ADVERTISEMENTS

الفريق الوطني: مباراتان مكانهما مزبلة التاريخ

المنتخب: بدرالدين الإدريسي الخميس 18 أكتوبر 2018 - 13:19

أسقط علينا الفريق الوطني الكثير من الهلع والخوف، وهو يقدم نفسه في ثلاثة أشواط من أصل الأربعة، لمباراتيه أمام منتخب جزر القمر، بصورة فيها كثير من البداءة ومن الإنحراف عن جادة الصواب ومن الخروج السافر أيضا عن النص، وقد كنا محظوظين للغاية أن تأتينا من المباراتين معا أربع نقاط، كان من الممكن أن تكون ستا، لو لم نعاود ارتكاب نفس الحماقات التكتيكية، لأن المضمون التكتيكي الذي أثث به الفريق الوطني فضاء المباراتين معا، كان غاية في الركاكة والإسفاف، وأبدا لا يمكن أن يكون قد شبيها، لما تعود أن يقترحه الفريق الوطني في كل مبارياته في الثلاث سنوات الأخيرة.
كنا محظوظين فعلا، ونحن نجني من مباراة الدار البيضاء أمام الحيتان، فوزا من ضربة جزاء كانت بالفعل هدية من السماء، وكم كنا محظوظين أيضا هناك بموروني ونحن نجني نقطة من مباراة كان شوطها الأول سيئا للغاية، شوط مكانه الحقيقي في مزبلة التاريخ.

شخصيا توقعت أن يكون نزال موروني مرا كالعلقم، للغضب الشديد الذي تملك القمريين من ضياع نقطة هنا بالدار البيضاء، نقطة كانوا يستحقونها، ولتأجج نار الثأر في دواخلهم وقد أحسوا أنهم اقتربوا كثيرا من كتابة التاريخ، وللحالة الكارثية التي يوجد عليها ملعب سعيد محمد الشيخ بميتساميولي بجزر القمر، وأيضا لحالة الإنسداد التي بلغها الفريق الوطني نتيجة لأخطاء كثيرة في التوقع والتدبير للمدرب هيرفي رونار، إلا أنني في واقع الأمر لم أتصور أن تصل الكارثية لتلك الدرجة، والفريق الوطني يعرض شفافا بل وعاريا على سياط المباراة، وينهي الشوط الأول ، قبل أن يسعفه مخزونه البدني فيقوى على أن يرفع رأسه في الجولة الثانية ويتفادى حدوث الفضيحة.
قال هيرفي رونار عن نفسه بجرأة وشجاعة بعد مباراة الذهاب العسيرة، أنه هو من تسبب للفريق الوطني في ذاك العطل التكتيكي، بسبب أنه وضع المقاربة العاطفية فوق مقاربة العقل التي تقول بضرورة المفاضلة بين اللاعبين بتنافسيتهم وجاهزيتهم لا بماضيهم القريب. وأضاف هيرفي رونار في اعتراف لا يليق بتاريخه المهني والتدريبي، أنه وقع أكثر من اللاعبين في حالة عجز أفقدته القدرة على صناعة الحلول والبدائل لإغاثة فريق منكوب.

وتصورت أن يكون رونار متمتعا بالقدرة على الخروج من حالة العجز و التوهان، ليتخطى بنجاح وبأقل الخسائر حاجز الحيتان الذي ما تضخم، إلا لأن رونار أضعف نفسه وأضعف الفريق الوطني، إلا أن ذلك لم يحدث وأنا أطلع على التشكيل الذي قرر أن يبدأ به مباراة موروني.
صحيح أنه تنبه لما كان عليه نبيل درار وامبارك بوصوفة من فقر في المردود بسبب التناقص الحاصل في حقينة التنافسية، فاستبعدهما من تشكيل مباراة العودة، إلا أنه بحسب رأيي أخطأ كثيرا عندما قرر اللعب بثلاثة لاعبي ارتكاز (كريم الأحمدي وصلاح الدين السعيدي وسفيان أمرابط)، برغم أنه لم يخرج في النهاية على شاكلة 4-3-3، إلا أنه مع مرور الوقت، أدركنا كم كان مكلفا أن يلعب الفريق الوطني بثلاثة لاعبي ارتكاز، وهو أصلا لا يحتاج لوسط البناء بالنظر لأرضية الملعب المكسوة بالعشب الإصطناعي من الجيل القديم والمنتهية صلاحيته والتي تفرض في النهاية الإعتماد على الكرات الطويلة.

ماذا حدث إزاء هذا التوظيف؟
أمران إثنان، أولهما أن الفريق الوطني أعطى الإنطباع للاعبي جزر القمر بأنه يلعب متحفظا ومتأخرا من دون أن يجيد لعبة الكورديون صعودا ونزولا، وهو ما جلب عليه هيجانا قمريا تسبب في تقدم المنتخب المضيف، كما أفقده ذلك السيطرة على وسط الميدان لعدم تكيف اللاعبين مع أرضية بالغة السوء، وثانيهما أن الفريق الوطني عرى بالكامل الأجنحة لوجود أمرابط في حالة مساندة للمهاجم الأوسط بوطيب، ما مكن المنتخب القمري من مساحات إضافية، منها كان يغير على دفاع مرتبك بخاصة على مستوى عمقه.
وسيتنبه رونار إلى فداحة الخطأ التكتيكي الذي ارتكبه، ليقرر بمرور الثلاثين دقيقة فقط، العدول عن اللعب بثلاثة لاعبي ارتكاز، فيخرج صلاح الدين السعيدي وليس سفيان أمرابط (السلبي) ويدخل اسماعيل الحداد ليعود التوازن للشاكلة وقد أصبح لها عمق هجومي.
ولعل أكثر سلاح ساعد الفريق الوطني على تفادي كارثة وفضيحة الهزيمة بجزر القمر، هو السلاح البدني وليس السلاح التكتيكي، إذ بدأت علامات الإنهيار البدني تظهر على المنتخب القمري في الجولة الثانية، بارتكابه لأخطاء في صورة حماقات، منها سجل بوطيب وأمرابط هدفين تقدم بهما الفريق الوطني، وعوض أن توظف الأسلحة الهجومية لزيادة الغلة وتأمين الفوز باستثمار المساحات المتروكة من لاعبي جزر القمر، سيقدم المنتخب المضيف رعشة كبرياء تفادى معها الهزيمة بميدانه، كما فعل عندما واجه الكامرون في وقت سابق.    

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS