ADVERTISEMENTS

لا استعطاف.. لا تنازل

الجمعة 20 فبراير 2015 - 14:10

ما كان هناك من داع للعجلة في الرد على لسعة تنفيذية الإتحاد الإفريقي لكرة القدم التي هي أمر وأفظع وأكثر إيلاما من لسعة العقرب، فمع ما ظهر على كثير منا من تشنج وغليان جراء ما كانت عليه العقوبات الرياضية والمالية من غلظة ومن فظاظة ومن تحريم لفعل كان المغرب وما يزال يؤمن بقيمته الإنسانية والإعتبارية وحتى السيادية، أمهلت الجامعة نفسها بعض الوقت لتصل إلى بنية القرار الذي يتصف بالحكمة التي جبل عليها المغرب، القرار الذي يتوافق وصدقية الطرح المغربي ويعبر عن مصداقية تعامله مع كل ما له علاقة بعمقه القاري الذي بات كابوسا يجثم على من بقلوبهم مرض، وأيضا يحفظ له حقوقه الرياضية التي تطاولت عليها تنفيذية الكاف.
من حاصروا فوزي لقجع رئيس الجامعة بأسئلة التوجس والإرتياب بسبب صمت هو صمت حكمة، لم يكونوا قطعا يعرفون أن تنفيذية الكاف وإن وجهت عقوباتها الرياضية والمالية رأسا إلى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم باعتبارها الطرف المخاطب بحكم اللوائح قبل الأعراف، فإنها إستهدفت بالمقام الأول المغرب بكافة مؤسساته، لأن من طلب التأجيل لوجود عارض قوي في صورة قوة قاهرة لا يمكن المجازفة معها هو المغرب، ومن كرر طلب التأجيل مذيلا بتوقيع وزير الشباب والرياضة السابق محمد أوزين هو المغرب، ومن إستفزته العقوبات فوصفها بالقاسية والمتشنجة وبالظالمة أيضا هو المغرب، لذلك كان لا بد من ردة فعل يتعرف من خلالها العالم على موقف المغرب حكومة قبل الجامعة حيال عقوبات الكاف.
بعد أيام من التفكير العميق الذي ما خلا من الإستشارات القانونية، خرجت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بوصفها المستهدف الأول بالعقوبات الرياضية والمالية الثقيلة من إجتماع عقدته الثلاثاء الماضي ببلاغ يرفض العقوبات جملة وتفصيلا ولا يرى لها سندا قانونيا بل ويظهر عيسى حياتو رئيس تنفيذية الكاف، على أنه رجل مخادع، بعد ذلك بيومين وتأسيسا على العمل المؤسساتي الذي يؤمن به المغرب، صدر عن  رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران تصريح يعبر صراحة من موقف المغرب من عقوبات الكاف، إذ اعتبرها ظالمة ومجحفة، تمس بصدقية الطرح المغربي، ووجه رئيس الجامعة إلى اتخاذ ما يلزم للرد على هذه العقوبات.
بالطبع كانت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وتحديدا رئيسها السيد فوزي لقجع المخول من طرف أعضاء المكتب المديري لتدبير الأزمة، أمام خيارين لا ثالث لهما، فمع إنتفاء أي سبيل لاستئناف العقوبات لأنها صادرة بالأساس عن اللجنة التنفيذية للكاف، وما يصدر عن اللجنة التنفيذية لا ينقض ولا يراجع إلا من الجمعية العمومية، كان الخياران القائمان هما أولا اللجوء للمحكمة الرياضية الدولية وثانيا رفع ملتمس في صورة استعطاف للجمعية العمومية للإتحاد الإفريقي لكرة القدم.
إلا أن ما وجهت له الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم هو اللجوء للخيار الأول، خيار الطعن في العقوبات الرياضية لدى المحكمة الرياضية الدولية بسويسرا والطعن في العقوبات المالية لدى المحكمة التجارية الدولية بباريس، ومع اللجوء لهذا الخيار يكون المغرب الذي يصر على أنه تضرر رياضيا وماليا واقتصاديا ليس فقط بغلظة الكاف عند توقيعها للعقوبات، ولكن أيضا بقرارها سحب تنظيم النسخة 30 لكأس إفريقيا للأمم من المغرب، قد اختار التصعيد مع مؤسسة قارية كان حريصا على أن تظل علاقته بها قائمة على احترام الخصوصيات و«الحرمات».
لن نفتعل التفاؤل ولن نسوق الوهم لنقول أن الحكومة ما دفعت رئيس الجامعة لخيار التقاضي لدى المحكمة الرياضية الدولية والمحكمة التجارية الدولية، إلا لأنه تأكد لها بعد إستشارات قانونية لرجال ضالعين في الإختصاص، أن القرارات العقابية الصادرة سواء الرياضية منها أو المالية عن الكاف تشوبها العديد من العيوب في مبناها وفي مضمونها القانوني، وبالتالي ستكون للمغرب حظوظ كبيرة لتنقض المحكمتان معا كل هذه الأحكام وتدعو لمراجعتها على أساسات جديدة، ولكن ما يجب أن نعرفه أن الجامعة إختارت المنحى الأصعب في محاجة الإتحاد الإفريقي لكرة القدم، ولا بد من قراءة جيدة واستباقية للتداعيات ولما يمكن أن يحدثه الأمر من ارتجاج ومن شرخ في علاقة الجامعة بالكاف، فالمؤسسة التي تمارس الوصاية بكثير من الشطط والمؤسسة التي تتوعد بأغلظ العقوبات كل من يريد سوء بكأسها الإفريقية والمؤسسة التي تقدم نظرية العقاب على ما عداها من نظريات لاحتواء الخلافات مع الجامعات الأعضاء، لا يمكنها أن تفهم في اللجوء للمحكمة الرياضية الدولية على أنه حق مكتسب تكفله الدساتير العالمية، إنها تفهم الأمر على أنه مكابرة وإمعان في العصيان وعقوق رياضي يستوجب عقابا فوق العقاب.
لتفهم الكاف كيفما شاءت لجوءنا للمحكمة الرياضية الدولية، فالمغرب بهكذا تصرف قال للكاف، لا استعطاف ولا تنازل..

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS