انطلقت، اليوم الاثنين بقصر المؤتمرات محمد السادس بمدينة الصخيرات، فعاليات الأيام الوطنية لكرة القدم، التي تنظمها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يومي 30 و31 ماي الجاري، تحت شعار "معا لبناء كرة قدم الغد"، وذلك بمشاركة خبراء مغاربة ودوليين. 

وسيتم، خلال يومين من النقاش، تبادل الأفكار والمقترحات حول أساليب وآليات الرقي بمستوى كرة القدم الوطنية، وتوفير كافة الشروط اللازمة لتكريس ثقافة الممارسة الرياضية الخلاقة وتحسين آداء الفرق الوطنية. 

وستشكل هذه الأيام فرصة لمجموع الفاعلين والمقررين للانخراط في استراتيجية تطوير وتنمية الكرة الوطنية"، و"قاعدة للتفكير، مع خلق حركية لتطوير الكرة الوطنية وتسريع وتيرة مسار الاحتراف".

وتتميز هذه الأيام بمشاركة أبرز الفاعلين والمقررين في مجال كرة القدم الوطنية، وحضور ثلة من الخبراء الوطنيين والعالميين من ميادين مختلفة ومتنوعة ذات صلة بكرة القدم (المالية، الضرائب، التنظيم القانوني، الطب الرياضي، الإعلام والعصب... ). 

حضر حفل افتتاح هذه الأيام السادة لحسن سكوري وزير الشباب والرياضة، ورشيد بن المختار وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، والشرقي الضريس الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، ومحمد الوفا الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، ومصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وفوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم.

وفي كلمة بالمناسبة، أكد السيد لحسن سكوري أن الوزارة عملت على القيام بالعديد من الإصلاحات في المجال الرياضي مستلهمة مبادراتها من التوجيهات الملكية السامية الواردة في الرسالة الملكية للمشاركين في المناظرة الوطنية حول الرياضة التي انعقدت بمدينة الصخيرات يومي 24 و25 أكتوبر 2008، والتي بنيت عليها مرتكزات الاستراتيجية الجديدة للرياضة الوطنية، مبرزا أن الرياضة أصبحت حقا دستوريا لكل مواطن لما لها من أهمية كبيرة في تكوين المواطن وصقل شخصيته وانفتاحه على القيم النبيلة التي تحملها الرياضة. 

وفي هذا الصدد، أكد السيد سكوري أنه تم تعزيز الترسانة القانونية بإصدار قانون التربية البدنية والرياضة 09-30 والمرسوم التطبيقي له اللذين يتضمنان عدة مستجدات تروم تقنين الممارسة الرياضية وتحسين أداء مختلف الأجهزة الرياضية الوطنية، وهيكلة المنظومة الرياضية لتساير التطور الذي تعرفه الرياضة على الصعيد الدولي ضمن المنظور الاحترافي للرياضة.

وعلى مستوى تخليق الممارسة الرياضية، أشار السيد سكوري إلى أنه تم إعداد مشروع قانون مكافحة المنشطات تمت الموافقة على مضامينه وسيعرض قريبا على المجلس الحكومي، وكذا اعتماد استراتيجية مندمجة وشمولية للتصدي لظاهرة الشغب، مشيرا إلى أن هذه الأيام الوطنية لكرة القدم ستساهم في إثراء النقاش حول هذا الموضوع وستمكن من الوصول إلى نتائج ملموسة للمساهمة في بلورة خطط مستقبلية واعدة عبر عمل تشاركي. 

من جانبه أكد السيد بن المختار أن الرياضة تحتل مكانة مهمة في الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030 باعتبارها عنصرا مهما لمواكبة مسلسل التعليم والتربية بصفة عامة، بالنظر لانعكاسها الإيجابي على الصحة والتوازن العقلي للتلاميذ، بالإضافة إلى القيم التي تنشرها كروح الفريق والمثابرة في العمل.

وبعد أن أشاد بدينامية الرياضة المدرسية في المنظومة التربوية الوطنية، بحوالي 400 ألف شاب ممارس وهيئة تدريس رائدة، ركز على مختلف محاور التنمية من قبيل الأنشطة الرياضية الجديدة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و12 سنة، ومراكز التفتح المدرسي الموجهة لاكتشاف المواهب الشابة والتعاون مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في مجال تكوين الأطر واستخدام البنيات التحتية، وكذا في إدخال مهن الرياضات في مسار الباكالوريا المهنية وتطوير جانب الدراسات الرياضية لبلوغ هدف ثانوية إعدادية رياضية على الأقل لكل جهة. 

وبعد أن ذكر بالأشواط التي قطعتها المملكة في مجال توفير منشآت رياضية ذات مواصفات عالية وتحديث أنظمة التكوين لجعلها في مستوى المعايير الدولية وتأهيل الموارد البشرية، أشار السيد الشرقي الضريس إلى أنه تبين مؤخرا مدى الحاجة إلى تعزيز سبل التنسيق بين القطاعات المعنية لضمان انتقائية برامج عملها وتكاملها بشكل يتيح التصدي لمختلف الممارسات والانحرافات المسيئة للكرة الوطنية والتي تعوق ترويجها على النحو الأمثل، مستحضرا ما عاشته مؤخرا بعض الملاعب الوطنية من أحداث مؤلمة خلفت إصابات خطيرة في صفوف المشجعين والساهرين على أمن وسلامة المواطنين والحقت أضرارا بالممتلكات العامة والخاصة. 

وأكد السيد الضريس أنه للحد من هذه الآفة الغريبة على الميادين الوطنية واحتوائها فقد تم وضع استراتيجية عمل واضحة المعالم تتضمن تدابير آنية وأخرى على المدى القريب من بينها، على الخصوص، تعزيز التنسيق المؤسساتي بين كل القطاعات المعنية عبر إعداد النص الخاص باللجان المحلية المنصوص على احداثها بالمادة 19-308 من القانون 09-09 المتعلق بتتميم مجموعة القانون الجنائي حول العنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية وتوجيه تعليمات للسلطات الإدارية المحلية والمصالح الأمنية من أجل السهر على مقتضيات القانون رقم 09-09 بالحزم والصرامة اللازمين بحق الأشخاص المتورطين في أعمال العنف الرياضي واتخاذ عدد من قرارات التنقل الجماعي للجماهير خارج العمالات والأقاليم كلما تبين أن هذا التنقل من شأنه تشكيل تهديد للأمن الوطني وتأطير السلطات الإدارية المحلية لجمعيات المشجعين عبر إشراكها في الاجتماعات التحضيرية التنسيقية معها فيما يخص الانشطة الاحتفالية التي تغرب في تنظيمها داخل الملاعب والمبادرة إلى حل الإلترات التي تتسبب في أعمال العنف.

من جانبه، ركز السيد محمد الوفا على الجانب الاقتصادي لكرة القدم، باعتبارها احتفالية تجذب شريحة مهمة من المجتمع المغربي، ومن تم، دينامية تجارية حول مختلف مكوناتها (الملاعب والأندية)، مبرزا التقدم الذي حققه المغرب في ظرف وجيز على مستوى البنيات التحتية الرياضية سواء في ما يتعلق بالملاعب الكبرى أو ملاعب القرب. 

وأكد، في هذا الصدد، أن محيط كرة القدم، الذي يمكن اعتباره مؤشرا لا ماديا على تنمية أي بلد، ينبغي تطهيره من الظواهر التي من شأنها أن تعيق جاذبيتها، داعيا إلى تشخيص الإنجازات على مستوى التجهيزات والإنجازات الرياضية. 

