عندما تكون لك الإرادة ونزعة الوصول إلى الأهداف الإستراتيجية  والرغبة لتحقيق الفوز أكيد أن ستصل للمراد، وما قدمه الوداد في متنفس التغيير التقني لجون طوشاك أسبوعا بعد الخسارة اللامنتظرة بالزمالك وهلوسة سوء تدبير المباراة والإختيارات السابقة قبل أن يزحف بالعودة الأنطولوجية لمقام استرداد الأهداف بالنجاعة والقتالية مع تحول تقني لطاقم تقني طارئ كان له أصلا حوارا متأصلا في قراءة الحدث وفي تأكيد ما يمكن لكرة القدم أن تغيره على مستوى تلقي النتيجة الساحقة ومدى استرداد ذات الرقم بالإنطباع المرافق لمصطلح التحدي . وفوز الوداد بالخماسية حتى ولو أجبرت على الإقصاء بالنظر إلى المطاردة المضادة للزمالك والبحث عن الهدف الذهبي ، يعتبر تاريخيا في معطى الرد بالمثل حتى ولو لم يتأت طابع التأهل الرسمي للنهاية الإفريقية ، ويجب الإعتراف إلى أن سطوة الوداد على الحدث حتى وإن لعب خارج أسوار البيضاء كانت بالفعل رجولية بمقامات الإرادة والذهنية العالية وقيمة الإضافة الإختيارية للعناصر التي شكلت بالفعل انبهارا حقيقيا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الوداد لم يعد لها أصلا علاقة بطوشاك كمدرب شاخ فكريا وفنيا . وعندما تحرر لاعبو الوداد  من القيود السابقة واستوعبوا الخطاب النفسي والتركيز الذهني توصلوا إلى أن كرة القدم ليس علما قائما بنفسه ومنطقا صارما في تكريس مبدإ القوة الدائم ، ويمكن لأي نتيجة أن تتغير من معطيات التحضير النفسي والإختيار الصائب والنهج التكتيكي مع قراءة تفاصيل أية جزئية في إطار زمن أي مباراة.
شكرا للوداد على بلوغ الفوز حتى وإن كان غير مؤهل للنهائي ولكنه حقق فوزا تاريخيا مع الزمالك برغم الإقصاء، وشكرا للقتالية التي قدمها لاعبو الوداد بمن فيهم الأفارقة كوزن وإضافة ملموسة زكت تلاحم كل الأطراف.
شكرا للوداد على السطوة التي قدموها أمام فريق يعتبر اليوم نواة منتخب مصر، وشكرا لتصريح مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك عندما حمل مسؤولية الخسارة الكبيرة لخمسة من لاعبي فريقه، وتوقع سيناريو خسارة فريقه أمام الوداد بسبب الغرورعندما قال بالحرف «الكرة تعطي فقط من يحترم الخصم ويقاتل وعندما لا تحترم الخصم لا تنتظر شيئا من الكرة».
شكرا لأنصار الوداد على تحملهم مشاق التحول إلى الرباط كضريبة معنوية ومادية ومع ذلك انتشوا بليلة الخماسية غير المكتملة، وشكرا لهذا الأداء الخرافي الذي لم نعتده منذ زمن ليس ببعيد على كرة القدم الوطنية.
وإن كان قبعة الإحترام قد رفعت كتحية صدق لهذا السيناريو الكروي الكبير للوداد، فإن ما يغيب على كرة القدم الوطنية هو هذا الحس القتالي غير المألوف في بطولتنا المفروض فيها أن تلعب على هذا المقاس من الأداء والحماس والرغبة في الفوز لا في الخوف والتثاقل وقتل المبادرة والإيقاع، وأكثر الأندية الوطنية لا تلعب بهذه الصورة رغم عصر العولمة الكروية التي تمنح للاعب المغربي مواصفات العشق للأندية العالمية عبر القنوات، وأسفي كما قلت دائما على كرة وطنية لا تصنع العجائب وقرار النجوم المطلة عبر القاعدة وصناعة المباريات ذات الإحتفالية الخاصة كل أسبوع، وبالأرقام الأسبوعية لا يمكن أن تشاهد ثماني مباريات من المستوى العالي إلا باستثناءات ناذرة لمباراة أو مبارتين في الأسبوع.
شكرا للوداد على هذا الدرس الكروي المفروض أن يكون مثالا حيا لدى كل المدربين وحتى اللاعبين في وقت عز علينا العودة إلى ماضي الأجيال وما صنعوه في أكثر المباريات تشويقا ومتعة أسبوعية مع أن ماضي الأجيال لا يتكرر لا بالرجاء ولا بالوداد ولا حتى في كبريات الأندية الوطنية التي كسرت حاجز تاريخها بالدرجات الدنيا.
شكرا للوداد لأنها منحتنا الفرجة والإقناع الشامل في مباراة أريد لها أن تغير كما قلت طقوس المنطق الصارم، ولكن ما قدمته رغم الإقصاء لا يمكن أن يبعد هذا التصور الذي نطالب به في جعل وداد الأمة بداية عهد جديد لكرة مقاتلة وهجومية ورافعة معنوية للنفسيات قياسا مع ما كان يتحدث عنه من أن المباراة ستكون شكلية، ولكن الوداد أرغم نفسه على تغيير الصورة والإنطباع على أنه دائما يعتبر من الفرق العملاقة بإفريقيا، وهذا ما نريده أصلا في البطولة على أن تكون مباريات الأسبوع بطابعها الإفريقي المقاتل على الأقل حتى نصدر منتوجنا على القنوات الفضائية بالشكل الذي يمتع الأعين لا أن يجبر المشاهد على النوم والتحكم في قلب القنوات. 
الكرة في يد المسيرين أصلا، وفي يد المدربين الذين يصنعون من لا شيء شيئا قائما به مثلما فعل نادي ألافيس عندما أجبر البارصا على الخسارة، ومثلما أجبر نادي لاس بالماس غريمه الريال على التعادل في وقت معنوي صعب، ما يعني أنه لا فرق بين جميع الفرق كبشر وخامات ونجوم في صناعة النتائج حتى ولو قيل أنها كبوة الكبار ، والكبوة أصلا تدخل في منطق الكرة، ولذلك نؤمن جميعا وننادي بصناعة كرة قتالية في بطولتنا حتى نشعر أن كرة القدم الوطنية غيرت مفهوم العبث بالنضج والحماسة والرغبة في الفوز العريض.