لا مجال للمقارنة بين ما أكتشفه بتركيا وما عشته في المغرب 

اللاعبون المغاربة الذين غادروا البطولة الإحترافية صوب أوروبا في آخر 5 سنوات يمكن وضعهم على رؤوس أصابع اليد الواحدة، ونصفهم فقط من أفلح في كسب الرسمية وتغلب على العراقيل ليفرض نفسه في عالم الإحتراف الحقيقي.
الخطوات الأولى للسفير الجديد مروان سعدان هذا الموسم في أول تجربة خارجية في البطولة التركية مثالية ونموذجية، إذ بتنافسية عالية وقتالية مثيرة أثار أنظار الأتراك في أكثر من لقاء، وغرد خارج سرب فريقه المتواضع ليحصل على العلامة الكاملة حتى أمام أكبر النجوم والأندية المحلية.

 المنتخب: بداية كيف تعيش أشهرك الأولى في عالم الإحتراف؟

«أنا هنا منذ قرابة 4 أشهر وهي فترة جس نبض لعالم الإحتراف الذي أخطو فيه خطواتي الأولى، فمنذ تعاقدي مع ريزي سبور وجدت كل الترحيب والمساندة، وبدأت في الإنسجام مع النادي والمجتمع التركي رويدا رويدا،  كما أحاول التغلب على قساوة الغربة والتأقلم مع بلد وثقافة مغايرة تماما لتلك بالمغرب».

 المنتخب: هل وجدت صعوبات كبيرة في التأقلم مع ناديك الجديد؟

«لا، ليس كثيرا لكن من الطبيعي أن تعترضني بعض العراقيل في موسمي الأول بتركيا وفي أول تجربة إحترافية خارج الوطن، من حسن حظي أنني قدمت إلى بلد مسلم بطقوس دينية ودراع مفتوح للأجانب بعيدا عن العنصرية، أنتمي إلى فريق مدينة ريزي البعيدة عن إسطنبول والقريبة من طرابزون، وكرويا فقد إنصهرت بسرعة داخل المجموعة وفرضت نفسي منذ المعسكرات التحضيرية بالنمسا، ومنذئذ وأنا ألعب كرسمي وأتدرب بجدية وأخرج كأفضل لاعب في فريقي بعد كل مباراة، التواصل بيني وبين المدرب يمر عبر مترجم فرنسي خاصة وأن هناك عدة لاعبين يتحدثون الفرنسية، ويبقى أكثر ما يحزنني هو الإبتعاد عن الأسرة والوطن أما رياضيا فأنا مرتاح وبصدد التأقلم مع أجواء البطولة التركية».

 المنتخب: ما الذي وجدته في تركيا ولم تكن تتوقعه؟

«صراحة لقد إنبهرت جدا ووقفت مشدوها للأجواء في الملاعب التركية، فالجماهير تشجع بطرق جميلة ومميزة والأنصار يعشقون أنديتهم بدرجة عظيمة ويأتون لتشجيعها سواء كانت تلعب الأدوار المتقدمة أو تعاني في المراتب المتأخرة، فلو كنتَ نائما أو كسولا ستستيقظ رغما عنك حينما تدخل أرضية الملعب وتقف على تلك الأجواء الصاخبة، الشعب التركي رياضي بإمتياز ويعطي إهتماما كبيرا للمرافق الرياضية والبنيات التحتية وتوفير شروط الممارسة من ألفها إلى يائها».

 المنتخب: قبضت على الرسمية منذ أول مباراة مع ريزي سبور، أبهذه السهولة إندمجت وفرضت إسمك؟

«أولا فأنا تعاقدت مع فريق لا يلعب الأدوار الطلائعية وينشط فقط البطولة من أجل تفادي الهبوط، إنه نادي محدود ماليا وتقنيا مقارنة مع الزعماء الكبار غلطة سراي وبشكتاش وفنرباتشي، وبالتالي فهو لا يملك نجوما يصعب منافستهم على الرسمية، لكن هذا لا يعني أن طريق الرسمية كان مفروشا بالورود بل تعبت وأظهرت مؤهلاتي مبكرا ومنذ النزالات الودية، من يعرف لعب الكرة جيدا ومن يملك الذكاء والإنضباط واللياقة البدنية العالية سينصهر مع أي فريق».

