بين الغضب والسخرية تراقصت تعليقات الجمهورين الغابوني والمغربي، على إثر إنتحار الفهود المروع بالدار البيضاء وإقصائهم من تصفيات كأس العالم، تحت أنياب أسود الأطلس الذين إفترسوهم بشراسة وضراوة.
الغابونيون تذوقوا من نفس الكأس التي شرب منها الماليون قبل أزيد من شهر، فلم يفهموا سيناريو الإندحار الغريب والذي جاء بصورة قاسية وغير متوقعة، وكأن الأقدام مشلولة والعقول شاردة والأيادي مربوطة، فلم يظهر الفهد الأصفر قط فوق أرض المعركة، وبدا عليلا وفاقدا للشهية وضعيف المناعة.
كآبة منظر الضيف وفتوره بررها بشكل مفاجئ مدرب وعميده إلى سوء كرم الضيافة، مع حكاية تسمم غذائي قهر الأبدان وأصاب الأمعاء بالإسهال، فأثر على العطاء وأطفأ الشرارة، في عذر أقبح من الزلة.
يقول أوبميانغ وليمينا وبعض رفاقه أنهم أصيبوا بالإسهال وتعرضوا لمؤامرة قد تكون شريرة من مطعم الفندق الذي أقاموا فيه بالدار البيضاء، حينما تناولوا يوم المباراة وجبة فطور مشكوك في صحتها، وشربوا عصير برتقال مسموم قضى عليهم، وجاء مدربهم الإسباني كماتشو بعد المباراة يفيد أن فيلقه تأثر بتسمم غذائي إثر تناوله وجبة «سوشي» في أحد المطاعم اليابانية، والمبرران من اللاعبين والمدرب معا يظهران تناقضا وعشوائية وقلة إحترافية.
فكيف يُعقل أن يغادر بعض اللاعبين المحترفين على أعلى مستوى بأوروبا الفندق والمعسكر للتبضع والنزهة وقصد مطعم أسيوي، وكيف يُعقل أيضا أن يغيب التنسيق والمراقبة بين طبيب المنتخب الغابوني والمكلف بالتغذية مع طباخي الفندق، للوقوف بحرص ودقة على كل ما يتم تحضيره، وتفادي ما يمكن أن يسبب عسر هضم أو إزعاج إلى حد التسمم لو صحّت إدعاءات الغابونيين.
لكل منتخب مريض ومقهور أسبابه ومبرراته للتخفيف من عقوبة الجلد من أنصاره، ولكل منتخب منتصر ومستعرض العضلات لذة النشوة وحلاوة السخرية من أعذار الخصم، في قالب الشد والجذب والمزاح في إطار أخلاقي لا يزيغ عن سكة الروح الرياضية.
العميد المهدي بنعطية ومعه بوطيب وأسود آخرين نشروا فيديو بُعيد اللقاء على مواقع التواصل الإجتماعي إستفزوا فيه أوبميانغ، وسخروا من حكاية العصير المسموم وقالوا أن الشاي المغربي هو سبب الهزيمة بثلاثية، لتنهال التعاليق من المغاربة والغابونيين بين مؤيد للدعابة وفيديو السخرية، ورافض ومستنكر كونه من قلة أدب وإحترافية العميد وبعض زملائه.
التهليل والرقص والتفاؤل المطلق بعد الفوز الرائع للأسود جاء بعنوان «إعطيه العصير»، إستنباطا من لازمة الفكاهي محمد الجم الشهيرة والتي تبناها الفنان سعد لمجرد، دون التقليل من إحترام الخصم والشعب الغابوني الصديق، وإنما على سبيل السخرية والنكت ونشر الإبتسامة التي خاصمتنا لسنوات طويلة.
شاي بنعطية أو عصير أوبميانغ أو برتقال بوطيب شُربوا وإنتهت لذتهم بإنتهاء ساعات الهضم السريع، والجدية عادت للأركان تأهبا لموقعة الزمان، هناك بعد أقل من شهر بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان حيث لن تنفع سخرية ولا إستهزاء، غير الجدية والإنضباط والدفاع عن الكبرياء.
الصدارة في اليد، والأعين على التأشيرة الروسية، والنقطة التاريخية الوسيلة الوحيدة لكي نواصل البسمة والضحك والإنشراح إن شاء الله، فالجزاء بالكفاح والعبرة بالخواتيم.