أقدمت إدارة الجيش الملكي وبعد تأشير فعلي من جهات عليا مسؤولة على اتخاذ قرار وصف بالتاريخي بإعطاء إشارة الضوء الأخضر للتعاقد مع اللاعبين الأجانب.
خلفيات القرار الذي إستند لتفعيل مطالب الأنصار وحفظا لمبادئ تكافؤ الفرص مع الأندية الكبيرة التي ترسم الفوارق وتحصد الألقاب بفضل أجانبها ومحترفيها، تتعرفون عليها في الورقة التالية:

6 عقود بهوية محلية
ظل الفريق العسكري حالة فريدة واستثنائية في مشهد الكرة المغربية منذ تأسيسه ولغاية اتخاذ القرار التاريخي الذي أعلن الطلاق مع فرض القيود والحواجز الجمركية إن جاز التعبير على التعاقد مع اللاعبين الأجانب.

6 عقود بالتمام والكمال وبما تمخض عنها من ألقاب حملت الفريق لمقارعة الوداد على الريادة المحلية بتجليات السيطرة على البطولة 12 مرة وانفراده بالرقم القياسي لعدد التتويجات بلقب كأس العرش بـ 11 مرة، إضافة كونه النادي الأول بالمغرب الذي إلتحم مع مسابقة الأبطال الإفريقية في شكلها القديم والأمر تطلب من الجيش 30 سنة من الإنتظار بعد النشأة ليحقق هذا الإنجاز.
العساكر يفتخرون أيضا كون جوهرتهم السوداء محمد تيمومي كان واحدا من الذين استحقوا الذهب الإفريقي كصاحب أفضل يسرى سنة 1985، وهو ما جعله يحقق ما حققه قبله أحمد فراس وأيضا يستحضرون ما أنجزه عبد الرزاق خيري بهدفين خرافيين بواد الحجارة المكسيكية التي منحت الأسود عبورا ملحميا للدور الثاني بمونديال 1986.
إلى هنا كانت كل هذه الإنجازات ببصمة محلية فريدة من نوعها أقامت الدليل على أن الهيمنة ممكن أن تنسب لصناعة محلية دونما حاجة لنجدة خارجية.

كسر الحواجز لماذا؟

قبل 4 سنوات كنا مبادرين داخل «المنتخب» بنقل ما يطبخ داخل الأفران السرية والغرفات المظلمة كون إلغاء الحواجز في وجه استقدام الأجانب ما هو سوى مسألة وقت ليس إلا؟
يومها إستندنا في الطرح إلى ما كان يتوارد على أجهزة الفريق العليا من ملتمسات وتقارير تؤكد حالة العجز المزمن وحالة الإحتباس التي حدثت داخل الفريق جراء الصفقات الفاشلة لسلع محلية مستهلكة لم تعد تفي بالغرض ولا يمكنها الوفاء بالأدوار القيادية المطلوبة منها خاصة داخل فريق بحجم الجيش الملكي.
فكان لا بد لهذا القرار أن يتأرجح ويترنح ويختفي مرارا من دائى الضوء والمتابعة كون طبيعة الفريق وحالته الخاصة جدا هي من فرض هذا التعاطي غير المرن معه في انتظار إشارات قادمة من جهات عليا بطبيعة الحال.
جاء كسر الحواجز استجابة لنداء المرحلة النتائج المتدهورة وتطابق المغرب مع نفسه بانفتاحه العمودي والعميق على قارته وكذا ملتمس تقدمت به اللجنة التصحيحية لأنصار الجيش مؤخرا لتفعيل الطلب لضمان تكافؤ الفرص مع فرق البطولة التي تستفيد من معطى التعاقد مع زبد الأجانب لترسم الفارق على مستوى النتائج.