وتطرق السيد نصطفى لكثيري إلى تاريخ الرياضة المغربية والمراحل التي مرت منها منذ الحماية وإلى عهد الاستقلال والدور الذي اضطلعت به المقاومة في التصدي للمستعمر، مبرزا أنه تم استغلال الرياضة خلال فترة الحماية الفرنسية والاسبانية كوسيلة لتغطية أنشطة رجال الحركة الوطنية والمقاومة والتحرير وذلك بإنشاء عدد من الجمعيات الرياضية في عدد من الرياضات من بينها كرة القدم، وبذلك أصبحت كرة القدم جزء لا يتجزء من اللعبة السياسية التي بدأت تتعارض فيها الحركة الوطني السلطات الفرنسية.

وأبرز أن كرة القدم والرياضية عامة ساهمت بصفة عامة في المطالب الاصلاحية للحركة الوطنية وكان الهدف الرئيسي لها هو القطع مع الظلم والتميز. 

وفي الختام عبر عن أمله في العمل جنبا إلى جنب من أجل توثيق وصيانة الذاكرة الوطنية بمقاربة جديدة من خلال علاقة الرياضة بالمقاومة وذلك بتكريم الرياضيين المقاومين وإطلاق أسمائهم على الملاعب الرياضية وملاعب القرب والشوارع والساحات والأماكن العمومية والمؤسسات التعليمية، بتعاون مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والمجالس المنتخبة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ووزارة الشباب والرياضة. 

من جهته أكد رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أن هذه الأيام الوطنية هي مناسبة للوقوف والتأمل والنقاش حول وضعية كرة القدم الوطنية، والمساهمة مع العائلة الكروية الواسعة كل من موقعه في وضع تصور استراتيجي يؤهل الجميع لرفع رهانات تطوير الممارسة الكروية بالمغرب وتخليقها وجعلها رافدا للإدماج الاجتماعي والاقتصادي وحافزا للإشعاع الجهوي والقاري والدولي.

ومن أجل تطوير الكرة الوطنية والرقي بها إلى أسمى المراتب، أكد السيد فوزي لقجع أن هذه الأيام ستكون أرضية خصبة للتفاعل والتبادل بشان المواضيع ذات الصلة بالحكامة الجيدة والتدبير المالي للأندية ومراجعة القوانين والأنظمة والتكوين واستكمال التكوين وإحداث الشركات الرياضية وتعزيز آليات المراقبة والافتحاص والمحاسبة وإعادة هيكلة الجامعة والعصب. 

وتم في أعقاب ذلك، توقيع مجموعة من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم بين الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من جهة، وكل من وزارة الشباب والرياضة، والمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، والمكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل، ومركز القانون والإقتصاد الرياضي ليموج بفرنسا وكذا اتحاد ساوتومي لكرة القدم.

كما تم بالمناسبة تكريم المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة، المتوج مؤخرا بلقب كأس إفريقيا للأمم بجنوب إفريقيا، قبل انطلاق الورشتين الأولى تحت عنوان "اعتماد الاحتراف .. ضرورة ملحة للأندية" والثانية تحت عنوان "العصب الجهوية والهواة في قلب استراتيجية تطوير كرة القدم الوطنية". 

أما في اليوم الثاني لهذه الأيام الوطنية لكرة القدم، فسيتم تنظيم ورشات "التكوين تحدي أساسي من أجل مستقبل كرتنا" و"ملاءمة الإطار التنظيمي .. خطوة ضرورة نحو إعادة هيكلة كرة القدم المغربية" و"كيفية حماية صحة لاعبي كرة القدم" و"سبل تحويل الملاعب إلى إطار عيش للجماهير ومصدر ربح للأندية". 

وسيتم أيضا تنظيم ورشات "أي فرص يمثل تنظيم التظاهرات الكبرى بالنسبة للمغرب؟" و"التحكيم" و"مساهمة الإعلام في تطوير كرة القدم" و"كيف نعمل على تطوير كرة القدم المتنوعة ؟" و"حماية التراث مسؤولية الجميع".