تشير لغة الارقام والاحصائيات الى علائق وطيدة بين المنتخب التونسي لكرة القدم ونهائيات كاس امم افريقيا للعبة اذ ان منتخب نسور قرطاج يعد من بين ابرز المنتخبات التي فرضت نفسها في الموعد القاري وقد تجلى ذلك من خلال الحضور المكثف في النهائيات والذي ناهز 18 مرة منها 13 متتالية دون انقطاع منذ نسخة 1994 وبلوغه الدور النهائي في ثلاث مناسبات سنوات 1965 بتونس و1996 بجنوب افريقيا و2004 بتونس وهي السنة التي توج فيها باللقب القارى للمرة الاولى في تاريخه.

وتعود أول مشاركة للمنتخب التونسي في النهائيات القارية الى عام 1962 في اثيوبيا التي خسر خلالها امام منتخب البلد المنظم 2-4 قبل ان يتفوق على اوغندا 3-صفر

ولم ترتق المشاركة الثانية عام 1963 في غانا الى المستوى المأمول حيث خرج المنتخب التونسي من المسابقة منذ الدور الأول اثر تعادله مع غانا /1/1/ وهزيمته امام اثيوبيا /2-4/

ودخلت العناصر الوطنية دورة 1965 التي استضافتها تونس لاول مرة بطموحات عريضة بفضل جيل من اللاعبين الموهوبين على غرار محسن حباشة وعبد المجيد الشتالي والصادق ساسي /عتوقة/ ومحمد صالح الجديديوتمكن المنتخب التونسي من الوصول الى الدور النهائي امام غانا التي كانت في قمة عطائهاوعادت الكلمة الاخيرة الى منتخب /بلاك ستارز/ بعد مباراة مثيرة سيطر عليها التسابق والتلاحق 3-2 بعد التمديد.

وغابت تونس عن دورات 1968 و1970 و1972 و1974 و1976 قبل ان تجدد العهد مع النهائيات القارية سنة 1978 في غانا بفريق ساحر ضم مجموعة من ابرز اللاعبين التي انجبتهم الملاعب التونسية على غرار طارق ذياب المتحصل على الكرة الذهبية الافريقية لعام 1976 وحمادى العقربي ومحمد علي عقيد ونجيب غميض وتميم الحزامي وهو جيل اهدى كرة القدم الافريقية اول انتصار لها في كاس العالم على حساب المكسيك في الارجنتين 1978 ليساهم في حصول القارة الافريقية على مقعد ثان في المونديال بداية من 1982

وبلغ المنتخب التونسي في دورة 1978 المربع الذهبي وتوقفت مسيرة ابناء المدرب عبد المجيد الشتالي امام غانا التي رفعت اللقب للمرة الثالثة.

وبعد ملحمة كاس العالم 1978 غاب المنتخب التونسي عن دورة 1980 في نيجيريا قبل ان يعود الى النهائيات القارية خلال دورة ليبيا 1982 غير انه فشل في تخطي الدور الاول بعد ان مني بخسارتين امام ليبيا/صفر-2/ وغانا/صفر-1/ مقابل تعادل مع الكاميرون /1/1/

وفشل المنتخب التونسي مجددا في حجز تأشيرة عبوره الى نهائيات كاس امم افريقيا خلال دورات 1984 و1986 و1988 و1990 و1992 قبل ان يضمن تأهله بصفة آلية سنة 1994 الى النسخة التاسعة عشرة باعتبارها اقيمت في تونس

وخلافا لكل التوقعات عجز المنتخب التونسي عن تجاوز الدور الاول اثر هزيمته امام مالي صفر-2 في الجولة الاولى وتعادله مع الزائير/الكونغو الديمقراطية حاليا/ 1/1 في الجولة الثانية.

وبعد نكسة كاس امم افريقيا 1994 شاركت نسور قرطاج في دورة 1996 في جنوب افريقيا بجيل جديد من اللاعبين ضم بالخصوص شكرى الواعر ورياض البوعزيزى وقيس الغضبان وفريد شوشان وعماد بن يونس ومهدى بن سليمان تحت قيادة المدرب البولوني هنرى كاسبارتشاك وابلت العناصر الوطنية في هذه الدورة البلاء الحسن ببلوغها الدور النهائي الذى خسرته امام منتخب البلد المنظم بنتيجة صفر-2.

وشكلت نهائيات جنوب افريقيا 1996 منعرجا حاسما في تاريخ كرة القدم التونسية التي سجلت انطلاقا من هذه النسخة حضورها باستمرار في كاس امم افريقيا.

وفي دورة 1998 ببوركينا فاسو خرج المنتخب التونسي من الدور ربع النهائي بعد ان انقاد الى الهزيمة امام منتخب البلد المنظم بركلات الترجيح /7-8/ اثر انتهاء الوقتين الاصلي والاضافي بالتعادل 1/1 

وكان زملاء زبير بية انقادوا خلال الدور الاول الى الهزيمة في مباراتهم الاولى امام غانا بنتيجة /صفر-2/ قبل ان يتداركوا الامر في المقابلتين المواليتين بعد الانتصار على جمهورية الكونغو الديمقراطية /2-1/ والطوغو /3-1.

وشاركت النخبة الوطنية في دورة 2000 التي اقيمت بالاشتراك بين غانا ونيجيريا يحدوها عزم راسخ على تاكيد عودتها القوية على الساحة الافريقيةوانهى المنتخب التونسي منافسات الدور الاول في المركز الثاني بعد هزيمة امام نيجيريا /2-4/ وتعادل مع المغرب صفر/صفر وفوز على جمهورية الكونغو الديمقراطية 1-صفر ليضمن بالتالي تاهله الى دور ربع النهائي.

وتمكن المنتخب الوطني في هذا الدور من ازاحة نظيره المصرى حامل اللقب بفوزه عليه 1-صفر قبل ان تتوقف المسيرة في المربع الذهبي امام الكاميرون /صفر-3 الذى كان يضم انذاك جيلا من اللاعبين المتميزين على غرار كالا وريغوبار سونغ وباتريك مبوما ومارك فيفيان فووي.

وخاض المنتخب التونسي المباراة الترتيبية من اجل احراز المركز الثالث امام جنوب افريقيا لكنه انهزم بركلات الترجيح بعد انتهاء المقابلة بالتعادل 2/2 لينهي مشاركته في المركز الرابع.

واحتضنت مالي دورة 2002 وكانت مشاركة المنتخب التونسي تحت قيادة المدرب الفرنسي هنرى ميشال مخيبة للامال بعد ان عجز الفريق عن تخطي الدور الاول من تعادلين مع كل من السنغال وزامبيا صفر/صفر وهزيمة امام مصر صفر/1

واستضافت تونس النهائيات الافريقية للمرة الثالثة في تاريخها سنة 2004 في دورة لا تزال عالقة باذهان الجماهير التونسية باعتبارها اقترنت بتتويج المنتخب بالاميرة الافريقية لاول مرة

ولم يجد المنتخب التونسي صعوبة تذكر في انهاء الدور الاول في طليعة مجموعته بعد انتصاره على رواندا 2-1 وجمهورية الكونغو الديمقراطية 3-صفر وتعادله مع غينيا 1/1 

وتخطت نسور قرطاج في الدور ربع النهائي عقبة السنغال بفوزها عليه 1/صفر قبل ان تزيح من طريقها في الدور نصف النهائي نيجيريا بفضل ركلات الترجيح /الوقتان الاصلي والاضافي 1/1/ لتضرب موعدا في الدور النهائي مع اسود الاطلس المغربية.

ونجح المنتخب التونسي في تتويج مجهوداته والظفر باللقب الافريقي في اعقاب دربي مغاربي مشوق حسمه هدف زياد الجزيرى في الشوط الثاني ليرفع نسور قرطاج التاج القاري بالفوز 2-1 على نظيره المغربي.

ودخل المنتخب التونسي دورة مصر 2006 في ثوب البطل خصوصا بعد فوزه الباهر على زامبيا 4-1 في الجولة الاولى وجنوب افريقيا 2-صفر في الجولة الثانية غير ان الخسارة في الجولة الثالثة امام غينيا صفر-3 جعلت الفريق ينهي الدور الاول في المركز الثاني ليلاقي في ربع النهائي منتخب نيجيريا العتيد في مباراة كانت متكافئة لم تبح باسرارها الا بعد اللجوء الى الركلات الترجيحية التي ابتسم خلالها الحظ للنسور الخضر

وفي نهائيات غانا 2008 توقف مشوار المنتخب التونسي عند ربع النهائي بعد فوز خلال الدور الاول على جنوب افريقيا 3-1 وتعادلين مع السنغال 2-2 وانغولا صفر/صفر. 

وفي الدور ربع النهائي خسر المنتخب التونسي امام الكاميرون 2-3 بعد تمديد الوقت.

وبدت مشاركة المنتخب التونسي في ننسخة 2010 التي احتضنتها انغولا مخيبة للامال بعد 3 نقاط من 3 تعادلات امام زمبيا 1/1 و الغابون صفر/صفر و الطوغو 1/1 ليخرج النسور من الدور الاول بيد فارغة و اخرى لا شيء فيها .

واحتضنت الغابون دورة 2012 و التي ادرك فيها المنتخب التونسي حدود الدور ربع النهائي بفضل تاهل جاء بعد الفوز على المنتخب المغربي 1/2 و النيجر 1/2 والانهزام امام الغابون 1/صفر الا ان مشوار زملاء الحارس ايمن البلبولي توقف في ربع النهائي بعد الخسارة القاسية امام غانا 2/1.

ولم تختلف النسخة الاخيرة من النهائيات /الكان/ و التي انتظمت بغينيا الاستوائية عن سابقتها بما ان مسيرة ابناء المدرب جورج ليكنس توقفت عند حدود ربعالنهائي حيث تاهل النسور الى ذات الدور في المركز الثاني للمجموعة بعد التعادل مع الراس الاخضر 1/1 و الفوز على زمبيا 1/2 و التعادل مع الكونغو الديمقراطية 1 /1 الا ان المشوار توقف بعد الهزيمة امام منتخب البلد المنظم غينيا الاستوئية بنتيجة 2/1 اثر تمديدة الوقت.

وستكون غاية المنتخب التونسي في نسخة 2017 بالغابون بلوغ ابعد المدى في هذه النهائيات ديدنه في ذلك مجموعة متجانسة من اللاعبين ومدرب مخضرم الف الاجواء القارية و تالق معه النسور في نسخة جنوب افريقيا 1996 ببلوغ الدور النهائي وهو ما يجعل الاستفهام يطرح نفسه بقوة هل سيعيد التاريخ نفسه بجيل جديد وتكون الغابون شاهدة عيان على انجاز يعيد الى الاذهان تتويج 2004ام ان الرياح ستهب بما لا تشتهي اجنحة النسور؟؟؟.