كل من ضغطوا على أنفسهم لملاحقة الجمع العام العادي ثم الإستثنائي للوداد البيضاوي، لم يجدوه كما توقعوه أو كما تمنونه أو كما دلت على ذلك المؤشرات الرياضية، ساخنا ومشتعلا، فعلى الرغم من أن الفريق عاش موسما كله شد وجذب ومعاناة وأزمات وحراك وعراك، وبرغم أن التقرير المالي سيكشف عن مديونية ثقيلة وعن عجز لم يكن مقدرا في الحسبان، إلا أن الوداد طوت بلا ألم وبلا مزايدة وبلا تقييح للجرح صفحة عبد الإله أكرم وفتحت صفحة جرى التمهيد لها بطريقة بالغة الإحترافية، وعقدت من أجل ذلك جمعا جرى تكييفه بصورة مبالغ فيها حتى أصبحت برودته مصدرا للزكام.
بالقطع لست من الذين يعشقون أفلام الرعب ولست من هواة الإثارة التي تنقلب دما وغما ولا أرى أن من موجبات الجمع العام الديموقراطي الذي يليق بفريق بمرجعية وعالمية الوداد، أن تطول به الساعات وتتعالى فيه الأصوات نهيقا وزعيقا وتتشابك الأيادي، ولكنني بالنظر لكل الزلازل وحتى الهزات الإرتدادية التي حدثت على طول الموسم والتي كان من تداعياتها أن الوداد خرج من موسمه لا يلوي على شيء، بل يجتر العديد من المآسي وتتضخم ديونه بفعل مقاطعة المنتوج من طرف الأحبة والمناصرين، بالنظر للذي كان على طول الموسم وشغلتنا تمظهراته السلبية والإيجابية أيضا، فإن الجمع العام للوداد كان لا بد وأن يكون صورة من موسمه ومن كل الذي تداعى فيه، فإن كانت المقاطعة الجماهيرية للمباريات هي تعبير عن رفض وشجب وغضب، فقد كان الجمع العام هو أنسب مكان لنعرف أصل الشجب والغضب، وإن كان رحيل أكرم بالنسبة للكثيرين هو الخيار الأوحد، فقد كان ضروريا أن يجيبنا الجمع العام عن أسئلة كثيرة منها:
لماذا نصر على رحيل عبد الإله أكرم؟ 
وما الذي إرتكبه أكرم من جرم حتى يكون رحيله هو القصاص؟
وإن سلمنا جدلا بضرورة رحيل أكرم حقنا للآمال الودادية ودرءا لمزيد من التطاحنات، فمن يا تراه يكون رجل المرحلة؟
وإذا كان الإعتراض على أكرم هو إعتراض على أسلوب التدبير وهو إقرار باختناق المشروع، فهل جاء إلى الجمع العام من يختار البديل الأمثل لأكرم، البرنامج والمشروع اللذين تستوجبهما العودة السريعة للوداد إلى دائرة المتنافسين على الألقاب؟
صدقوني لم أجد في جمع الوداد الذي يتباهى البعض أنه مر بلا حوادث تذكر وبلا تشنج مبالغ فيه يفضي إلى ما يجلب العار، ما يجيب على كل هذه الأسئلة برغم أنها تمثل للمرحلة أهمية إستراتيجية، لم أجد من يحاسب عبد الإله أكرم الحساب الموضوعي والعاقل الذي لا يخون ولا يهتك الأعراض، ولم أجد ما يدل على شموخ وعظمة الوداد فالرجل خرج كغيره من الباب الصغير بلا جزاء ولا شكر، ولم أجد من يقترح الحلول العملية لإخراج الوداد من أزمة المديونية وهي ثقيلة في ميزان المعاملات برغم أن البعض يقلل من خطورتها، ولم أجد من يطلب من سعيد الناصيري الذي أمسك بالمقود الساخن لا خارطة طريق ولا برنامج عمل، حتى فريق العمل الذي ينبثق عادة من برلمان الفريق تركت له كامل الصلاحية لتشكيله.
