ADVERTISEMENTS

الرؤوس مرفوعة

بدرالدين الإدريسي الثلاثاء 28 شتنبر 2021 - 14:08

طبعا تمنينا لو أن القدر لم يرم في طريق أسودنا، وهم يبلغون في إنجاز تاريخي غير مسبوق الدور ربع النهائي لكأس العالم داخل القاعة، منتخب البرازيل المرشح الأول للفوز بنسخة هذا العام، والذي يجمع في حقيبته خمسة ألقاب عالمية، لأننا كنا نحلم بأن نكون أول منتخب إفريقي وعربي يصل للمربع الذهبي للمونديال.
لم يكن هذا التمني خوفا من منتخب البرازيل أو حتى تقليلا من جرعات الثقة التي اكتسبها رجالنا، أو انحناء لسطوة التاريخ الذي يضع عادة على الورق فوارق هي كالجبال شاهقة ويصور لنا أن الفوز على السحرة شيء مستحيل، ولكنه كان بإيعاز مما أخبرنا به هؤلاء الفتية، من أنهم يريدون كتابة صفحات أخرى في الملحمة.
وكم كان رائعا أن يدخل منتخبنا الوطني داخل القاعة، وقد تمكن بالكاد في ثالث مشاركة له من الوصول للدور ربع النهائي، بلا أدنى مركب نقص، بل وأن يكون بجرعات عالية من الجرأة والجسارة التي تتواضع أمام المنافس، لكنها لا تقدسه ولا تبالغ في احترامه، حتى لو كان تاريخه مبهرا كحال تاريخ المنتخب البرازيلي بطل العالم خمس مرات.
إستلهمت روح التحدي لدى الأسود مما قاله النجم والغوليادور يوسف المسرار في حواره مع «الفيفا» وهي تحتفي بالإنجاز الكبير للأسود، فقد سئل عن الوقع النفسي الذي تتركه لديه ولدى زملائه مباراة أمام البرازيل في الدور ربع النهائي للمونديال، فأجاب بثقة عالية، لا غلو ولا مكابرة فيها: «لو قلت لي وأنا بعد طفل صغير من أنه سيأتي عليك يوم تواجه فيه منتخب البرازيل بكأس العالم، لقلت أنه ضرب من الجنون وإفراط في التخيل، هذا الحلم أصبح اليوم حقيقة، لكن دعني أقول لك شيئا، بصرف النظر عما تحكي عنه كتب التاريخ وما تقوله الإحصائيات والأرقام والمقايسات، يوم المباراة سنكون 5 مغاربة و5 برازيليين وبيننا كرة هي الحكم».
وقد كانت بالفعل تلك الكرة وهي تميل تارة للمعترك المغربي وأخرى للمعترك المغربي، تارة تستلذ بالسحر البرازيلي وأخرى تتضوع بالعطر المغربي، هي الفاصل بين منتخبين باعد بينهما التاريخ ولكن على أرضية الملعب برزت العديد من نقط التشابه، بدليل أن منتخب البرازيلي سجل هدف الفوز والتأهل من كرة متوقفة وليس من جملة تكتيكية، وبدليل أن المنتخب المغربي أحكم في العشر دقائق الأخيرة قبضته على المباراة وجعل منتخب البرازيل على غير العادة يستنجد بكل الفنون الدفاعية، وبدليل أن فرحة عارمة غمرت البرازيليين بفوزهم الصغير، لقد شعروا أنهم قطعوا واديا رهيبا وتخلصوا بالفعل من مستنقع خطير لأن من كانوا يقابلونهم، أسود أنيابهم بارزة وجلدهم أشبه بجلد التماسيح.
برؤوس مرفوعة وبهامات ناصعة غادر إذا أسود القاعة مونديال ليثوانيا، مستمتعين بجمال ما أبدعوه في مبارياتهم الخمس وفخورين بلحظات السعادة التي أهدوها للمغاربة، وإن استحقوا قبلة منا جميعا على جمال الملحمة العالمية وجاذبيتها، فإن الربان التقني هشام الدكيك يهنأ مرتين، مرة لأنه صمم سيمفونية فنية وتكتيكية قارعت كبار العالم بلا خوف ولا وجل، ومرة أخرى لأنه أوصل الفوت صال المغربي إلى العالمية، وذاك كان حلما من أحلامه.
وينسب هذا الإنجاز التاريخي للمغرب في مونديال القاعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي وفرت بلا مزايدة الظروف الممكنة وحتى غير الممكنة، بالنظر إلى أن التحضير كان في زمن الجائحة، ليكون منتخبنا الوطني مستعدا نفسيا وبدنيا وتكتيكيا لكتابه التاريخ، ظروف لا أتصور أن منتخبات كثيرة من التي تواجدت بمونديال ليثوانيا حظيت بها، وقد جسدها العدد الكبير من المعسكرات والمباريات الودية الثقيلة في ميزان الخبرة والتجربة.
ولأن أسودنا يستحقون كل احتفال يأتي منا جامعة ومؤسسات بما أجزوه، فإن ما بعد الإحتفال، استثمار يفرض نفسه، استثمار في الإنجاز التاريخي يأخذ بعدين أساسيين، بعد يرتبط بالفريق الوطني الذي يجب أن يدافع بضراوة على كل مكتسباته (لقبه الإفريقي ولقبه العالمي ودخوله ضمن أفضل 10 منتخبات عالمية) وبعد يرتبط بقاعدية الهرم، حيث يلزمنا ما تحقق بأن نجعل كرة القدم داخل القاعة رافعة رياضية وطنية نتعبأ لها جميعا، لنجعلها بنيويا رياضة كل المغاربة ولنجعل لها بطولة احترافية تتساوى في القيمة والمرصود ماليا ولوجيستيا مع كرة القدم 11.

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS