شيمة أهل كرتنا الرقص بضرب كبيريهما للدف؟