ADVERTISEMENTS

ماذا علمنا الحاج الغربي؟

بدر الدين الإدريسي الأربعاء 20 نونبر 2013 - 15:43

في تأبين الجمعية المغربية للصحافة الرياضية لهرمها الشامخ; لفقيدها الكبير، مؤسسها ورئيسها الأول المرحوم الحاج عبد اللطيف الغربي ما يرمز إلى خصلة الوفاء والثبات على الموقف واحترام  المرجعية والصدق في العهد.

وفي الحضور الوازن الذي عرفته قاعة مقر وزارة الشباب والرياضة بعد عصر يوم الخميس الماضي ما يدل على أن ساحة الصحافة والفكر والثقافة فقدت رجلا أعطاها طابع النبل، إن لم يكن تاريخيا  قد أسهم فعليا في وضع النواة الأولى لها.

في قمة الحزن على جلال المصاب وعظيم الفقد، كان هناك فرح بأن الراحل نال منا جميعا إعلاميين رياضيين بارزين، مثفقين ومفكرين ما كان يستحقه  من تخليد للأثر الفكري والمهني وأيضا لكل ما كان يتمتع به من عمق وطني، وهو الرجل الذي لم يقايض أبدا بحبه لوطنه وبسخائه  في البذل وفي العطاء..

المرحوم الحاج عبد اللطيف الغربي كما رأيته سامقا في حقول الصحافة، ضليعا في تأديب الإعلام  الرياضي فصيحا في نقل الأحداث وتهديب المتلقي، قد لا أكون بهذه الكلمات التي قدمتها به في الحفل التأبيني أو فيته كل حقه، ولكن عذري أنني أمام نهر يفيض بالإبداع ومن يستطيع أن يضع حدودا للأنهر التي تنساب فيها جداول الخلق والإبداع..

بسم الله الرحمن الرحيم

«يا أيتها  النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي»

بسم الله الرحمن الرحيم

«وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون»

صدق الله العظيم..

في حمأة الفقد ولوعة الرحيل، عندما يغيب للأبد قمر أضاء الحياة وتتيم الأماسي الجميلة للوطن..

عندما يودع الجسد الطاهر في لحده تتهامى الدموع وتتصاعد الزفرات ولا يقوى الناس علىحزن الفقد.

عندما يفقد الإعلام فارسا من فرسانه..

عندما تفقد الثقافة نيزكا من نيازكها..

عندما تفقد النخوة والأصالة بشرا من بشائرها..

عندما تفقد الجمعية المغربية للصحافة الرياضية من أسس لها القواعد وتبت لها البنيان وحمى لها العرين رفقة ثلثة من الصحاب الأخيار..

عندما يفقد المغرب علما من أعلامه وموسوعة من موسوعاته..

عندما نفقد جميعا الحاج عبد اللطيف الغربي.

كلنا نبكيه ونختلف في صياغة هذا البكاء على مرتية حزن جارف، ثم تلفنا رحمة الله، فنؤمن أن ذاك كان قدرا وأن الحاج عبد اللطيف الغربي لبى نداء ربه وأسلم الروح لبارئها وفارق هذه الحياة ليخلد في دار الرضوان، بعد أن فعل خيرا في وطنه، في علمه، في حرمه، وفي أبنائه وأيضا في نفسه، فهناك عند ملك مقتدر سيحاسب فقيدنا على ما أعطى وما نظنه إلا أجزل العطاء..

كان الحاج عبد اللطيف الغربي مدرسة في الحياة تخرج منها الآلاف، مدرسة تعلمنا منها فيض العطاء، السخاء في العطاء، الإبداع في العطاء والإخلاص في العطاء.

مدرسة أسست للبذرات الأولى للصحافة في مبناها العام وللصحافة في شتى تخصصاتها وبخاصة الصحافة الرياضية.

في مدرسة الحاج عبد اللطيف الغربي الإعلامية تعلم من هم من قادة الإعلام الإذاعي والرياضي كيف يكون الشغف محركا للحلم وكيف يكون الثبات على الموقف أساسا للشخصية وكيف يكون تقديس الخبر وصدقيته شعارا للإحترافية وكيف تكون الموسوعية مسلكا للوصول إلى قمة النجاح المهني..

من مدروسة الحاج عبد اللطيف الغربي التي تفرعت وامتدت بحورا وشطآنا وأنهرا تعلمنا ماذا كانت تعني العصامية وماذا كانت تعني التضحية المعبر عنها في الفكر وفي العقل، لقد كان الحاج عبد اللطيف الغربي بين من بنوا هذا الوطن لحظة إنعتاقه واستقلاله، كان من الذين أفنوا شبابهم من أجل مغربة المؤسسات ومغربة الجمعيات ومغربة الإبداع والخلق.

وعندما نأتي اليوم لنؤبن فقيد الصحافة الوطنية الحاج عبد اللطيف الغربي فلنذكر ما خلد من أعماله في السجلات ولنؤرخ بالكلمة الصادقة جانبا من جوانب كثيرة في إشتغاله وفي مهنيته، ولنعمل بنصيحة كان يذكرها بوحي من علمه وتنشئته لا تنسوا أصولكم، فلا أصل من لا أصل له.. والجمعية المغربية للصحافة الرياضية المؤسسة المواطنة، وقيدومة الجمعيات ذات الطبيعة المهنية، لا يمكن أبدا أن تنسى وهي تستعد للإحتفال بعد أقل من سنة بعيد ميلادها الأربعين أحد مؤسسيها ورئيسها الأول المرحوم الحاج عبد اللطيف الغربي الذي أعطاها ما قدر له الله أن يعطي بسخاء وعنفوان ونخوة، هو ومن كانوا رفقاء دربه في معركة التأسيس، جيل الرواد الذين منهم من رحلوا رحمة الله عليهم ومنهم من لايزال على قيد الحياة، أدام الله عليهم رداء الصحة والعافية وأمد الله في عمرهم.

ولأن الحاج عبد اللطيف الغربي رحمة الله عليه كان إعلاميا موسوعيا وأيضا رجل فكر وثقافة ومغربيا غيورا على وطنه، فإننا نستلهم من فلسفة عمله ومن أسلوبه في الحياة ومن عقيدته في العمل ما يجعله أبدا حيا بيننا، ويكون بالتالي ضروريا ونحن نستحضر روحه الطاهرة أن ندعو له بالرحمة نحن من نلنا من علمه واستفدنا من فكره ونضالاته، وأن نسعده في قبره بأن نصدق في عملنا داخل مؤسسة الجمعية المغربية للصحافة الرياضية التي كان من أوائل بناتها، وأن نحفظ إرثه الرائع والكبير، هذا الإعلام الرياضي الذي كان من مؤسسيه، ومن الذين بوأوه المكانة التي يستحق في منظومة الصحافة الوطنية.

ولعل في اقتران إحيائنا لهذا الحفل التأبيني للمرحوم الحاج عبد اللطيف الغربي تجسيدا لوفاء وحب لا ينقطعان مع تخليد اليوم العالمي للصحافة الرياضية، ما يرمز إلى أننا ماضين  بعون وتوفيق من الله في تفعيل رسالة السلف الإنتصار أولا وأخيرا لاستقلالية ونزاهة ومصداقية الصحافة باعتبار دورها الإستراتيجي في بناء الإنسان والوطن.

إن وعينا بدقة الظرفية وحساسية الراهن يجعلانا معا مؤمنين بما يوكل لنا كإعلاميين من أدوار ومن مسؤوليات في بناء المغرب الحداثي والديمقراطية، وفي مرافقة الشأن الرياضي بالخصوص في لحظة تقويمه وتأهيله للوصول إلى درجة متطابقة من الإحترافية.

ولأن هذا الرهان الإستراتيجي كان من أكبر الرهانات التي وضعها جيل الرواد يتقدمهم فقيدنا الكبير الحاج عبد اللطيف الغربي في صلب الأهداف التي قامت عليها الجمعية المغربية للصحافة الرياضية قبل أربعين سنة، فإننا نأمل كصحفيين رياضيين، كمؤسسة مواطنة بمعونة الشركاء والفاعلين أن نقدم صحافتنا الرياضية بأفضل صورة..

صحافة بناءة، ناقدة، ملتزمة، مصداقية ومشبعة بالغيرة على هذا الوطن.

وإلى جانب كل المشاتل التي نفتحها لنضع بإيمان وبثقة بذرات المستقبل لبناء صحافة الغد كما علمنا جيل الرواد، فإننا داخل الجمعية المغربية للصحافة الرياضية نعلن من خلال هذا الحفل التأبيني تفعيلا لحلم لا نشك أنه رودا فقيدنا العزيز أننا سنحدث عيدا للإعلاميين الرياضيين المغاربة عند نهاية كل سنة..

عيد لتكريم وتخليد أعمال جيل الرواد وجيل المساهمين في بناء صرح الصحافة الرياضية المغربية وعيد لمكافأة مبدعي الصحافة الرياضية بمختلف تخصصاتها..

عيد نطابق به موروثنا وأصالتنا ومغربيتنا أيضا، والتي تقوم على ربط الحاضر بالماضي لبناء مستقبل الوطن..

السادة الأساتذة الأفاضل أيها الحضور الكريم.

إن أفضل ما يؤبن به فقيدنا العزير، أن نحصي مناقبه، ونذكر بخصاله ونسرد تضحياته ونكتب سيرة مقتضبة لفروسيته في ساحة الإعلام والثقافة، ولكن أيضا أن نجعل من هذا الحفل منتدى فكريا يستجيب لروحه المبدعة والخلاقة ولقامته السامقة في حقول المعرفة والأدب والصحافة، واسمحوا لي أن أستعير بعض الأبيات من قصيدة جميلة هي أخر ما أبدعه الشاعر الكبير فاروق جودة، وفيها ما ينطبق على فقيدنا الكبير..

كان الوجود خرائبا منسية

شيدتها بشوامخ البنيان

في كل شبر كنت أغرس نخلة

وعلى الضفاف يتيه سحر البنيان

أهديتكم دربا طويلا للعلا

ديني وعلمي نخوتي وبياني

رحم الله من كان فينا رمزا للنخوة وفارسا للأصالة وغارسا لبذرة العلم ومكافحا من أجل بناء صحافة حرة، نزيهة ومواطنة..

رحم الله فقيدنا الجليل الحاج عبد اللطيف الغربي وأسكنه فسيح الجنان جزاء ما أعطاه لوطنه وأجزل فيه العطاء ومن التعازي ومن المواساة أصدقها إلى حرمه الحاجة زينب بلمعطي وإلى بناته ماجدة، ليلى ولبنى وإلى كافة الأصهار والأقرباء وإلى أسرته الكبيرة، أسرة الصحافة والثقافة.

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS