ADVERTISEMENTS

سرطان وبيطادين

الخميس 28 يناير 2016 - 11:06

هل سمعتم في يوم من الأيام أن مريضا يحتضر على فراش الموت ويعاني مرض السرطان تم علاجه بــ «البيطادين»؟
هل سبق في علم الطب وأن عاد شخص من موت سريري بإعطائه حقنة «إكسير الحياة»، ولو توفر كل مال الدنيا ما لم تحضر معجزة الخالق جل شأنه؟
أستغرب كثيرا كما استغربت على امتداد مساري المتواضع  من كل هذا البكاء والعويل و ندب الخدود وشق الجيوب، بعد كل الذي تابعناه وشاهدناه برواندا وكأن المنتخبات المغربية تعود كل مرة غانمة من (الكان) وتحمل معها لقب الدورة.
إستغربت لأبناء هذا الجيل من الإعلاميين والمواقع وهم يبكون كرتنا المغربية، ولو عدنا بالمنطق والإحصاء والتدقيق في خزانة كرتنا لوجدناها عليلة مسرطنة وموبوءة، والجيل الذي يكتب اليوم مرثياته ويبكي طللياته على مشاركة (الشان)، لم يسعد في يوم من الأيام بنتيجة كبيرة لمنتخب وطني أو فريق مغربي.
نحن الشعب الوحيد في العالم وعلى سطح هاته الأرض من يهلل للهزائم ويخلدها ويحتفل بها، لأنه على امتداد 10 سنوات وأكثر ونحن نعيش على ما سمي إنجازا وهو ليس كذلك بعبورنا لنهائي كأس إفريقيا بتونس وخسرنا اللقب لفائدة منتخبهم، وكأننا إنهزمنا أمام البرازيل أو ألمانيا، في وقت تونس كانت تغنم أول كأس قارية لها بمشوارها.
14 سنة مرت على آخر إنجاز كبير للرجاء بعصبة الأبطال الإفريقية التي ربحها بتونس و30 سنة على آخر لقب لنفس الكأس للجيش الملكي و24 سنة على آخر لقب لذات البطولة للوداد، فلماذا نزور التاريخ ونبكي على (الشان) وغيره وفاقد الشيء لا يعطيه عندنا؟
فاقد الشيء هو لاعب البطولة الذي يغادر كأس (الكاف) والعصبة من أول دور تمهيدي، فكيف نطلب منه أن يتمرد وينسلخ عن جلد الهزائم  التي أدمنها حين يذوب في قالب الجماعة والمقصود المنتخبات الوطنية؟
ولو افترضنا أن أبناء الجيل الحالي ممن يكتبون اليوم بالصحافة والمواقع هم من أصحاب سن 24 إلى27 سنة، نصل لحقيقة مؤلمة كونه جيل نشأ وتعب ورافق أسوأ حقب الكرة المغربية وتربى على ثقافة الإنحناء والوجع المضني للقلب والفؤاد من كثرة الإخفاقات.
هدا الجيل وجيل الباكالوريا لم يشاهد منتخب المغرب بالمونديال يلعب، بل سمع وحكى له «غوغل»  تاريخ حضورنا المونديالي، لأن أغلبهم من مواليد 1994وهي السنة التي حضرنا فيها بمونديال أمريكا وحين كنا نختم آخر مشاركاتنا المونديالية بفرنسا 1998 كان عمرهم 4 سنوات وبالكاد بدأوا الخطو الصحيح بعد فترة الحبو..
شباب اليوم تابعوا المنتخب المغربي يفشل في العبور لـ 4 كؤوس للعالم ومن أدوار أولى، وتابعوا من يسمون أسود الأطلس يخرجون مرات من الدور الأول  لكأس إفريقيا للأمم من 2000  بنيجيريا وبعدها بمالي وبعدها بمصر وبعدها بغانا وبعدها لم نشارك بأنغولا وبعدها إقصاء بالغابون وآخر مثله بجنوب إفريقيا؟
أليس  الخروج المبكر والقصري كل مرة من هذه المسابقات سرطان ووباء فتاك لم ننجح في علاجه، فلا نحن استوعبنا ما قاله هنري ميشيل بعد العودة من دورة غانا بملء شدقيه والفم «كرتكم متعفنة ومتسخة» وعاد ميشيل ليقول بالمعمورة وقد كنا بصدد العودة من تغطية (الكان) البئيس بغانا «كل مرة تشاركون بكأس إفريقيا للأمم تطالبون بالكأس، هل لديكم لاعبين بحجم دروغبا وإيطو لتحلموا هكذا؟».
ما قاله ميشيل كان كبد الحقيقة، وفي إيلام الحقيقة يحضر الحرج ويومها طأطأ أوزال المأسوف على رحيله الرأس، وصنفوا ما قاله ميشيل كبيرة من الكبائر التي تلزم رحيله  لكونه من اللاعنين للملة والآكلين للغلة بل من قال أنه مرتزق لعين..
سرطان الكرة المغربية واضح بميركاطو الإنتقالات التي تستهلك نفس السلعة، ياجور من الرجاء للوداد ومنه يعود للرجاء ثم يرحل للوداد وغيره كثير وكأن الوداد والرجاء التي كانتا مشتلا لإنجاب اللاعبين أصابهما العقم وما عادتا قادرتان على إنجاب مثله.
سرطان الكرة المغربية هو في صورة تعاقد الرجاء مع لاعبين أفارقة درجة رابعة في الصيف وتعود لتفسخ عقودهم شتاء وتمنحهم مؤخر الصداق، وهي التي كانت تتحاكى إفريقيا كلها بمواهبها التي كانت تجد صعوبة في الإحتفاظ بها وتقوم بتصديرها لمختلف فرق البطولة بما كان ينعكس بالإيجاب على الخضراء وباقي أشقائها من الفرق؟
سرطان الكرة المغربية هو في الجيش الملكي الذي له أفضل مركز رياضي بإفريقيا ويصر على قهر أبنائه واستيراد البضاعة الكاسدة والمفلسة التي تقبر موهبتها بالمعمورة فلا هو استفاد ولا مواهبه التي كانت تشكل العمود الفقري للمنتخب المغربي فيما مضى رأت النور وانطلقت للأضواء؟
سرطان الكرة المغربية في أن تشتري الوداد ظهير أيسر ونلوم فاخر لماذا ذهب بكروشي لرواندا، وسرطانها في تهافت كبار الفرق على مهاجمين أفارقة ليظل مهاجمونا عاطلون ونقوم باغتيال التكوين لإنجاب الخلف الصالح للبوساتي ولغريسي..
سرطان الكرة المغربية في سماسرة الـميركاطو وفي العقود المنفوخة للاعبين بعاهات تقنية واضحة، ولسياسة «بَّاكْ» صاحبي وتدخل مستشار الرئيس في تعاقدات الرئيس.
سرطان الكرة المغربية في المسير الذي يتعدى الإختصاص ويمكث بالكرسي حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا ويتقوس ظهره، ويرفض الرحيل إنتصارا لإرادة  الجمهور، وفي المدرب الذي يضرب شقيقه بالظهر ومن تحت «الكلوة» وفي اللاعب والشيشة والأنترنت والزهو وحتى الإعلام الذي لا يفضح ويحابي أحيانا..
حين نشخص هذا الورم بطريقة صحيحة، وحين نخلص لحقيقة أن هذا السرطان ميؤوس منه ولا حل له سوى «الكي» كآخر حلول العلاج.. ونصدق أننا ما عدنا قوة كروية كبيرة بالقارة ونكف على تصدير الوهم للجمهور..
يومها ممكن أن نحلم ليس بــ (الشان) ولا (الكان).. بل بإمكانية أن نتخلص من عقدة اسمها الخروج المبكر والإقصاء المبهدل  و«وتخفاف الزيارة» وتصدير شوهتنا للخارج..

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS