يشارك النجم محمد صلاح في معسكر المنتخب المصري لكرة القدم الذي يستعد لخوض مباراة ضمن التصفيات المؤهلة الى كأس الأمم الإفريقية 2019 السبت، بعد أقل من أسبوعين على معركة شد حبال مع الاتحاد المصري لكرة القدم انتهت لصالح نجم ليفربول الإنكليزي.

منذ بداية الأسبوع، يتمرن صلاح مع زملائه في منتخب الفراعنة الذي يستضيف منتخب النيجر على ملعب برج العرب بالإسكندرية، ضمن الجولة الثانية من مباريات المجموعة العاشرة للتصفيات الإفريقية.

ويأتي اللقاء بعدما أثار صلاح في 27 غشت الماضي، سلسلة اعتراضات على بعض الإجراءات التنظيمية من قبل الاتحاد في ما يتعلق بمعسكرات المنتخب الوطني لاسيما إثر المشاركة في نهائيات كأس العالم 2018، وتقدمه بطلبات تشمل الأمن والتنقل والخصوصية خلال الاستعداد للمباريات، معتبرا أنها تصب في صالح كل اللاعبين.

وسيكون لقاء النيجر الأول للمنتخب منذ مونديال روسيا، عندما خيب الآمال في مشاركته الأولى في النهائيات بعد 28 عاما، بخروجه من الدور الأول بعد خسارته مبارياته الثلاث في المجموعة الأولى.

الا أن مشاكل المنتخب لم تقتصر يومها على الأداء الكروي، بل أثيرت ضجة كبيرة حول معسكره في العاصمة الشيشانية غروزني، إضافة الى مشاكل حول تنظيم إقامته في فنادق مدن أخرى على هامش المباريات.

وانتشرت على نطاق واسع صور النجم المصري مع الرئيس الشيشاني رمضان قديروف المتهم بارتكاب العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان. وما أثار ضجة أكبر هو أن الرئيس الشيشاني القوي، قام شخصيا بإحضار صلاح من مقر إقامة اللاعبين في غروزني، الى أرض ملعب التمرين، بعدما اختار اللاعب الغياب عن التمرين الأول بسبب إصابته حينها.

ولاقت هذه الصور انتقادات في الصحافة العالمية، واعتبرتها العديد من الصحف محاولة من قديروف لتلميع صورته أمام الرأي العام، واستغلال الشعبية التي يتمتع بها صلاح على مستوى العالم.

ولم تكن هذه الأزمة الأولى بين صلاح والاتحاد الذي يرأسه هاني أبو ريدة، اذ اتهم اللاعب ووكيله قبل نهائيات كأس العالم، الاتحاد باستخدام صور اللاعب بطريقة غير قانونية لأغراض تجارية بدون إذنه، لاسيما على الطائرة الخاصة بالمنتخب الى جانب شعار شركة اتصالات منافسة لإحدى الشركات التي يربطها عقد رعاية خاص مع اللاعب.


في الأيام الأخيرة نشر الاتحاد صورا تظهر أبو ريدة بجانب صلاح في معسكر منتخب مصر التدريبي استعدادا للقاء النيجر، كدليل على القلوب الصافية بين الطرفين. أما أفضل لاعب في البطولة الإنكليزية الممتاز الموسم الماضي، فلم ينشر أي صورة له من المعسكر.

وبعدما اكتفى صلاح بنشر صورة استجمام له في الثالث من شتنبر الحالي، أعاد في الأيام الماضية عبر حسابه على "تويتر"، نشر تغريدة من حساب يحمل اسم الكاتب البريطاني وليام شكسبير، تحمل اقتباسا جاء فيه "لن تموت اذا خسرت من تحب، لكن ستعيش كالميت إن خسرت كرامتك".

على مواقع التواصل الاجتماعي كما في الشوارع، كان انتقاد المصريين واضحا لجهة تعامل الاتحاد مع لاعب يعد من أبرز المواهب التي أنجبتها الملاعب المصرية، واختير ضمن ثلاثة لاعبين مرشحين لجائزة أفضل لاعب من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

ويقول أحمد عاصم، وهو مسؤول علاقات عامة يبلغ من العمر 59 عاما ، أمام كشك صغير في أحد شوارع القاهرة المزدحمة "إذا أجرينا استفتاء، فسنقول نحن المصريون إننا لا نريد هذا الاتحاد".

وتابع بنبرة عالية في اشارة إلى مسؤولي اتحاد الكرة "كل هؤلاء الناس فاشلون"، منتقدا أيضا وكيل اللاعب الذي اعتبره "سببا" للأزمة الأخيرة.

في أحد المقاهي، يقول مصطفى محمود، وهو طالب يبلغ 22 عاما، لوكالة فرانس برس "إنهم (الاتحاد) يريدون استغلال محمد صلاح قدر الإمكان".

ويضيف الشاب الذي ارتدى قميص فريق ريال مدريد الإسباني "الاتحاد المصري يتعامل مع الموضوع كمصلحة حتى يربح من ورائها".

ويرى بعض المصريين أن الأزمة الأخيرة سلطت الضوء على مشكلة أكبر.

ويقول يوسف محمد (65 عاما) الذي يملك ورشة ميكانيكية، "لدينا جوهرة اسمها محمد صلاح ويجب الحفاظ عليها"، مضيفا "اسم مصر أصبح على لسان الجميع، وبعد ما كان هناك من لا يعرف شيئا عن مصر، +مو صلاح+ قام بهذه الثورة" ليغير هذا المفهوم.

في المقابل، يشدد الاتحاد على أنه نفذ ما طلبه نجم ليفربول.

ويقول مدير الإعلام في الاتحاد أسامة اسماعيل "تم تطبيق ما تنص عليه اللوائح بعدم السماح لأي جمهور أو وسائل الإعلام بالتواجد في مقر المعسكر وملعب التدريب لفرض الخصوصية للفريق ككل".

وأضاف "كما تمت مخاطبة وزارة الرياضة للسماح لاتحاد الكرة بنقل لاعبيه على درجة رجال الأعمال في الطائرات كاستثناء من اللائحة الوزارية".

ويشير المتخصصون في مجال كرة القدم عموما إلى "غياب التنظيم" داخل الاتحاد كسبب وراء أزمة صلاح.

ويرى رئيس تحرير الموقع الكروي المتخصص "في الجول" أمير عبد الحليم "الفكرة أن مصر تمتلك نجما مثل صلاح ووجوده ضمن أفضل ثلاثي في العالم وأوروبا هو شيء يحدث لأول مرة في تاريخ الكرة المصرية".

يضيف "علينا أن نتعامل مع مستوى احترافي لم نكن معتادين عليه من قبل: هذا هو أعلى مستوى".