ADVERTISEMENTS

صاروخ نهيري أخطأ الهدف

بدرالدين الإدريسي الجمعة 10 يوليوز 2020 - 13:22

أن يكون محمد ناهيري قد نصب المتاريس المادية أمام الوداد البيضاوي، لتصبح عبارة عن جدارات حاجبة للممكن، بل وقشات قاصمة للظهر ولتغدو مطالب تعجيزية، فهذا من حقه، فما بين اللاعب والنادي يفتح الله، إذ ما عاد ضروريا أن نتعلق بأهداب الرومانسية المعذبة في زمن الماديات، لنقبل بما يدعيه بعض اللاعبين من أن النادي مكانه القلب، والحال أن هذا القلب لا يمكن أن يتسع لعشرات الأندية التي هي مجموع المحطات التي يعبرها اللاعبون في مسارهم الرياضي.
من حق محمد نهيري أن يطلع للجبل ويطلب لقاء بقائه برفقة الوداد ما يطلب، حتى لو كان الرقم المطلوب قد أقحم في عداد الأرقام الفلكية التي تجمد المياه في نهر البطولة بل وتصيب بالصدمة، فالرجل الذي أبعد قهرا عن التشكيل الأساسي خلال هذا الموسم بسبب أنه تمنع عن أي جلوس لطاولة المفاوضات لتمديد عقده، أعيد إلى الوداد بطلب ملح من غاريدو، وكانت عودته مبهرة أمام النجم الساحلي التونسي في ربع نهائي عصبة الأبطال الإفريقية، فلا أحد يمكن أن ينسى هدفيه الخرافيين اللذين أطفأ بهما نجما تونسيا كان عازما على إطلاق ضوء نيزكي في عصبة الأبطال.
لا نية لي إطلاقا في مساءلة نهيري عن هذه اللغة التي اختارها لمفاوضة فريق لا يمكن إلا لجاحد أن ينكر بأنه ساهم إلى حد بعيد في مضاعفة قيمته التسويقية، ولكن ما صدمني هو أن ما ادعاه ناهيري، بأن لا شيء على الإطلاق يلزمه بالبقاء مع الوداد إلى غاية نهاية الموسم الكروي برغم أن عقده انتهي متم شهر يونيو المنقضي، وأضاف لذلك أن الفتوى هي من وكيل أعماله، والحال إذا كان هذا الوكيل معتمدا بوثيقة رسمية، فإن الجهة التي سلمته هذا الإعتماد قد تكون بحاجة لأن تسائله عن هذا التعدي على نص قانوني صريح صادر عن جهة وصية وراعية لكرة القدم العالمية هي الفيفا، بل وأن تواجهه بتهمة إشعال الفتنة لجهله بالقانون وهو الحري به أن يكون هاضما لهذا القانون..
مواجهة لجائحة كوفيد 19، إنتظر جميعنا أن تتحرك الفيفا كوصي على كرة القدم لتدلي بدلوها إزاء ما اعتبر حالة إستثنائية في الزمن الكروي الحالي، بمعنى أن تشرع وتفتي في أمور مستجدة ومستعجلة، وقد فعلت ذلك من دون أدنى تأخير، وأمكن من خلال الإطلاع على الدورية الأهم الصادرة عن الفيفا في زمن الجائحة يوم السابع من أبريل والمعنونة بـ «الدليل الإرشادي للتعاطي مع التداعيات القانونية لجائحة كوفيد 19»، أن نقف على حزمة قرارات مفصلية، منها ما لها طبيعة إجرائية ونافذة، ومنها ما لها طبيعة تفاوضية واختيارية لا إلزام فيها.
اعتبرت الفيفا أن جائحة كوفيد 19 قوة قاهرة، والقول بالقوة القاهرة يمتع الفاعلين الرياضيين بحق تعديل نظام التعاقدات، ومن موجبات التعديل، أن الأندية بإمكانها أن تفاوض لاعبيها ومجموع أجرائها على تخفيض رواتبهم بنسب مائوية يحصل عليها الإجماع، واقترحت الفيفا لهذا القرار الإختياري مجموعة من القنوات القانونية، وقال النص أن أي طعون قد تأتي لغرفة النزاعات التابعة للفيفا، سيتم التعامل معها بإعمال القوة القاهرة التي تبيح تغيير جوهر العقود، مقابل هذا نصت دورية الفيفا الصادرة يوم 7 أبريل الماضي على قرار إلزامي، يقول بأن للأندية الحق متى أرادت ذلك، في أن تحتفظ بكل لاعبيها الذين تنتهي عقودهم متم شهر يونيو من عام 2020 إلى غاية نهاية الموسم الكروي، وقالت ذلك صراحة في دليلها الإرشادي «تنتهي عقود اللاعبين بنهاية الموسم الكروي، وبفعل الجائحة فإن العقود التي تنتهي بنهاية شهر يونيو يجري تمديدها إلى غاية النهاية الفعلية للموسم الكروي»، وفي حالة محمد ناهيري فإنه ملزم بقوة العقد الذي يملكه مع الوداد البيضاوي، بأن يستمر مع هذا الأخير لغاية نهاية شهر شتنبر، أي بعد انتهاء التزامات الفريق الأحمر الإفريقية، والتي ستفرض عليه دخول الدور نصف النهائي لعصبة الأبطال في الأسبوع الأخير من شهر شتنبر القادم، وأي مخالفة لهذا البند الإستثنائي والمستجد بفعل القوة القاهرة يعتبر عصيانا رياضيا يستوجب العقوبات الرياضية والغرامات المالية المنصوص عليها في القانون الداخلي للوداد والمومإ إليها في بنود العقد.
لا حاجة إذا لأي تأويل فاضح وخاطئ لنصوص قانونية واضحة، ولا متسع لنا في مشهد كروي محتقن، أن نزيد في الطين بلة وأن نجتهد من دون أي خلفية قانونية في الإفتاء، كما هو حاصل في العديد من المنصات الصحفية، التي يأتي فيها بعض المحللين عن جهل ببدع قانونية تثير الفتنة، والأولى أن تعاد مثل هذه الأمور لأهل الإختصاص حتى لا تشيع بيننا فاحشة الإفتاء والإبتداع بلا سند وبلا معرفة.. 

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS