مبروك للمغرب، مبروك لوداد الشهداء والفداء، مبروك لكل الوداديين من أصغرهم إلى شيخهم، مبروك للكرة الوطنية عودتها إلى السيادة القارية، وألف مبروك للأبطال الذين كانوا رجالا وحققوا الحلم الجميل.
لحظة تاريخية وإستثنائية لطالما إفتقدناها لسنوات وعقود، ويوم أنطولوجي ذلك الذي عاشته الدار البيضاء وكل المدن المغربية يوم السبت الماضي، حينما جلس الودادي إلى جانب الرجاوي والعسكري، وتفاعل الطنجاوي والسوسي مع وداد الأمة، وهتفت حناجر عبدة ودكالة وإهتزت رمال الصحراء المغربية رقصا مع العاصفة الحمراء التي جرفت التراب الوطني والإفريقي.
لا تعليق ولا تحليل ولا تشريح الآن غير الثناء والفرح والنشوة، بتسيد الوداد المغربي لجبال القارة السمراء، ورجوع الهيبة للكرة الوطنية وعودتها لمنصة التتويج في أغلى المسابقات، بعد صمت وإنكسار وجمود دام 18 سنة كاملة.
فيلم «أكشن» ودادي الذي تحدثت عنه سابقا إنتهى على وقع أجمل وأروع نهاية، مع ختام زواج سعيد وتاريخي بالأميرة السمراء، في عرس بهيج وآسر بعاصمة الرعب، بمهر مصري دفعه الوداديون بسخاء من أجل توقيع عقدٍ ذهبي مع السعادة والفخر، والتتويج بأغلى ما يمكن أن يتوج به أي فريق.
فعلها البطل وأنهى الدراما والتشويق بنهاية مجنونة وصاخبة، تفادى فيها الإنتحار وعانق البطولة بإقتدار، مثيرا تفاعلا مجنونا ومنقطع النظير للجماهير، والتي توحدت في كل الأرجاء لتشاهد فصول أجمل نهاية ممكنة لفيلم تاريخي بإخراج ودادي غاية في الإبداع والإتقان.
ما أحلى أن تعود البسمة بعد طول إحباط، وما أجمل من إيقاظ مشاعر الوطنية والتلاحم عبر الرياضة وكرة القدم، وما أعذب الرجوع إلى الألقاب والتتويجات في لحظات الشدة والحاجة، وما أروع إعتلاء عرش قارة وتمثيلها في أكبر حدث عالمي يعلّي الهمم ويرتقي بالنفوس ويطرب الروح.
نجمة ثانية لوداد الأمة ولقب سادس للأندية المغربية، ومونديال رابع سيفتح دراعه للفرق الوطنية لتكون من بين الدول الأولى الأكثر مشاركة في الحدث الكوني، وما يمثله الأخير من تلميع إشعاع البلد وصورة الكرة المحلية التي تعافت من الوهن، وإستعادت القوة والرهبة والتوهج.
الذكريات والتاريخ يقولان أن الخيرات حينما تأتي لا تأتي فرادى، والأفراح تُسترسل وتتوالى كالنسمات، والثورات تجتمع في عام لتنهي سكون سنوات، لتوقظ شرارات البهجة وترسم سلم الصعود إلى أعلى المنصات.
فعلها الجيش الملكي سنة 1985 متوجا بعصبة الأبطال الإفريقية وبعدها نسج أسود الأطلس أجمل ملحمة بمكسيكو 1986، وحصد الرجاء البيضاوي أخضر ويابس وذهب إفريقيا عام 1997 ليشحن الفريق الوطني بزاد ومتاع التألق الإستثنائي بمونديال فرنسا 1998، والأمل كل الأمل أن يصيب الوداد البيضاوي بطل إفريقيا 2017 جيل بنعطية بعدوى الإنجازات، ويسقطه طريح بساط المجد المرفرف مباشرة إلى كأس العالم روسيا 2018.
شكرا لكم يا وداد الفخر والمقاومة والبطولات، هلمّوا للمزيد من الأفراح والمجد والإنتصارات، لقد رفعتم الرأس عاليا وكنتم رجالا وأبطالا أشداء، ورجاءا واصلوا السير بتواضع وأنفة وعزيمة في الرحلة العالمية، وعرفوا بأنفسكم للعالم وتلذذوا مشاكسة عمالقة القارات، وإعملوا على بلوغ الطريق التي سيمر منها ريال مدريد.
أما أنتم يا أسود فالأسبوع أسبوعكم، والدور القادم عليكم، والحلم الأعظم بين أيديكم، فما عليكم إلا أن تكونوا رجالا وترجعوا لنا أبطالا من أبيدجان، وإطلبوا عدوى «بوحمرون» فإنه سيرفع أذرينالين المغاربة إلى الذروة.