للمرة الخامسة يدخل المغرب سباق احتضان نهائيات كأس العالم، بعدما أعلنت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم يوم الجمعة الماضي تقديمها رسميا لملف ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم 2026 لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).. 
للمرة الخامسة يسعى المغرب ليعمم قناعته على العالم، ويؤكد للرأي العام الدولي أنه دائم التفكير في تنظيم هذا الحدث العالمي العظيم.. وللمرة الخامسة تؤكد المملكة المغربية أنها مصممة على أن تتعقب هذا الحلم الكبير من مونديال إلى مونديال، ومن أربع سنوات إلى أربع سنوات، وكأنها عقدت مع ملفات الترشيح معاهدة مطاردة أبدية!!
صحيح أن المغرب خرج خاوي الوفاض من تجارب سابقة، وأخفق أربع مرات في تحقيق حلم تنظيم المونديال عندما فشلت ملفات 1994 ـ 1998 ـ 2006 و 2010.. وصحيح أيضا أنه غاب عن ترشيحات 2014 و2018 و2022، بسبب سياسة التناوب بين القارات.. لكن ما زال طموح المغرب في احتضان نهائيات كأس العالم نابضا بالحياة والتفاؤل والأمل.. وما زال طموح المغاربة صامدا لا يعرف الهزيمة أو القهر.
وإذا كانت عدة عوامل ستخدم المغرب هذه المرة وستكون في صالحه وهو يواجه الملف المنافس المشترك بين كل من المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية وكندا.. منها أنه وضع رجله بقوة في الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بعدما عين فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية للعبة نائبا ثالثا لرئيس الكونفدرالية، محتفظا في نفس الوقت بمنصبه رئيسا للجنة المالية في ذات الهيئة الكروية القارية.
ومنها أن المغرب يعمل منذ سنوات وبكل جد وحزم على إحداث وتطوير كل بنياته التحتية، ويواصل بثبات بناء ملاعبه بجودة عالية وعالمية.
ومنها أن المملكة المغربية لم يسبق لها تنظيم هذا الحدث الكروي الكبير على عكس المكسيك التي نظمته عامي 1970 و1986، والولايات المتحدة الأمريكية عام 1994.
ومنها ـ وهو العامل الأكثر أهمية بالنسبة للمغرب ـ أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قرر أن يضع قطيعة كبيرة مع ماضيه الحزين المليء بالفضائح المدوية، وأن يستعيد قوته وهيبته وسمعته بالشفافية والنزاهة والوضوح.
إذا كانت كل هذه العوامل في صالح المغرب، فإن ما يزيد من حجم التفاؤل، دعوة الملغاشي أحمد أحمد رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم الاتحادات الوطنية في القارة السمراء إلى توحيد صفوفها لتقديم دعم صريح وقوي لترشيح المغرب، وليكون موقفها من المغرب موقفا مؤيدا علنيا ومكشوفا.
لكن رغم كل هذه العوامل وهذا التفاؤل.. لا يجب أن ننسى الصعوبة البالغة التي سيواجهها الملف المغربي وهو يقف أمام الملف المكسيكي الأمريكي الكندي المشترك.. فقد بات تنظيم المونديال عبئا ثقيلا جدا، وباهض التكاليف، وبوسعه أن يثقل كاهل أغنى دول العالم، بعدما قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) زيادة عدد منتخبات كأس العالم إلى 48 منتخبا بداية من مونديال 2026، بدلا من 32 منتخبا وهو النظام المعمول به حاليا.
كما يجب الإعتراف أن ترشيح المغرب الجديد لاحتضان المونديال لن يكون استثناء، فأعداؤنا الذين امتهنوا الطعن والضرب والقصف ونالوا من ملفاتنا السابقة ما زالوا أحياء يرزقون، ولم يتوبوا بعد!! كما يجب الاعتراف بأن فشلنا في كل المرات السابقة كان ثمرة تاريخية لسوء تخطيطنا، وسوء تقديرنا، وسوء سياستنا، وسوء تعاملنا مع المتطلبات الاستراتيجية لكل ملف.. فكل فشل يكون بسبب خطإ قاتل أو عاهة فظيعة.
إننا نريد تصحيحا لمسار ملفنا المونديالي الذي زاغ طريقه عن النجاح في كل المرات السابقة.. نريد استعدادا متكاملا وقد استفاد من كل الأخطاء الماضية.. نريد استعدادا يعيد الأمور إلى نصابها.. ويعيد لطموح المغرب المونديالي شرفه وعنفوانه.
لا يكفينا أن نقدم الوعود جافة على «الماكيت».. أو نقدمها كخطب جوفاء على أطباق من البلاغة.
إن ملفنا المونديالي الجديد 2026 لا بد أن يقوده النوابغ والأكفاء والعارفون.. لا بد أن يتناوله الذين يفهمون جيدا في شؤون الرياضة، ويفهمون جيدا في شؤون السياسة، ويفهمون جيدا في شؤون الاقتصاد، ويفهمون جيدا في شؤون التجهيز والتخطيط والتدبير.. وغيرها.. لذلك فإن الاعتماد على ذات السياسات والمخططات والإستعدادات السابقة سيكون فيه قدر كبير من السذاجة ومن العبث.. بل ومن الإنتحار!!