 المنتخب: تلعب جميع المباريات كرسمي وحضرت مبكرا أقوى المواعيد ضد الزعماء بشكطاش وغلطة سراي، ماذا كان شعورك وأي بصمة تركت وأنت تنازل هذه الأندية التركية التقليدية؟

«من الرائع والمثير أن تتحول من متفرج عبر شاشة التلفاز إلى خصم يبارز أندية عملاقة من طينة غلطة سراي وبشكطاش، إنه شيء لا يصدق خصوصا في تلك الأجواء المجنونة سواء بملاعب إسطنبول أو بعيدا عنها، كنت أضاعف المجهود وأحمس نفسي في اللقاءات الكبيرة كما حدث ضد غلطة سراي حينما لعبت 90 دقيقة تحدث عنها الجميع، إذ تم إختياري كأفضل لاعب في المباراة بعدما ركضت 14 كلم وهو معدل فاق معدلات باقي اللاعبين، ضد بشكطاش تكرر نفس السيناريو وتوجت كرجل المواجهة بحيث قطعت الكثير من الهجمات وكنت أكثر من ركض في الملعب بين الفريقين ب 12 كلم، في البطولة التركية يلعبون بعقلية أخرى ومتطلبات عالية تستوجب التوفر على لياقة بدنية كاملة لمسايرتها والتجاوب معها».

 المنتخب: بعد قضائك لأربعة أشهر مع ريزي سبور وعقب مرور 8 دورات من البطولة التركية، هل من تقييم أولى ومقارنة بينها وبين البطولة الوطنية الإحترافية؟

«مع كامل إحترامي للبطولة الإحترافية فلا مجال للمقارنة بينها وبين البطولة التركية، في المغرب المباريات رتيبة وبإيقاعات مملة إلا بعض الإستثناءات، والكرات تُقطع غالبا في وسط الميدان دون أن تصل إلى المعترك أو تنتهي في الشباك، كما أن المباراة تتوقف كل دقيقة بسبب صافرة التحكيم الذي لا يترك اللعب ويعلن الخطأ تلو الآخر، أما هنا في تركيا فلمست إيقاعا مرتفعا جدا بحيث تصل الكرة كل 5 دقائق أو أقل إلى المرمى في محاولات خطيرة سانحة للتسجيل، وكوني ألعب كوسط ميدان دفاعي فهذا الإيقاع يتطلب مني جهدا خرافيا والتنقل بين جميع جنبات أرضية الملعب، علي أن أكون قريبا من الكرات والدخول في إلتحامات وثنائيات متكررة مع لاعبي الخصم، وهذا الأمر شبه مفقود في المغرب حيث تنحصر الكرة غالبا في وسط الميدان مع كثرة الأخطاء والتمريرات الخاطئة وغياب البناء الهجومي السريع». 

 المنتخب: ما هي الأسباب التي تحول دون إحتراف اللاعب المحلي ونجاحه في أوروبا، وأنت الذي تعد من اللاعبين القلائل الذين غادروا المغرب في إتجاه القارة العجوز خلال السنوات الماضية؟

