ADVERTISEMENTS

المشرع بريء يا ناس

الإثنين 21 دجنبر 2015 - 11:26

يجازي الله من يجري في الصلح، من يحمل في يده خراطيم المياه من أجل أن يطفئ نار العداوة، من يختصم عنده الناس فلا يخرجون من عنده إلا وقد صفيت الأنفس وتصافحت الأيدي، ومن يطهر الخنادق من لهب الشقاق والفراق.
لا اعتراض على أن هذا الأمر مطلوب في الرجال القياديين وفي كل المؤسسات التي تنتصر لروح العائلة الواحدة وتخنق كل الأنفس الأمارة بالسوء، ولا غرابة أن نسمع بكثير من جلسات الصلح تعقد في الهيئات الرياضية الوطنية من أجل رأب الصدع ومن أجل كسر سوء الفهم الذي يكبر بالتنطع والمزايدة وتغليب مصلحة الوطن، ولكن أن يكون كل يوم من أيام هذه المؤسسات الرياضية فرقعات مدوية بسبب سوء فهم تتطاير أشلاؤه لتصل إلى وسائل الإعلام، فهذا ما يقلق وما يقول بصريح العبارة على أن هناك حالة من الدمار الأخلاقي الشامل داخل الجامعات الرياضية الوطنية، الذي يستحيل معه أي عمل إحترافي ومؤسساتي.
في جامعة كرة القدم إحتجنا إلى خيط أبيض يدخل بين رئيس الجامعة فوزي لقجع ورئيس لجنة المنتخبات الوطنية نور الدين بوشحاتي لإبادة كثير من غيوم الخلاف، واحتجنا لمن يطفئ نارا إستعرت بين الناخب الوطني الزاكي بادو ورئيس لجنة المنتخبات الوطنية نور الدين بوشحاتي بسبب تسريبات مقيتة لمضمون تقرير أنجزه بوشحاتي عن الرحلة الأخيرة لباطا والذي ضمنه مقترحا معجل التنفيذ يوصي بالإنفصال عن الزاكي لأنه يعمل في بيئة متشنجة لا وفاق فيها، ونحتاج اليوم إلى من يتدخل لينهي حالة التنافر عن بعد بين الزاكي وبين مساعده مصطفى حجي، ونحتاج إلى من يصالح الأندية الوطنية مع الحكام ومع لجنة البرمجة والمسابقات وإلى ما يزيل كل الجفاء الموجود بين هذه الأندية وبين جماهيرها .
تحتاج الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى رئيس يلعب دور شرطي المرور الذي يعاقب من يخالف الإشارات ولا يلتزم بخط السير ويلعب دور الإطفائي الذي يتوجه بحسه إلى كل الحرائق ليطفئها، وإلى لجنة للمصالحة شغلها الأول هو أن توظف كل المهارة في تذويب الخلافات وفي إشاعة ثقافة الإختلاف الذي لا يفسد للود قضية، ومع هذه الحاجة الماسة داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى من تكون له القدرة على التنبه لكل الإنفلاتات والتفطن لكل الجمرات التي تشتعل، نكون متيقنين من أن هناك حالة من التصادم الذي لا يولد الإبداع كما الحال دائما مع القوى الإيجابية في العمل، ولكن يولد الخلاف العميق بسبب أن هناك هشاشة في التركيبة الفكرية وبسبب أن كرة القدم الوطنية عجزت منذ زمن ليس بالقصير عن إنتاج نخب رياضية وفكرية ذات قدرات قيادية عالية.
إستمعت إلى كثيرين جاؤوا اليوم عاتبين على وزارة الشباب والرياضة بوصفها الوصي المباشر على المشهد الرياضي الوطني أنها سمحت للمشرع بسن أنظمة لا تتطابق مع حقائقنا وواقعنا الرياضي، ومن أكبر هذه المؤاخذات على ما سنه المشرع، أنه أوصى عند تشكيل المكاتب المديرية للجامعات الرياضية بالتصويت على اللائحة، ما دام أن الخضوع لهذا الأمر القانوني يلزم كل من يترشح لمنصب رئيس الجامعة باختيار أعضاء يضمنهم لائحة يكون هو وكيلها، خضوعا لكوطا تم إقرارها، ويكون من نتيجة ذلك أن أي رئيس للجامعة لا يحصل في النهاية على فريق العمل الذي يتطابق مع استراتيجيته ومنظومة عمله وشكل تفكيره، والنتيجة في النهاية فرقعات وخصومات وخلافات تنتهي بالرئيس إما للإستقالة أو للإقالة.
مؤكد أن فوزي لقجع واحد من هؤلاء الرؤساء الذين لدغوا من هذا الجحر القانوني وهم يحصلون على فريق عمل لو خيروا بينه وبين أي فريق عمل آخر يصمم بمقاربة قائمة على التكاملية والتطابق الفكري، لاختاروا ما يريحهم وما يرفع عنه عناء الإشتغال مع أعضاء حاملين للقبعة وفاقدين للأهلية.
والحقيقة أن المشرع بريء من كل هذه التهم التي يرمى بها جزافا، فأساس وجوهر التخريج القانوني للفصل الذي يربط المترشح لرئاسة جامعة من الجامعات الرياضية، منزه من كل المظاهر السلبية التي يبدو بها اليوم، فإن كان من ينصب مسئولا عن هذا الوضع الشاذ، فهي بالتأكيد الحركة الرياضية الوطنية التي لم تحكم في أي وقت الرقابة على من ينزلون إلى المشهد الرياضي بالمظلات السياسية ليتولوا مراكز القرار، على من ينصبون أنفسهم باسم الوصاية الكاذبة، على من يتسللون من خلف الستائر وعلى من يأتون إلى الأندية والجامعات رغم أنوفنا، بسبب أن الشرفاء والغيورين والشغوفين آثروا البقاء في بيوتهم حتى لا يصابوا بالعدوى وحتى لا يلعن والديهم.
ولئن كنا نلعن اليوم قانون المنخرط ولا نتورع في اتهامه بكل المصائب التي نعيشها في كرة القدم الوطنية، وقد أصبح من الصعب جدا تطهير المشهد من هؤلاء الذين إحتلوه بالفهلوة وأحيانا بالبلطجة، فإن الأمانة تقتضي الإعتراف بأن قانون المنخرط منزه من كل هذه التهم وبأن العيوب التي تفتضح اليوم لم تولد معه، بل إن ما جاء بهذه العيوب وحتى السفاهات هي الإستعمالات السيئة لقانون المنخرط، فهناك من فرض سوء النية روحا للعمل فأخرج قانون المنخرط من الهيئة المثالية التي خرج بها في يومه الأول، عندما راهن المشرع على أن يكون المنخرط مشروع مسير يتشبع في السنتين الأوليين لانخراطه واللتين يتوجب المرور منهما للحصول على حق الإنتساب للمكاتب المسيرة، قبل أن يدخل معترك التسيير بتراكمات وبمرجعية تسمحان له بإنجاح العمل.
قلت دائما أننا بحاجة لأن نتصالح مع القانون ومع أنفسنا ومع مصلحة كرة القدم الوطنية، إن كان هناك طموح فعلي للإرتقاء بالمشهد الكروي والرياضي بهذا الوطن، أما غير ذلك فهو مضيعة للوقت.   

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS