أمام أفيال لا تهاب الجبال ونسور جارحة لا تخضع لقوة الرياح وفهود تقفز من القمم كالجلمود، يقف أسود الأطلس في مجموعة إقصائية قوية جدا وعصية على التكهن والحدس، فبرغم أن الإحصائيات الرقمية الأخيرة تقول بأن الفريق الوطني المغربي لا يمثل داخل هذه المجموعة قوة دفع رهيبة تجعل المحللين يرشحونه ليكون متصدرا لها في نهاية الدور الثالث والحاسم الذي سيسمي واحدا من السفراء الخمسة لكرة القدم الإفريقية في نهائيات كأس العالم 2018، إلا أن الفريق الوطني عليه أن يثق بإمكانياته الجماعية وبمقدوراته المتجددة وأيضا بالحماس الجديد الذي أصبح يطبعه منذ وقت يسير ليكون بالفعل واحدا من المراهن عليهم للوصول إلى نهائيات كأس العالم 2018.
صحيح أنه لا بد من الأخذ بالتصنيفات وأيضا بالحالة المعنوية والرياضية التي يوجد عليها كل منتخب في رصد الحظوظ، إلا أن هناك حقيقة دامغة لا يستطيع أي كان أن يتجاوزها، حقيقة أن المباريات تحسم على أرضية الملعب وليس على الورق أو في ردهات وبلاطوهات التحليل.
صحيح أن الفريق الوطني سيكون من خلال المجموعة الثالثة التي وقع فيها مواجها بقوى كروية إفريقية وازنة، إلا أنه من التجني فعلا القول بأنه عديم الحظوظ في المنافسة على البطاقة المونديالية الوحيدة، فإن نحن تعمقنا في قراءة أداء المنتخبات الأربعة في الآونة الأخيرة على مستوى تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2017 والدور الثاني الخاص بإقصائيات كأس العالم 2018، سنجد على أن هناك تقاربا كبيرا بين المنتخبات الأربعة (كوت ديفوار، مالي، المغرب والغابون) ما يعني على أن المباريات 12 التي ستحسم في أمر المتأهل عن هذه المجموعة لنهائيات كأس العالم 2018 ستلعب على جزئيات بسيطة، وبالتالي فإن أي منتخب سيكون واقعيا في التعاطي مع مبارياته وسيكون أكثر قدرة على حسم الجزئيات الصغيرة هو من سيكون سعيد الحظ بالوصول إلى نهائيات كأس العالم.
الأفيال تذوقوا طعم المونديال
سجلت السنوات الأخيرة صحوة كبيرة لمنتخب الكوت ديفوار بوصول جيل من اللاعبين الكبار يقودهم بالطبع الأسطورة المعتزل ديديي دروغبا والنجم الحالي يايا توري، فقد تمكن المنتخب الإيفواري من طرد لعنة الفوز بكأس إفريقيا للأمم عندما توج باللقب سنة 2015 رفقة هيرفي رونار المدرب الحالي للفريق الوطني، كما تمكن من الوصول لثالث مرة على التوالي لنهائيات كأس العالم، لذلك فهو يطمح اليوم بجيل جديد يقوده المخضرم يايا توري لكي يدون إسمه للمرة الرابعة تواليا في نهائيات كأس العالم، وبالطبع فهو يدرك جيدا أن الوصول إلي هذا الهدف يقتضي السيطرة من البداية إلى النهاية على مجموعة صعبة وملغومة.
الأسود يثوقون لإنهاء الخصام
بدا في وقت مضى على أن للفريق الوطني المغربي علاقة عاطفية خاصة مع نهائيات كأس العالم، فأسود الأطلس هم أول منتخب إفريقي نال شرف الحضور في نهائيات كأس العالم سنة 1970 بالعمل بنظام التصفيات القارية المباشرة، وهو أول منتخب إفريقي سيتمكن من عبور الدور الأول وكان ذلك خلال مونديال 1986 بالمكسيك، بل كان الفريق الوطني إلى وقت قريب أكثر المنتخبات الإفريقية ترددا على نهائيات كأس العالم، إلا أنه بضياع فرصة المرور إلى الدور الثاني لثاني مرة خلال مونديال 1998 بفرنسا، سيسجل الفريق الوطني حالة خصام مثيرة للجدل مع نهائيات كأس العالم، إذ سيعجز عن الوصول إلى نهائيات دورات 2002، 2006، 2010 و2014، وبالتالي إن هو نجح في مصالحة نهائيات المونديال وتمكن برغم صعوبة المجموعة التي يتواجد بها من إحراز بطاقة التأهل، فإنه سينهي بلا شك خصاما مع المونديال دام 20 سنة.
الفهود بالمونديال يحلمون
منتخب الغابون هو أضعف حلقة في هذه المجموعة نظريا بالطبع، على اعتبار أنه المنتخب الذي لم يتوصل في أي مرة إلى جانب منتخب مالي إلى ضمان التأهل لنهائيات كأس العالم، برغم أن هذا الأمل بدأ يكبر عنده منذ وصول جيل المهاجم الخارق بيير أوباميانغ، لذلك فإن المنتخب الغابوني يدخل المرحلة الحاسمة للتصفيات بآمال عريضة في تحقيق حلم الوصول لأول مرة إلى كأس العالم وهو الذي طارد حلم الفوز بكأس إفريقيا للأمم الذي تكسر مرتين سنتي 1996 و2012 عند صخرة الربع.
منتخب الغابون يدخل إذا الخط الأخير والحاسم وهو غير آبه بقوة المنتخبات التي تنافسه على البطاقة المونديالية، لذلك فمن المتوقع أن يكون فهود الغابون بمثابة الحصان الأسود لهذه المجموعة.
نسور مالي تريد أن تحلق عاليا
لا يمكن أبدا أن نلغي من الحسابات والتكهنات نسور مالي على اعتبار أن هذا المنتخب شكل على الدوام منتخب اللحظات الكبرى عندما يبرز كرقم صعب في معادلات الصراع والتنافس على البطائق المتاحة، وبرغم أن منتخب مالي الذي يقوده المدرب آلان جيريس لا يملك في رصيده أي مشاركة بنهائيات كأس العالم، بل إنه لم يفلح من أصل المشاركات العشر له في نهائيات كأس إفريقيا للأمم بالفوز بأي لقب، إلا أن طموحه كبير في كسر القاعدة التقليدية التي تقول أنه منتخب خارج الترشيحات.
نسور مالي أصبحت لهم أجنحة كاسرة وجارحة ولا بد للمنتخبات الثلاثة المتنافسة معها أن تأخذ ما يلزم من الحيطة والحذر.
في النهاية هي مجموعة صعبة وشائكة وقابلة لكثير من التوقعات، والأكيد أننا سنعيش سنة من الإثارة والتنافس القوي نتمنى أن تنتهي والفريق الوطني المغربي حاصل بامتياز على تأشيرة العبور لمونديال روسيا 2018.