«بناءا على أشهري الأولى في الإحتراف بتركيا وكوني لعبت لمواسم في المغرب وقفت على الفوارق الشاسعة، أول فرق هو نمط التداريب المغاير تماما لذلك المعمول به في المغرب، التمارين مع الأندية المغربية هي من تولد وتساهم في رتابة المباريات وتخلق إيقاعا رتيبا يساهم فيه اللاعب والمدرب وأيضا الحكم، لن أبالغ إن قلت أن أحسن اللاعبين وأمهرهم في البطولة الإحترافية سينتهي مخزونه البدني في شوط واحد بالبطولة التركية، نحن نغش في المغرب في التداريب ونعتبر ضعفاء فيما يخص اللياقة البدنية والتكتيك، من يخرج من البطولة الإحترافية ويأتي إلى أوروبا سيعرف ما أقول، ولهذا أصبح اللاعب المحلي عاجزا عن الإحتراف في القارة العجوز، لأن التكيتيك والطراوة البدنية العالية شيء مفقود بينما تحضر الفرديات والتقنيات الكبيرة، فاللاعب المغربي موهوب جدا ويتفوق على العديد من الجنسيات في كل ما هو تقني ومهارة، وحينما نأتي لقياس اللياقة والتكتيك تظهر العيوب والنقائص».

 المنتخب: يعني أن الإحتراف الحقيقي لم نبلغه بعد في المغرب..

«الممارسة في المغرب تطورت كثيرا وصارت التحفيزات المالية والبنيات التحتية قاطرة الإحتراف، لكن ما يزال هناك عمل كبير ينقص في التداريب والعقلية، فهنا يحترفون الكرة قبل لعبها ويعرفون ماذا يريدون ويسطرون الأهداف ويضعون المخططات لبلوغها، أتعلم يوميا منهم وأكتشف أشياء جديدة وأعرف المعنى الحقيقي للإثارة والتشويق والإيقاع الصاخب طيلة 90 دقيقة».

 المنتخب: صديقك المقرب مراد باطنا فاجأ الكل وهو يحترف بالخليج مكرها بعدما أغلقت جميع الأبواب في وجهه، ما تعليقك؟

«مراد أخي وتأسفت لما حدث معه خلال الصيف الماضي، لقد دخل في صراع مع المدرب الركراكي كاد أن يتسبب له في موسم أبيض، إحترافه في الإمارات هو هروب لتفادي سنة بيضاء وأعرف شخصيا أنه كان يمني النفس للإحتراف في أوروبا، لكن نهاية الميركاطو وإستحالة التوقيع مع أحد الأندية الأوروبية جعله يضطر للتوقيع في الخليج لإنهاء الخلاف مع الفتح أولا ثم البحث عن نادي جديد يمارس معه ويجنبه العطالة، مراد لم يكن لديه حل آخر ولم يذهب من أجل المال وإنما فر من شبح إنعدام التنافسية، وشيء مؤسف السيناريو الذي حدث معه وهو المتوج بلقب أفضل لاعب في البطولة في آخر موسمين».

 المنتخب: رجوعا إلى ناديك السابق الفتح الرباطي هل وضع لك نفس العراقيل التي وضعها في وجه باطنا من أجل الرحيل؟

«حملت قميص الفتح طيلة 6 سنوات منذ مجيئي عام 2010، خلال هذه الفترة، عشت الحلو والمر وكنت قريبا من الإحتراف قبل أن أصاب إصابة بليغة، بعدها واصلت وساهمت بالقليل فيما وصل إليه النادي حيث فزت معه بلقبي البطولة والكأس، وبعد إحساسي بأنه لم يعد لي ما أضيفه للنادي وحان وقت الرحيل، طرقت باب الإدارة وأنا أحمل عروضا أوروبية وخليجية، وأقنعت المسؤولين بالمغادرة بعدما جئتهم بالعرض المادي المناسب».

 المنتخب: حدثنا على تفاصيل الصفقة التي أخرجتك من العاصمة الرباط ولماذا إخترت تركيا كأول تجربة خارجية؟

«قبل نهاية الموسم توصلت بعروض من البرتغال وقطر وتركيا، إخترت العرض التركي لأنه كان مهما وطموحا وإرتحت له، وقيمة الصفقة بلغت 400 مليون سنتيم لمدة 3 مواسم».

