عندما رفض الناخب الوطني التعامل مع مغاربة الخليج لدرجة الإقصاء الممنهج للثلاثي المعروف عبد الرزاق حمد الله ومحسن ياجور وعصام العدوة لا لشيء إلا لإيمانه التقني من أن بطولات الخليج ليست على درجة من الأهمية كتلك التي يراعى فيها المعيار الثقيل للتنافسية وإيقاع المباريات العملاقة في البطولات الأوروبية، لا يرضى رونار بتواجد الدوليين المغاربة بالخليج، للمستوى الذي تنحدر فيه المباريات الخليجية حتى ولو عجت بالكثير من الأسماء الكبيرة، فإنه كان يفضل أن يرى ياجور وحمد الله والعدوة وغيرهم في أقوى البطولات للحكم عليهم وعلى دوليتهم العامة وصراعهم من أجل المكانة الرسمية داخل العرين، وكان من جراء ذلك أن بحث الرجل على قطع أخرى مساندة للعرابي حتى ولو كانت من أصل تعدد المراكز في الخط الأمامي مع المناداة على إبراهيم بوطيب من دون أن يقدم الإضافة ولا الإقناع العام، ولا حتى أن يعطي الفرصة للقناص القادم زكرياء العزوزي الشاب الصاعد من تفينتي الهولندي، ما يعني أن رونار وجد بالفعل صعوبة كبيرة في ترميم الخط الهجومي وإيجاد القناصة الذين يمكنهم منافسة يوسف العرابي، رونار اليوم سيجد نفسه أمام طريق مسدود لتثبيت رأيه الخاص باللاعبين المغاربة بالخليج المحسوبين طبعا في عداد الدوليين المعتمد عليهم في عهد الزاكي، بينهما هم اليوم في عداد المنسيين، والمشكلة في أن أصداء توقيع الدولي يوسف العرابي من عدمه لفريق لخويا القطري لمدة ثلاث سنوات قد تشكل ضربة موجعة لرونار الذي يعتمد كثيرا على العرابي كهداف منحه التأهل في مباراتي الرأس الأخضر، والإعتماد عليه اليوم وهو لاعب بصفوف فريق خليجي سيكون توجها مناقضا لرؤية الرجل التقنية والعامة على الكرة القطرية لأنه لن ينادي عليه فيما لو وقع للخويا القطري مع أن الأنباء المتضاربة تؤكد مصدر التوقيع من جهات مقربة للنادي القطري وبعضها يكذب الخبر جملة وتفصيلا في غياب المعلومة الخاصة بذات اللاعب، والقول هنا يعنينا فيما لو تعاقد العرابي فعلا مع الكرة القطرية فلن يكون له مكان مع رونار وسيقع الأخير في ورطة لعدم وجود رأس حربة، ولو نادى عليه سيكون رونار أمام انتقادات من الدوليين السابقين أو سيكون مجبرا لإرضاء الخواطر مع أن لا حمد الله ولا ياجور لن يسكتا عن حقهما الدولي ما دام قد تألقا الموسم الماضي كهدافين حقيقيين، ولذلك سيضطر رونار للتعامل مع القضية فيما لو وقع العرابي للخويا القطري على أنها قضية لتجديد النوايا الحسنة مع كافة دوليي الخليج.
....................................
لو جاز لنا القول أن فرنسا اليوم وصلت إلى نهائي كأس أوروبا من صنيع إفريقي بنسبة عالية للنواة الرئيسية للفريق الوطني الفرنسي، فلأن ماري لوبين السياسية الفرنسية في الجبهة الوطنية خالفت الرأي العام الفرنسي بخروج علني قدمت من خلاله شكرها العام للكوت ديفوار التي فازت على إسلاندا بخمسة أهداف لإثنتين عن ربع نهائي كأس أوروبا في إشارة استفزازية تندد فيها بغياب لاعبين من أصول فرنسية، فباستثناء أوليفيي جيرو وأنطوان غريزمان وهوغو لوريس من أصول إسبانية داخل التشكيل الرئيسي (11 لاعبا في الرقعة ) الذي واجه رومانيا في أول خطو قدم الفرنسيون باختلاف الأجناس كأسا أوروبية ممتعة أزاحت الكثير من الدول العملاقة وأوصلت فرنسا إلى نهاية حالمة حتى ولو كان لبعض الفرنسيين غير سعداء بهذا الإنجاز من طباع العنصرية المتخفية، والحقيقة التي تهمنا أصلا في تعدد الحضارات أن إفريقيا باستطاعتها أن تفوز بالألقاب العالمية لو حافظت على أسطولها المهاجر الذي مكنفرنسا من بلوغ نهائي تاريخي تأسس على احترام خاص لأفارقة فرنسا من مولدهم ونشأتهم وتكوينهم وتعايشهم، وتنامى بوثيرة عدم الإختلاف والتلاحم في كل المواقع التي تعطي للإفريقي مكانته السامية لحمل ألوان فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية التي تحبل بالكثير من الجنسيات داخل منتخباتها الوطنية.
ولو كانت مارين لوبين محقة في أن بلدها لم يعد يحتضن البيض في التشكيل العام للفريق الوطني الفرنسي كما ساد في تاريخ الكرة الفرنسية ، فلأن الظروف تغيرت عرقيا وأصبحت العنصرية غير موجودة ليس في كرة القدم فحسب، بل في مجالات أخرى، ولكون الفكر العنصري تراجع بشكل كبير جدا من خلال موروث الفريق الوطني الفرنسي حتى ولو قالت مارين لوبين بأن ديدي ديشان سيجد صعوبة في بناء فريق وطني فرنسي «من البيض» من اليوم إلى كأس العالم 2018، وهو ما لا يمكن المراهنة عليه مطلقا في وجود فريق وطني فرنسي وحد اليوم فرنسا من جيل إفريقي قاوم كل المدارس العالمية من اجتهاد خاص في الأندية والإحتراف، وفوق ذلك منتخب فرنسا اليوم هو منتخب كل الفرنسين والأفارقة حتى ولو ولدوا وجنسوا في ديار المهجر.
شكرا لفرنسا ولإفريقيا ولكرة القدم عالمية الروح والتعايش، وتبا للعنصرية.