كن منصفا ولا تكن ظالما، كن واقعيا ومنطقيا ولا تكن عاطفيا، كن حريصا على التشبت بقيم المساواة، ولا تكن متفرقا على معايير الجاهزية والتنافسية.
نتفق جميعا أن الإختيارات والقرارات من صلاحياتك وحدك كمدرب، وأن المسؤولية ملقاة على عاتقك دون غيرك، وقفص المحاسبة لن يوضع فيه أحد غيرك، إلا أننا نتفق أيضا على كون المتابعة وضرورة التحليل والنقذ البناء واجب نتمسك به كإعلاميين، نناقش ونرصد ونسأل، ونقف عند الغموض ونرفع الحيف عن الظلم ولو بالمِداد.
رسائل عديدة تتوصل بها أسبوعيا يا هيرفي من مختلف البقاع والبطولات العالمية، وإشارات غزيرة تتراقص بين أعينك من طرف لاعبين، جلهم لم يسبق وأن وقف أمامك، لكن المونديال حفزهم بشكل هستيري ليطرقوا على عجل بابك.
تكلموا ويتكلمون بصوت عالٍ، ويرغبون في الإنصات إليهم، وعدم بخسهم حقهم في المواكبة والإتصال والإشادة، فهم لا يقلون إمتاعا وإقناعا عن فيلقك المدجج بالمحاربين والمقاتلين والمدللين، بل ومنهم من يتفوق بكثير من ناحية التنافسية والمردود والأرقام عن أهم الثوابت والأسس في كثيبتك.
فقط كن منصفا وإمنح أبرزهم فرصة للحضور، للإختبار في الوديتين القادمتين ضد صربيا وأوزبكستان، وعندئذ أُحكم وقرّر ومعك الجمهور والرأي العام سيرتاح بعد المعاينة المباشرة، لأنه يدرك بعين العقل وغيرة الوطنية أن بعض أسودنا في المهجر يطالهم الجور ويعدمهم الإقصاء والتهميش.
لا يجوز أن نتدخل في الإختصاصات التقنية ونفرض أسماءا فوق طاولتك، لكن يجوز أن نقترح ونصحح ونهمس في الآذان التي تتجاهل أحيانا الإنصات عن عمد، كما تفعل صحافة العالم المحترفة والمسؤولة والغيورة على مصلحة الوطن.
في المونديال يا رونار لا نريد الأعذار، لا نريد مشاهدة لاعبين قضوا الموسم عاطلين أو في دكة الإحتياط، لا نريد الكثير من الإستثناءات، فأتحداك أن يكون في لوائح خصومك الثلاثة عناصر فاقدة للتنافسية ومتواجدة في روسيا بصكوك العاطفة.
روح الفريق التي تصر عليها من حقك، والتمسك باللاعبين الذين بدأوا معك المشوار، وقاتلوا من أجل تحقيق الحلم العالمي من حقك أيضا، لكن ليس على حساب آخرين يهللون في الملاعب الأوروبية منذ شهور، ويجتهدون ويكدون صباح مساء، ولا يتوقفون عن إلقاء النظر إلى الهاتف إنتظارا لمكالمة منك.
مع كامل الإحترام لبعض اللاعبين، وسأذكرهم بالأسماء، فهم لا يستحقون الإستمرار في مقاعدهم داخل الفريق الوطني في ظل المعاناة التي يعيشونها، والتهميش الذي يجدوه مع أنديتهم، والظلم في أسمى تجلياته سيكون إن ذهبوا إلى روسيا وهم بأقدام باردة، ورصيد تنافسي فارغ، وإقناع على درجة إنخفاض شديد.
إن إستمر موسم داكوسطا الأبيض، ومعه العقم التهديفي لبوهدوز، وتراجع منسوب التنافسية لسفيان أمرابط، وإصابات أيت بناصر المتتالية، والشرود الذهني لميمون ماحي، وإكتشاف الياميق للكالشيو كمتفرج، فدعوتهم للعرس الكوني أكبر المجاملات وأفضل هدايا العمر، مع إستثناء وضعية الحارس المحمدي الخاصة والتي تستوجب النقاش حول أحقيته بالرسمية أمام التألق اللافت والمستوى الباهر لبديله ياسين بونو في الليغا.
الجاهزية المطلقة، التنافسية العالية، الإقناع الشديد، التوهج الحارق، الأهداف الساحرة، التمريرات الحاسمة، إستقرار الأداء كلها مميزات يتمتع بها هذا الموسم أسود من طينة زكرياء لبيض، ناصر الخياطي، يونس عبد الحميد، نبيل الزهر، أسامة السعيدي، المهدي بوربيعة، عاطف شحشوح..والذين يستحقون على الأقل الإلتفاتة والإختبار في أقرب المواعيد الودية، حتى لا يُبخس حقهم ولا يشعروا بالغبن والإحتقار.
كثرة الإختيارات سيف ذو حدين، وصراع القلب والعقل من أصعب المعارك، وضمير التدريب الحي يفرض الكثير من الإنصاف والعقلانية، والذكاء في التعامل مع المواقف الحرجة كتلك التي وُضعت فيها حاليا يا رونار.