أن تكون عالميا عبر بوابة بطل إفريقيا ليس هو أن تحظى بهذا الشرف وأنت صاحب ضيافة للمسابقة، لذلك كلمة العالمية ووزن هذه الصفة يحتاج لأكثر من وقفة.
فالرجاء العالمي إستمد عالميته هته من معطيين، الأول حين زأر بكل إفريقيا وأخرس التوانسة بملعب رادس أيام قوة وسطوة الترجي وزمن سليم شيبوب وتوغله بقلب "الكاف" وما رافق هذه المباراة من فصول مخزية، قبل أن يفرض النسور منطقهم في تلك الظهيرة الرمضانية ويعلنون سفرهم للبرازيل كأول سفير للقارة بمعترك الكبار.
والمعطى الثاني الذي يمنح الرجاء صفة العالمية التي تتباهى، ليس مشاركتها في مونديال الأندية الذي احتضنه المغرب وإنما لقدرتها على تطويع خصومها لتكون مع البايرن على نفس الحافة في المحفل النهائي الذي سيعلن النسور وصيفا للعملاق البافاري.
لذلك أمر العالمية مردود على من يلحق بمونديال الأندية وهو بطل لبلاده أو مستضيف، وإلا لكان نادي أوكلاند سيتي المغمور هو سيد الأندية العالمية كونه يشارك كل سنة.
ظهور المغرب التطواني في مونديال الأندية وخوضه مباراة تمهيدية أمام أوكلاند تحديدا وخروجه منها مهزوما لا يتيح أمامه هذا الحق في أن يرتدي هو الآخر رداء العالمية.
لذلك سيكون الوداد عالميا باستحقاق هذا الرداء وهذه العباءة حين يطيح بأهلي القرن، وحين يضيف لقب العصبة في صيغتها الماراطونية المنقحة التي أصبحت تفرض أسفارا معقدة في عمق الأدغال وتتطلب نفسا طويلا.
وسيكون الوداد عالميا حين يحط رحاله بدبي الإماراتية ملكا على قارته بعد مسار حقق فيه أجمل ريمونطادا منذ مباراته الثالثة بدور المجموعات ونجاحه بعدها في أن يلحق الأذى بالأهلي وزاناكو ويغزل ثانية قطن الكامرون ويروض الكناري الجنوب الإفريقي ويكفن أحلام اتحاد الجزائر.
روعة العالمية التي طالما فتش عنها الوداديون ولاحقوها ستستمد إذن من الجذور الإفريقية كما فعلها غريمهم التقليدي الرجاء، وسيكون بين الغريمين فاصل السن بالسن والبادي أعلم الذي سيجعل أنصار القلعة الحمراء يضيفون موشح العالمية للقاموس الطويل من أناشيدهم التي يتغنوا بها في المدرجات.
هي 90 دقيقة الفاصلة إذن بين الجد واللعب، بين المجد والبقاء في نفس الموقع، هي دقائق حاسمة سيكون من العبث والجنون لو يراهن فيها الوداد على عتمة الأصفار والتعادل السلبي ليعتلي قمة القارة.
الوداد الذي سجل في كل مبارياته على ملعبه قاريا مطالبا بأن يظل في نفس النسق وأن يحذو نفس الحذو أمام الأهلي الذي سيأتي بدوره لضرب ممثل المغرب بهدف يعيد رسم تفاصيل التتويج من الصفر.
على الوداد أن يحذر من ناد بثقافة عالية وبعراك محمود في مثل هذه المواعيد الثقيلة، ومن ناد تمرس بمثل هذه الإختبارات المشنوقة وكثير من المرات خرج منها مظفرا سالما.
الأهلي سبق له وأن عانى نفس السيناريو مع نفس المدرب البدري في نهائي نفس المسابقة أمام الترجي وعاد ليقلب الطاولة على التونسيين في الإياب وبملعبهم وليعلن بطلا مع سبق إصرار وترصد للعصبة التي يعشقها ويكتسح كل أرقامها.
التاريخ الذي يضع الوداد في بروازه الذهبي هو نفسه التاريخ الذي يفتح هذه المرة أحضانه لقلعة الكؤوس المغربية ليلجها ملكا مختالا وليعلن دبج إسمه ضمن خانة العالمية التي تمثل للأنصار حلما وسدرة عالية ومنذ زمن طويل.
الثالثة للوداد نريدها مثل شقيقتها الأولى بأم درمان أمام الهلال وليست مثل الثانية أمام الترجي ونريدها بطعم الذهب هذه المرة ولا شيء سواه، ذلك الذهب الذي سيفتح المعابر لمونديال الإمارات وسيضفي على وداد المقاومة الهالة الإعلامية الحقة.