أوقعت القرعة الفريق الوطني في المجموعة الثالثة الصعبة إلى جوار الكوت ديفوار ومالي والغابون، ويمكن إعتبار الصراع بين الرباعي متكافئا في مجمله على الورق مع أفضلية نسبية للكوت ديفوار الذي خاض آخر 3 نسخ لكأس العالم، وهو المرشح الأول للتأهل إلى روسيا حسب النقاذ والمتتبعين.
الكوت ديفوار.. الفيلة تخيف وتعترض السبيل
هو المرشح الأول للتأهل بين جميع المنتخبات 20 الحاضرة في إقصائيات كأس العالم 2018، لعدة إعتبارات أبرزها قوته وسمعته في الخارطة القارية وطينة نجومه العالميين، وكذا حمله لتاج كأس أمم إفريقيا الذي تزين به العام الماضي بغينيا الإستوائية.
بطل إفريقيا والمنتخب الذي له المناعة العظمى لمقارعة أعتد المنتخبات الأوروبية واللاتينية يحمل ثوب العالمية منذ سنة 2006، إذ دخل قلعة المونديال بألمانيا وأبى منذئذ الخروج منها، فإستأنس التواجد مع الكبار وحضر بعدها بجنوب إفريقيا 2010 ثم بالبرازيل 2014، وشرف إلى حد بعيد الكرة السمراء رغم خروجه من الدور الأول في الدورات الثلاث.
الفيلة أفضل منتخب في العقد الأخير في إفريقيا على صعيد الأداء والإنسجام الجماعي وثقل الأسماء يثير الخوف في النفوس قبل أن تطأ الأقدام لمبارزته على أرضية الميدان، ويكفي الحديث عن فيلق يايا توري وجيرفينهو وسيرج أوريي وسيدو دومبيا وسالومون كالو للحديث عن جيش مسلح يصوب رشاشه في كل من يعترض سبيله.
وشاءت الصدف أن يعود الإيفواريون ليعترضوا طريق الأسود المونديالية بعدما قطعوها في وجههم في التصفيات السابقة، لكن الحظوظ متكافئة هذه المرة بحضور الثعلب رونار الذي سيكون في مواجهة خاصة مع المنتخب الذي رفع معه آخر تتويج قاري.
الأغلبية ترجح كفة رجال المدرب الفرنسي ميشل دوسيي للتأهل بعاملي الخبرة والنجوم والقوة، ورغم أن الكوت ديفوار لم تعد تفوز بالحصص العريضة وصارت تكتفي بالفوز بحصص صغيرة داخل القواعد والتعادل خارجه إلا أن الفيلة يظلوا العقبة الأولى والأكبر في وجه الأسود.

مالي.. النسور في كامل الرشاقة
من الأضلع المتوسطة في الساحة القارية والمنتخبات التي تستحق الإحترام لماضيها وحاضرها، رغم أن الأخير لم يعد مشرقا كما كان ومماثلا لحقبة السبعينيات من القرن الماضي بقيادة الأسطورة ساليف كيطا.
نسور مالي إعتادت التحليق الأنيق في الساحة الإفريقية من خلال كأس أمم القارة التي تواجدت بها في 10 نسخ، ويظل أفضل إنجاز للكرة المالية هو الوصول إلى المباراة النهائية في بطولة 1972 بالكاميرون والخسارة بصعوبة ضد الكونغو الديمقراطية أو الزايير سابقا، دون إغفال بلوغ المربع الذهبي في 6 مناسبات آخرها في نسخة 2015 بغينيا الإستوائية التي حل بها ثالثا.
لكن تظل النقطة السوداء هي العقدة العالمية بحيث لم يسبق للمنتخب المالي أن تأهل لكأس العالم، فكان ينشط الأدوار الإقصائية ويشاغب بين الفينة والأخرى، بيد أن الحيلة قليلة واليد قصيرة أمام جشع وجبروت القوى التقليدية والمنتخبات الكلاسيكية.
العرس المونديالي يبقى أكبر رهان وأعظم حلم للشعب المالي الذي يملك جيلا موهوبا من اللاعبين الذين ينشطون في أندية صغيرة ومتوسطة بفرنسا وبعض البطولات الأوروبية والعربية، ولعل غياب النجم لدى هذا المنتخب دليل على إعتماده على التوليفة والمجموعة والروح القتالية كسرب من النسور المحلقة برشاقة وأناقة.
فرسان المدرب الفرنسي ألان جيريس لا يُستهان بهم فهم يلعبون الكل للكل ويعتمدون على قدراتهم الذاتية والمحدودة، لكن بحماس عالي وجرأة كبيرة في المشاكسة بإلتحاق العديد من اللاعبين الذين إحتلوا المرتبة الثالثة في كأس العالم 2015 لفئة أقل من 20 سنة بالمنتخب الأول، وهو ما قد يضع النسور كمعادلة صعبة وحاسمة في خارطة العبور.

الغابون.. فهود مفترسون وجائعون 
يعتقد البعض أن المنتخب الغابوني يملك من الوصفة والشحنة والمؤهلات ما يؤهله لقلب الطاولة وتحقيق أكبر المفاجآت، ويؤمن العديدون بالفهود كطرف شديد قادر على تغيير ملامح التوقعات وإسقاط التكهنات.
الغابونيون باتوا من المنتخبات التي تلعب كرة سريعة وهجومية ممتعة، ويتوفون على جيل موهوب بأسماء لامعة قاريا وعالميا، يتقدمها الهداف وأفضل لاعب في البوندسليغا بيير أوبميانغ وقناص الوداد السابق والأهلي المصري حاليا ماليك إيفونا وسقاء صيلطا فيغو الإسباني ماديندا ومدافع كارديف سيتي مانغا.
هذا الجيل والفريق المتماسك أمسى بقيادة المدرب البرتغالي خورخي كوسطا يلعب بشهية للإفتراس والبحث عن بصمة قارية أو عالمية، ويضع من كأس أمم إفريقيا القادمة ببلاده وبعدها مونديال روسيا 2018 أبرز محطتين يريد بلوغهما والتألق فيها بالمنافسة على الدرع القاري أولا ثم التحليق صوب الصقيع ثانيا.
ويفيد الأمس القريب بأن الغابون تتفوق على الفريق الوطني رسميا ووديا من خلال المواجهات المباشرة في السنوات القليلة الماضية، ما يجعل الأسود أمام فوهة البركان الأصفر وضرورة إزالة العقدة في السباق المقبل.
الغابون الخصم الثاني الأقوى أمام زملاء العميد المهدي بنعطية والطرف الذي لا يخيف لكنه يفرض الإحترام والتوجس والحذر الكبير، فالسعي نحو أول تأهل لكأس العالم سيدفع الغابونيون للقتال والدفاع عن الحظوظ بشراسة وندية وإثارة.