إنه تتويج لرؤية ثاقبة ولعمل جماعي أنجز باحترافية كبيرة
عندما تأتي لمحاورة رئيس في قمة السعادة بموسم توجه بطلا للمغرب، فإنك تستشعر تلك السعادة وهي تعبر الكلمات وتخترق الجمل وترسل في سماء الحوار نيازك الفرح والإنتشاء، لكن عندما تأتي لمحاورة رئيس تحقق على عهده الفوز بلقب بطولة انتظرته عائلة الفتح على مدى سبعين سنة، فإنك تشعر بأن هذه السعادة تيار جارف، إلا أن السيد حمزة الحجوي يستطيع أن يروض كل هذه المشاعر والأحاسيس الجياشة ليقبض على أسنة الأفكار، ويعيد كتابة الإنجاز بشكل عقلاني لا انفعال ولا مغالاة فيه.A
السيد حمزة الحجوي رئيس فريق الفتح المتوج بطلا للمغرب، يمتثل لمنافسة الإنجاز التاريخي والمناسبة شرط ليخرج قليلا عن صمته الكبير والحكيم، ليروي بكل التفاصيل رحلة الفتح إلى اللقب الذي انتظره الفتحيون لمدة سبعين سنة.

ــ المنتخب: أن تكون الرئيس الذي توج على يده فريق الفتح بلقب البطولة الاحترافية لأول مرة في تاريخه، فهذا إنجاز يصعب وصفه، لا محالة أنت اليوم أسعد رؤساء الأندية؟

السيد الحجوي: بالطبع لا يمكن إلا أن أكون سعيدا وفريق الفتح يجد أخيرا طريقه نحو لقب البطولة، طبعا هي سعادة بأبعاد كثيرة، بعد الانتماء لعائلة الفتح التي سعت لسنوات طويلة وراء هذا اللقب، وبعد شخصي على اعتبار أنني وضعت منذ مواسم كرهان أن نصل إلى هذا اللقب، وكم كان رائعا أن يتحقق الرهان التاريخي وفريق الفتح يحتفي بالذكرى السبعين لتأسيسه، لذلك فالسعادة على كبرها هي أشبه بالمحيطات المترامية، ما دام أنها تلامس كل الجوانب التي اشتغلنا عليها بروح المجموعة، لذلك سأعود لأؤكد على شيء أساسي هو أن الإنجاز، إنجاز جماعي بمعنى أنه تحقق بفضل رؤية متبصرة واستراتيجية موضوعة بإتقان كبير وجرى تنفيذها بشكل عقلاني انطلاقا من المكتب المديري مرورا بفرع كرة القدم وانتهاء بكل شرائح العائلة الفتحية.

ــ المنتخب: لقب أول للبطولة يأتي بعد سبعين سنة من التأسيس، شيء ما يقول بأن الفتح كان مطاردا بلعنة ما؟

السيد الحجوي: بالقطع كان من غير المقبول تماما أن لا يكون في رصيد الفتح الفريق المرجعي، ذي العمق التاريخي والذي يعتبر أحد رموز كرة القدم الوطنية أي لقب للبطولة، صحيح أن الفريق تمكن في كثير من المرات من الفوز بلقب كأس العرش، إلا أن حالة الخصام مع لقب البطولة كانت تمثل في واقع الأمر عنصر نشاز داخل منظومة هذا الفريق العريق، لذلك سعينا من أول يوم تقلدنا فيه مسؤولية هذا الفريق إلى عمل ما يمكن وصفه بالجرد التاريخي للمواسم التي كان فيها الفريق قريبا من تحقيق اللقب ولم يفلح في ذلك، وأيقن أن الفتح له كل الإمكانيات الأدبية والفنية لكي يكون في مصاف الأبطال.
إذا كان الأمر يتعلق بلعنة فأتصور أننا نجحنا في إسقاطها، وإذا كان الأمر يتعلق بصحراء قاحلة كانت تفصلنا عن الواحة فقد تمكنا بروح الأسرة الواحدة من عبور هذه الصحراء لنصل إلى واحة لقب البطولة.

ــ المنتخب: تاريخ الفتح على مستوى بطولة القسم الأول، هو تاريخ إخفاقات بالنظر إلى أن الفريق مر في أكثر من مرة بمحاذاة لقب البطولة، فما الذي حمله جيل اليوم كجينات ليتمكن من تكسير هذا الحاجز الكبير الذي كان يفصل فريق العاصمة عن لقب البطولة؟

السيد الحجوي: عندما نجرد بموضوعية كاملة تاريخ البطولة الوطنية ونقف عند المواسم التي كان فيها الفريق قاب قوسين أو أدنى من الفوز بلقب البطولة إلا ونجد مجموعة عوارض تبرز في آخر لحظة لتحول بين الفريق وبين تتويجه بلقب البطولة، برغم أنه كان بلغة الأرقام وبقوة ما كان يتوفر عليه من رصيد بشري، كان يستحق الفوز بلقب البطولة، ولكن تأتي النهايات بما لا تشتهيه أسرة الفتح، لذلك حرصنا عند وضع الاستراتيجية الجديدة للفريق على أن نتمثل روح الإصرار والعناد من أجل كسر هذا الحاجز، ولله الحمد وفقنا في ذلك خلال هذا الموسم، وكأن القدر الجميل أراد أن يتزامن تتويجنا بأول لقب للبطولة مع احتفالاتنا بالذكرى السبعين للتأسيس.
لا أرى من أسرار وراء حصولنا على درع البطولة، سوى العمل بشكل جماعي وباحترام كامل للثوابت، ثوابت النجاح، ومن ثوابت هذا النجاح أن نضع الفريق بكامل مكوناته على السكة الصحيحة، أن يكون الفريق مشكلا من عناصر توحدها روح وعزيمة العمل، وأن ترصد للفريق كل الإمكانيات المادية واللوجستيكية وأخيرا أن يكون له التأطير التقني المتطابق الذي يستطيع قيادة الفريق إلى تحقيق ما هو جدير به، وأظن أن هناك إجماعا بأن فريق الفتح استحق الفوز بلقب البطولة.