نوجه الديموقراطية لنأمن شر المفاجآت، ونصر على تنقية طريق الجموع من الألغام التي يزرعها البعض لينال من الكعكة نصيبا، ونخطط ونكولس في الليل ونضع كل السيناريوهات المحتملة لكي لا يباغث الجمع بمن يأخذ الفريق إلى ضيعات أخرى، نفعل كل هذا عن سبق إصرار وباسم القانون أحيانا ولكن ما من أحد يقنعني أن ما كان يوم الأحد الماضي لم يكن مهزلة كبيرة لا تشرف الوداد ولا تليق بفريق من حجم الوداد.
هذا الذي حدث يزيدنا إقتناعا بأن عصابات المنخرطين لا تزيد كرة القدم الوطنية إلا تبورا وخسارا وميوعة.
.........................................................
منظر بئيس آخر تلا بيوم واحد منظر الجمع العام للوداد، كان مقر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بحي الرياض بالرباط مسرحا له، فقد أقدم المكتب المديري للجامعة على تنصيب مؤسسة كبيرة وثقيلة في ميزان العمل الرياضي بشكل عام، بدرجة عالية من الإستيحاء وحتى الإبهام الذي يجعلنا نشك أن هذا المولود الذي إنتظرناه طويلا قد خرج مشوها من رحم الجامعة ومائلا من الخيمة.
كما تنبأنا بذلك إختارت الجامعة وهي تفرج عن مؤسسة كبيرة جرى وأدها لعقود من الزمن، أن تتبنى مقاربة العمل بالأضلاع، أي أن تتفرع الإدارة التقنية إلى مديريات توضع على رأس كل منها كفاءة تقنية وتسييرية وتكون الأولوية لوضع الأساسات تم يرمى الغطاء بعد ذلك لنكون في النهاية أمام إدارة تقنية وطنية قائمة بذاتها لها بيتها ولها حرمتها وحدودها التي لا يعبرها إلا الضالعون في كرة القدم، إلا أن ما شاهدناه يوم الإثنين كان يقول بأمرين إثنين، أولهما أن عملية الميلاد تمت بشكل فولكلوري وبطريقة سمجة تقول بأن المولود لا يمثل للجامعة مشتلا كبيرا لبناء الحاضر الكروي الوطني، بقدر ما يمثل لها إستجابة لمطلب تردد كثيرا، بدليل أن عملية تنزيل هذه الأضلاع المتحكمة في مؤسسة الإدارة التقنية لم تصاحبها لا ضجة إعلامية ولم يرافقها حضور نوعي لأعضاء المكتب المديري للجامعة وللأطر التقنية الوطنية كالذي كان عند تقديم الزاكي بادو ناخبا ومدربا وطنيا وامحمد فاخر مدربا لمنتخب المحليين.
الأمر الثاني هو أن الإدارة التقنية ليست أضلاعا نكشف عنها وليست أطرا نعلن عنهم ونستمع قليلا لحكاويهم، ولكنها مؤسسة قائمة الذات، كانت تحتاج من الجامعة إلى دليل يقدم طريقة ميلاد الإدارة التقنية وكيفية إشتغالها والأدوار المناطة بها بتفويض كامل منها وأيضا بالغلاف المالي المرصود سلفا لكي تبدأ الأضلاع التقنية التي أطلقناها في العمل فورا وبلا أدنى تأخير.
لو أطلعنا على أي منظور أوروبي بخصوص الإدارة التقنية الوطنية لوقفنا حزينين على منظورنا نحن، فما وجدت لغاية الأسف بين الذي قدمه ناصر لاركيت المكلف بالمنتخبات الوطنية والمشرف على مراكز التكوين الجهوية وبين ما قدمه الدكتور حسن حرمة الله المسؤول عن ضلع التكوين رابطا موضوعيا ينطلق من البنية التي إختارتها الجامعة للإدارة التقنية الوطنية.
شيء مقلق أن تكون البداية بهذا الشكل.