 المنتخب: هل ما زلت تتابع مباريات وأخبار النادي؟

«أكيد، الفتح الرباطي في القلب وأريد له كل الخير والتوفيق، أدعم زملائي وأساندهم عن بعد، وقد شاهدت أنهم خسروا مباريات وألقاب مهمة في الفترة الأخيرة، أعتقد أن الموسم الحالي للفتح سيكون صعبا لأن بعض اللاعبين رحلوا وكانوا يشكلون الثوابت والعناصر الجديدة بحاجة للوقت والثقة في النفس». 

 المنتخب: هل أنت على إتصال بزملاء وأصدقاء الأمس وفي مقدمتهم المدرب وليد الركراكي؟

«لم أعد على إتصال مع المدرب وليد الركراكي فلا حديث بيننا ولا رسائل ولا أي شيء، في حين ما زلت على تواصل مع زملائي بالفتح منهم من غادر النادي ومنهم  من ما زال يحمل قميصه، نحن إخوة ندعم بعضنا البعض وقلوبنا مترابطة».

 المنتخب: ماذا بخصوص الفريق الوطني الذي غادرته بمغادرة الناخب السابق بادو الزاكي، ألم تتلقى إتصالا من رونار وهل تشعر أنك مظلوم؟

«لن أخفيك أنني شعرت بمرارة مع مشاهدتي لأول لائحة نادى عليها رونار فور توليه قيادة الفريق الوطني، لقد كنت من أفضل اللاعبين الذين لعبوا قبلها ضد غينيا الإستوائية في آخر ظهور لبادو الزاكي، للأسف أسقطني من حساباته دون أن يعرف من أكون أو يختبرني في إحدى المباريات، شعرت بالظلم قليلا لكنني أؤمن بعملي وأثق في نفسي وسأواصل التداريب بجدية، والتألق في البطولة التركية لجذب أنظار الناخب الوطني الذي ما زلت أنتظر إتصالا منه».

 المنتخب: أصبحت لاعبا محترفا وفي بطولة محترمة وبالتالي من حقك نيل فرصة للإقناع كما حصل عليها العديد من اللاعبين الآخرين..

«لاعبون كثر نالوا أكثر من فرصة مع رونار وأنا لم أنل ثقته بعد، لا أعرف لماذا إستُبعدت من العرين وهناك إحتمال أن الناخب الوطني لا يشاهد البطولة التركية، وإلا لكان قد عاين ما قدمته في أكثر من لقاء بداية هذا الموسم خصوصا أمام العمالقة، عموما سأنتظر دوري وأحترم قرارات المدرب والفيلق الذي يعتمد عليه، وأعلم جيدا أن المركز الذي أشغله محجوز حاليا لكريم الأحمدي ومنير عوبادي».

 المنتخب: يُعاب عليك البطء وعدم إيجادتك لشغل مراكز أخرى غير وسط الميدان الدفاعي..

«هذا غير صحيح ومن يقول ذلك فهو لا يعرفني، فأنا ليس بطيئا ولست من نوعية اللاعبين الذين يتيهون حينما يلعبون في مراكز أخرى، فليكفي أنني أتقن شغل ثلاثة مراكز هي سقاء وصانع ألعاب ومدافع أوسط لكنني عُرفت أكثر بدور وسط الميدان الإرتدادي، لن أنكر أن لدي بعض العيوب القليلة والتي أسعى لتصحيحها وهنا أتحدث عن تقوية الجانب البدني لخوض مباريات أكثر في ظرف وجيز بنفس الفعالية والعطاء».

 المنتخب: ما تعليقك على القرعة التي أوقعت الأسود إلى جانب في نهائيات كأس أمم إفريقيا مطلع السنة المقبلة بالغابون؟

«الأسود وقعوا في مجموعة متوازنة فليست هناك فوارق ساشعة بين الكوت ديفوار وطوغو، المستويات متقاربة وسنرى جميعا أن الجميع قادر على التأهل إلى الدور الثاني، شخصيا أتوقع تألقا مغربيا في هذه البطولة وأن يصل الفريق الوطني إلى الأدوار المتقدمة».