أي أجانب يليقون بالزعيم؟

الآن وقد تقرر الأمر وصنف القرار كونه تاريخيا بكل المقاييس الممكنة وكونه قرار بالقوة التي لم يتوقع أحد أن تأخذ طابعا استعجاليا وتمنح النادي إشارات الضوء الأخضر للإنطلاق في حملة التعاقد بداية من الشتاء القادم.
الآن وقد انكشف الغطاء وما عاد الفريق مقيدا بهوية محددة من اللاعبين وصار بإمكانه الإنفتاح على جنسيات مختلفة، يجدر أن لا يسقط المسؤولون في نفس الأخطاء وفي نفس الغلطات وأن يكون التوجه ذكيا بضم لاعبين على مستوى عالي من الجودة في الأداء وبرصيد محترم من الخبرة ومن جنسيات لها باع محترم طويل في عالم الكرة.
وكما قال متحدثنا من داخل إدارة الجيش «إنتظرنا كل هذه السنوات، فإما أن نؤكد أننا بالفعل فريق كبير لا يليق به سوى الكبار أو أن نحتفظ بطابعنا الإستثنائي السابق.
لن نقدم على صفقات متواضعة من أجل أن يقولوا أن الجيش يتعاقد مع الأجانب، يهمنا الكيف قبل الكم، وتهمنا جودة القادمين قبل عددهم، لاعب من الرأس الأخضر أو ساوطومي أو جزر القمر والسيشل مثلا حتى وإن كانت كوطته 50 مباراة دولية وليس 10 مباريات فمكانه ليس داخل فريقنا لأن الهدف هو ضم لاعبين يليقون بالزعيم وبإمكانهم تقديم الإضافة المرجوة».

مدرسة الفريق أعلنت فشلها

وحتى يكون التحليل والنقد موضوعيان فإن ما أخر فريق بحجم الجيش الملكي وجعله يتريث كل هذه الفترة كي لا يفعل قرار التعاقد مع اللاعبين الأجانب هما أمران بطبيعة الحال:
الأول إرتبط بحتمية التأشير من جهات عليا ومسؤولة بالختم الموافق على التعاقدات بطبيعة الحال وهو إجراء روعيت فيه الكثير من الخصوصيات المرتبطة بالفريق والفضاء الذي يتمرن فيه.
أما الأمر الثاني فهو منح الفرصة لمدرسة الفريق كي تطلع بالدور المنوط بها والمفترض أنها مؤسسة كي تلعبه كما كان الأمر في السابق بأن تمثل للفريق الأول الرافد والمزود الأساسي، وهو الأمر الذي لم يحدث بدليل استعراض التشكيل الحالي وإقامة المعطيات والبيانات التي تؤكد أن منتوج وحصاد المدرسة خجول وضعيف للغاية.
وإذا كان تفعيل التعاقد مع الأجانب صارا واقعا لا يرتفع فإن الأمر لا يجب أن يكون سببا في حجب دور مدرسة النادي والتي تتوفر فيها كل المقومات والشروط اللوجيستيكية لتنجز العجب، فقط الخلل موجود في بنية المؤطرين ومن هم يدبرون شؤونها وبشكل لا يستقيم مع ما يتوفر من إمكانيات.

اللقب الهارب عز الطلب

«لا يوجد ما نخفيه، تفعيل التعاقد مع الأجانب مؤسس على غاية وحيدة لا ثاني لها وهي العودة للبوديوم والريادة محليا قبل مناقشة التسويق القاري كما كان الأمر في السابق وبما كان يضمن احتراما كبيرا لهذا النادي العريق».
هكذا لخص مسؤول الجيش الملكي واقع الإفراج عن طلب أساسي بالتعاقد مع الأجانب، مضيفا أنه لم تكن هناك أية قيود فيما يخص الجنسية ولا الوافدين، فقط هم أجانب بمقاسات محددة تستجيب لشروط الممارسة بالبطولة الإحترافية وفي مقدمتها كوطة المباريات الدولية وأن يكونوا على درجة عالية من الجودة التي تليق بالفريق وموارده المالية.
اللقب الهارب منذ ما يقارب عقدا من الزمن كان المحرك الأساسي للعملية، وعلى العامري الذي سيذكر له التاريخ أنه المدرب الأول الذي رافق هذه المرحلة التاريخية أن يؤسس لرؤية شمولية ولنظرة عميقة ولفلسفة تعاقدات واستقطاب لاعبين بالمهارة والجودة التي تزكي شرعية المبادرة والقرار.
الأجانب بالفريق العسكري هي نقطة تحول في مسار النادي الإستثنائي ونقطة تحول في تدبيره التقني، على أن رياح التغيير ستواصل هبوبها ما لم تتحسن النتائج بعد هذه الخطوة الرائدة؟