ADVERTISEMENTS

لا زربة على حياتو

الثلاثاء 17 فبراير 2015 - 13:22

لا يجد عيسى حياتو حرجا ولا ضيرا في أن يتصدى لكل من يلبسه جلباب التهور والتآمر، كما لا يتورع للحظة في معاقبة كل من يريد سوء ببقرته الحلوب، كأسه الإفريقية التي قال أنه أفنى 27 سنة كاملة من حياته في تحصينها ضد الغارات، لذلك لم يأخذ لا بالأسباب الموضوعية ولا بالصدقية التي يعرف بها، بلدا منه عبر الخنادق ليصل إلى عرش كرة القدم الإفريقية، ولم يكترث بما هو موقن منه من أن المغرب لم يكن لا مخادعا ولا محتالا في طلبه تأجيل الكان، ليسقط عليه أقل العقوبات كما أخبرنا بذلك أعضاء من داخل اللجنة التنفيذية، لطالما أن هناك تيارا متشددا داخل هذا الجحر الموبوء كان يطالب بأقسى العقوبات الرياضية والمالية تنفيذا لأمر صدر ممن يضمرون العداء للمغرب.
عاقب حياتو المغرب بما يبدو لنا جميعا سوط عذاب، وأنذر بل وتوعد تونس بعقوبة إستبعاد نسورها من نسخة 2017 لكأس إفريقيا للأمم فيما لو لم تتقدم جامعتها بالإعتذار الذي يستوجبه المقام الموقر للشيخ حياتو، وحمر العين في غانا المنتفضة والمتذمرة والغاضبة مما رافق مباراة قالت أنها لعبتها أمام غينيا الإستوائية في ملعب أشبه ما يكون بـ «ساحة حرب» وقالت أن جماهيرها عوملت فيها  «بكامل الهمجية»، فتوددت للشيخ وسحبت بيان التنديد، وأمر الشيخ حياتو حوارييه أن يرصدوا في البؤر المشتعلة والغاضبة من قرارات «الكاف»، كل ما يحاول أن يدنس صورته وصورة كونفدراليته، فالرجل يملك المفاتيح والإمكانات المالية التي هي أصلا ملك لكرة القدم الإفريقية، ليأتي بكبار المحامين ليجروا كل من داس له على طرف إلى المحاكم، لذلك لن نتفاجأ يوما إن كان عيسى حياتو يقف هناك وهناك متظلما من كتابات جارت عليه.
أذهلني ما وقعت عليه عيني من بيان لا أعرف له مصدرا، دعا كل إفريقيا لأن تقدم للشيخ عيسى حياتو تعظيم سلام، لأن الرجل أنقذ كأس إفريقيا للأمم من الموت الزؤام، فقد نجح في تحويل كأس قارية بلوجيستيكها وبتدابيرها الثقيلة من المغرب إلى غينيا الإستوائية قبل شهرين فقط من بدايتها، ونجح في كسب الرهان المستحيل بفضل ما له من علاقات ود مع رؤساء الدول، ومن يتذرع بما كان من خروج طبيعي عن النص، وما كان من إختلالات في التنظيم ليهوى بالنقد والضرب اللفظي المبرح على الكاف وتحديدا على عيسى حياتو، لا يقدر بحسب البيان أن ما كان هو أصلا معجزة.
لست أدري كيف يريد هذا البيان الذي صاغه من يحمون عرش حياتو ومن لحم أكتافهم من مال الكاف، أن يقنعنا بأن ما فعله حياتو كان معجزة ويستحق أن نبني له بعده تمثالا فلا ننساه أبد الدهر، أنا أقول أن ما فعله حياتو وتنفيذية الإتحاد الإفريقي لكرة القدم كان جريمة في حق كأس إفريقيا للأمم وفي حق كرة القدم الإفريقية، فلا المستوى الفني الذي تدنى لمستويات فظيعة والذي يجد تفسيرا لما كان عليه من رداءة في الظروف المناخية والرياضية التي لا تشجع على المستوى العالي والنخبوي، ولا الطابع الذي أخرجت فيه النسخة الثلاثين للكأس القارية يبقيها في المركز الثالث خلف كأس العالم وكأس أوروبا للأمم، ولئن كان الإتحاد الإفريقي قال بأنه أنقذ «الكان» من الموت الزؤام لأنه لا يعتبر إلا بالأساس المالي، فإنه بنفيها إلى غينيا الإستوائية يكون قد رماها في مستنقع الرداءة وأعادها لزمنها المظلم الذي كانت فيه القيم تستباح والتحكيم يسلخ الجلد والتنظيم يصيب بالكآبة.
...................................................
كيف سترد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على عقوبات حياتو والكاف؟
هذا هو السؤال الذي لا حقنا به فوزي لقجع رئيس الجامعة ولاحقه به إعلاميون أوروبيون وأفارقة ولم نحصل له على جواب، فقد كنا جميعا ننتظر ردة الفعل الرسمية بعد ردة الفعل الشعبية التي تفاوتت بين القول أن المغرب مستهدف من قوى الشر داخل لجنة تنفيذية فقدت مصداقيتها وبين الجزم بأن المغرب لا بد وأن يرد بقوة على ضلالات «الكاف» التي تستهدف بلد المؤسسات وبلد المصداقية وبلد الفتوحات الكروية الكبرى دوليا باسم القارة الإفريقية، إلا أن الجامعة وتحديدا رئيسها فوزي لقجع آثرا التريث والهدوء وهما معا من طبع الحكمة في مواجهة الشدائد، فقد كان يسيرا على لقجع أن يستنكر ما حدث وأن يرغد ويزبد ويقول في «الكاف» وفي حياتو ما قد تستحي الأذن من سماعه، بخاصة وأن حياتو بما أظهره من إقتناع بطرح المغرب خلال آخر جولة حوار بالقاهرة شهر دجنبر الماضي، غرر بلقجع ودفعه إلى طمأنة المغاربة بالتأكيد على أن عقوبات الكاف لن تكون ثقيلة.
لم يشأ لقجع أن يخرج على الإعلام الوطني والدولي بردة الفعل التي يستوجبها الظرف الموجع، فإن كانت العقوبات قد إستهدفته مؤسسيا كجامعة، فإنها في الصميم تستهدف المغرب بشكل عام، فالمغرب هو من طلب أولا وثانيا تأجيل النسخة 30 لكأس إفريقيا للأمم، والمغرب هو من يشعر اليوم أن صدقيته وسياديته قد عوقبت من قبل تنفيذية الكاف، لذلك فإن الرد لا بد وأن يكون بالعمق التاريخي للمغرب وبالحكمة التي يتميز بها المغرب في قارته وبالمصداقية التي لا يقبل الطعن فيها، فلا زربة على صلاح أو على حياتو

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS