نستعرض هنا في هذه الورقة أهم المحطات البارزة في مشوارنا مع الترشح لإحتضان كأس العالم، على أن نقف في كل حلقة عند الجهود الكبيرة التي كانت تبذل في هذا الصدد لتلميع صورة وطننا وتسويق منشآته ومنجزاته ومكتسباته لإستضافة العالم بيننا.
بداية الحلم جاءت من فكرة أبدعها المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني تيمنا بالإنجاز الكبير الذي حققه الفريق الوطني عام 1986 عندما قهر الكبار وتأهل للدور الثاني كأول بلد عربي وإفريقي يحقق هذا الإنجاز، فتقدم المغرب رسميا بطلب تنظيم مونديال 1994.
وكانت إنطلاقة المغرب مع المونديال عام 1970 وبالتحديد بالمكسيك في أول مشاركة للفريق الوطني في نهائيات كأس العالم بقيادة المدرب اليوغسلافي فيدينيتش وبمسعادة عبد الله السطاتي وخرج فيها الفريق الوطني المغربي من الدور الأول بعد ثلاث مباريات أمام ألمانيا، بيرو وبلغاريا.
المشاركة الثانية كانت في عام 1986 بالمكسيك أيضاً بعد غياب دام ستة عشر عاماً، وشهدت هذه البطولة تألقاً مغربياً على الملاعب المكسيكية، وحقق الفريق الوطني بقيادة البرازيلي المهدي فاريا التعادل أمام أنجلترا وبولندا وفاز على البرتغال بثلاثة أهداف لهدف واحد، ليتأهل الفريق الوطني كأول بلد إفريقي وعربي للدور الثاني، حيث واجه المنتخب الألماني، ولم ينهزم أمامه إلا في الدقيقة الأخيرة، إذ تعملقت العناصر الوطنية ومعهم الحارس الزاكي بادو وكسبت آنذاك إحترام العالم وتصدر الأسود صفحات أكبر الجرائد العالمية وحظوا باحترام الجميع، بل أكثر من ذلك خرج عامة الشعب في كل المدن المغربية وهم يتغنون بالصامبا الأطلسية التي رودت أكبر المدارس الكروية العالمية.
من خلال هذه المراحل التاريخية التي تألق فيها الفريق الوطني جعلت المملكة تتقدم رسميا بملف الترشح لإحتضان كأس العالم 1994، ما جعل العالم يقف مشدوها أمام هذا القرار المغربي الجريئ بعد أن ظلت القارة الأروبية والأمريكية وأمريكا اللاتينية هي المحتكر الرسمي في تنظيم المونديال، إلا أن المغرب كسر هذه القاعدة كأول بلد عربي وإفريقي يتقدم لإحتضان كأس العالم.
فكرة تنظيم كأس العالم 1994 بالمغرب جاءت من إبداع المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني تيمنا بالإنجاز الكبير الذي حققه الفريق الوطني عام 1986 بالمكسيك، وتكلف المرحوم عبد اللطيف السملالي الذي كان آنذاك وزيرا للشبيبة والرياضة بالملف المغربي بالنظر للعلاقات الكثيرة التي كانت تربطة بعدة شخصيات عالمية وأجهزة دولية وإفريقية وعربية وبالخصوص بالإتحاد العربي لكرة القدم الذي كان يترأسه المرحوم الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز آلـ سعود والذي قدم دعما كبيرا للملف المغربي، والواقع كان هذا الرجل رحمة الله عليه سندا كبيرا للمغرب من خلال الجهود التي بذلها على جميع المستويات، بل أكثر من ذلك طلب من جميع الأعضاء المتواجدين بالإتحاد العربي ولهم مسؤوليات بالكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم أو بالفيفا التصويت لصالح المغرب.
صحيح كانت هناك منافسة شرسة من الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل لكن الدولة المغربية أصرت في الإنخراط في السباق نحو احتضان كأس العالم لكرة القدم، على الرغم من عدم توفّر البنيات التحتية الرياضية المهمة حينذاك، باسثتناء ملعبي الرباط والدارالبيضاء واللذين كانا بحاجة لترميمات حتى يستجيبان للمعايير الدولية ثم الملعب الشرفي بوجدة ثم مركب فاس الكبير الذي أعلن عن بنائه ثم مجسمات لملاعب مراكش وأكادير ثم طنجة والجديدة.
وخسر المغرب الملف بعد أن حصلت الولايات المتحدة على شرف التنظيم، بنيلها 10 أصوات مقابل 7 للمغرب و3 للبرازيل، وقد جرى التصويت بزيوريخ السويسرية يوم 4 يوليوز 1988، إذ برغم أن المغرب خسر المعركة لكنه كسب عطف العالم وإحترامه وتمكن من تسويق صورة المغرب الذي كان في طريق النمو، بل الأكثر من ذلك عمل على الحد من هيمنة القارات الثلاث في إحتضان المونديال.
المغرب لم ينظم كاس العالم 1994 لكنه كان حاضرا فيها عندما تأهل الفريق الوطني بقيادة المرحوم عبد الله بليندة لكنه خرج من الدور الأول عندما خسر في المباريات الثلاث أمام بلجيكا وهولندا ثم السعودية.
المغرب سيواصل في المطالبة بهذا الحلم وسيقدم ملف الترشح لإحتضان كأس العالم 1998 وهو الذي سنعود إليه في العدد القادم.