يعتبر ديديي ديشان مهووسا بتحقيق الانتصارات وقد رافقته طوال مسيرته، لذا يأمل مدرب منتخب فرنسا لكرة القدم أن يستمر حظه خلال كأس اوروبا 2016 على ارضه لتكرار انجاز الزرق عامي 1984 و2000.

مزينا باجمل سجل، كان قدر قائد ابطال العالم 1998 واوروبا 2000 محتوما بشغل المنصب الاكثر تسليطا للضوء في البلاد. يصعب تحدي شرعية تعيينه، فقد احتفظ من سنوات احترافه في ايطاليا (مع جوفنتوس بين 1994 و1999) بثقافة الفوز.

ولم يغير انتقاله الى مقاعد التدريب شيئا في هذا الصدد. هو اخر مدرب يقود فريقا فرنسيا الى نهائي دوري ابطال اوروبا (مع موناكو عام 2004)، وحصد 6 القاب مع مرسيليا برغم غرق الاخير في دوامة مرة خلال السنوات العشرين الاخيرة.

وبعد التعادل على ارض اسبانيا بطلة العالم في اكتوبر 2012 بهدف قاتل لاوليفييه جيرو، قال عنه ميشال بلاتيني: "نابوليون كان يقول انك بحاجة لجنود جيدين وللحظ كي تنتصر في المعارك. وديديي هكذا، كنت اسأل نفسي دوما ما اذا كان قد سقط في جرن ماء مقدس بعد ولادته".

لكن من المجحف الصاق الحظ بمسيرة القائد الفرنسي الوحيد الذي رفع كأس العالم بعد مسيرة رائعة بدأها بعمر السابعة عشرة مع نانت واحرز خلالها لقب البطولة المحلية مرتين مع مرسيليا وعصبة ابطال اوروبا 1993، ثم البطولة الايطالية ثلاث مرات مع جوفنتوس وعصبة ابطال اوروبا 1996، ثم كأس انكلترا مع تشلسي في 2000 ووصافة عصبة الابطال مع فالنسيا في 2001، قبل ان يستهل مشواره التدريبي مع موناكو ويقوده الى وصافة عصبة ابطال اوروبا 2004 ثم ينتشل يوفنتوس من محنته بعد اسقاطه الى الدرجة الثانية (2007) ويمنح مرسيليا لقبه الاول في الدوري بعد 18 سنة من الفشل (2010).

مقابل هذه النجاحات، عرف ديشان بعض الخيبات على غرار خسارة نهائي عصبة الابطال في 1997 و1998 و2001 والاهم من ذلك فشل التأهل الى مونديال 1994 بعد الخسارة التاريخية امام بلغاريا في التصفيات.

ويلخص ديشان تفسيره للعبة كرة القدم: "لا استمتع باللعب، بل استمتع بالفوز"، وهذا ما ينتظره منه الفرنسيون هذا الصيف.

لكن حجم التحدي الذي ينتظر الباسكي البالغ 47 عاما في كاس اوروبا يبدو مختلفا في ظل ضغط كبير. لن يغفر له الفشل في بطولة لطالما نجحت فرنسا بمقاربتها على ارضها.

الهالة التي حصل عليها ديشان داخل وخارج الملعب حافظت على بقائه برغم صورة متأرجحة على رأس المنتخب الازرق مني خلالها بـ11 خسارة و8 تعادلات في 45 مباراة. تساهل الاعلام معه والجمهور كما لم يتمتع معلمه ايميه جاكيه قبل انتصار مونديال 1998. لكن بمجرد ان بدأت المنافسة، لن يكون لديه الحق بارتكاب الاخطاء.

وحددت رئيس الجامعة الفرنسية نويل لوغريت الحد الادنى من النتائج: نصف النهائي. هدف طموح نظرا لامكانات منتخب فرنسا، التي بلغت ربع نهائي مونديال 2014 وتحتل فقط المركز 21 في تصنيف الجامعة الدولية.

واعتاد لاعب وسط مرسيليا السابق، والذي احرز معه لقب عصبة الابطال الوحيد لفرنسا عام 1993، المشي على حد السكين منذ قدومه لتدريب الديوك في 2012 بدلا من لوران بلان. عين لاعادة تنظيم البيت الازرق بعد فضيحة مونديال جنوب افريقيا وتردداتها في كأس اوروبا 2012.

لم يمش "دي دي" على طريق مفروشة بالورود، بين التأهل بصعوبة الى كاس العالم من خلال ملحق صعب أمام اوكرانيا (صفر-2 و3-صفر)، وصولا الى فضائح ضربت تشكيلته في الشهور الماضية.

في كل موقف، استخدم ديشان براغماتيته الاسطورية لاعادة رسم المسار. على صعيد رياضي، فهم بسرعة ضرورة الاعتماد على جيل جديد يجسده بول بوغبا ورافايل فاران وانطوان غريزمان بعد ان ضل طريقه في 2012 باستدعاء سمير نصري واريك ابيدال.

نفس النتائج قبل اوروبا 2016: تشكيلته لم تتضمن سوى 13 لاعبا شاركوا في المونديال الاخير قبل سنتين، ما يعني تجديدا عميقا في مجموعته في غضون فترة قصيرة. ولعب ديشان اوراقه فوق الطاولة، فقد استدعى 22 من اصل 23 لاعبا في معسكر مارس الاخير لخوض كأس اوروبا باستثناء الاصابات.

وراء الكواليس، كانت ادارته للفضائح نموذجا بحد ذاته. اتقن فن الاتصالات جيدا وترك بذكاء للاتحاد الفرنسي ورئيسه حل قضية الشريط الجنسي بين افضل هدافيه كريم بنزيمة وصانع الالعاب ماتيو فالبوينا.

يتكامل ديشان بشكل كبير مع لوغريت لمصلحة المنتخب، وقد مدد الاول عقده حتى مونديال روسيا 2018. لكن خروجا مبكرا من النهائيات سيعيد بلا شك النظر في مستقبل صاحب الافضلية الكبرى في اروقة الجامعة الفرنسية.