ــ المنتخب: أنت ذكرت ما مر على الفتح من مراحل كئيبة كسرت حلم الفوز باللقب، وأظنك كنت شاهدا على واحدة من هذه المراحل لما خسر الفريق هنا بالرباط أمام المغرب التطواني وأضاع بشكل مثير للاستغراب لقب البطولة؟

السيد الحجوي: طبعا أذكر ذاك الموسم بكثير من المرارة، فقد هيأنا كل الظروف وقتذاك من أجل أن نظفر بلقب البطولة وكنا نستحق ذلك لولا أن الظروف عاكستنا وذهب اللقب إلى المغرب التطواني، وأنا لا أعني هنا بكلامي أن المغرب التطواني لم يكن يستحق لقبه، ولكنني أعني أن الفتح عجز عن وضع الخاتمة الجميلة لموسم جميل، لذلك وجدتني خلال هذا الموسم في كثير من مراحل البطولة متوجسا ومتخوفا من أن يحصل نفس الشيء، برغم قيمة العمل الذي أنجزناه، وحتى عندما فزنا على الوداد وأصبح مصير اللقب بين أيدينا، كنت متوترا وخائفا، فكرة القدم كما نعرف ملأى بالمفاجآت العجيبة.
الحمد لله أننا تمكنا هذه المرة من القبض بيد من حديد على هذا اللقب لكي لا ينفلت منا، لذلك فالسعادة الغامرة التي تملأنا جميعا هي سعادة لا توصف، هي سعادة من كان قريبا من الواحة ولا يستطيع الارتواء منها.

ــ المنتخب: ما هي أصعب مرحلة مر منها الفتح في طريقه نحو لقب البطولة، وهل كان من رهانات الفريق المنافسة حقا على لقب البطولة؟

السيد الحجوي: أفضل أن أبدأ بالجواب على السؤال الثاني، فأنا أذكر أننا منذ ثمان سنوات لما التحقت بفريق الفتح ككاتب عام للرئيس الأسبق السيد علي الفاسي الفهري، تداولنا في أمر لقب البطولة الذي استعصى طوال هذه المواسم على فريق الفتح، وكان من أولويات الاستراتيجية والرؤية الموضوعة بتوافق بين الجميع، هو أن نقود الفريق إلى المنافسة فعليا على لقب البطولة، لم نختر في ذلك الحلول السهلة، أي أن نرتبط بمدرب متعود على الفوز بالألقاب، وأن نجلب عناصر الخبرة، بل قررنا أن يكون هدف المنافسة على اللقب في قلب الأهداف التي رسمناها للفريق، أن تكون له هوية وأن تكون له قاعدة هرم قوية منظمة ومهيكلة، وأظن أن ما حققناه خلال الثمان سنوات كان شيئا رائعا بالفعل، فقد أحرزنا لقبين لكأس العرش وكنا على وشك الفوز بلقبين أخريين لما خسرنا في النهائي أما الجيش وأولمبيك خريبكة بضربات الترجيح ، كما فزنا بكأس الكونفدرالية الإفريقية، وهو أول لقب قاري يدخل خزانة الفريق وتمكنا فوق هذا وذاك من تحقيق ما استعصى على مدى عقود من الزمن، الفوز بلقب البطولة، إذا هذه الإنجازات الرقمية هي مرآة عاكسة لعمل مضن واحترافي، طبق الاستراتيجية الموضوعة من قبل المكتب المديري ومن قبل الفرع.
أما أصعب مرحلة فهي التي أعقبت فوزنا بخمس مباريات متتالية، عندما سقطنا في السلسلة الأسوأ هذا الموسم على غرار كل الأندية، فقبل نهاية مرحلة الذهاب وبداية مرحلة الإياب دخل الفريق في مرحلة فراغ قاتلة، لم يفز خلال ست مباريات، وهو ما جعل البعض يقول بأن الفريق خرج من السباق نحو اللقب، إلا أننا تمكنا بعد قراءة عميقة وموضوعية للحالة التي كنا نمر منها من إعادة الفريق إلى السكة الصحيحة، وتلك المرحلة احتاجت منا إلى كثير من الشجاعة لنصنع ما اصطلح عليه بالقرارات الصعبة.

ــ المنتخب: هل كان الارتباط بمدرب شاب هو وليد الركراكي، يخطو لأول مرة في عالم التدريب، جزء من هدف المنافسة على لقب البطولة؟

السيد الحجوي: قلت جوابا على سؤال سابق، أننا وضعنا استراتيجية متطابقة تهدف إلى هيكلة النادي وإلى استعادة موقعه الألمعي داخل البطولة الوطنية، ومن وحي تلك الاستراتيجية عمدنا إلى اختيار مدربين بفكر شاب وخلاق يستطيعون تحقيق الأهداف المركزية للاستراتيجية الموضوعة، وكانت البداية مع الإطار الشاب حسين عموتا الذي هو أصلا ابن للفريق وكنا قد رصدنا أسلوب وطريقة عمله مع اتحاد الخميسات الذي أوصله إلى المركز الثاني في البطولة، والحقيقة أن عموتا تطابق كليا مع الأهداف وتمكنا في تلك الفترة من الوصول إلى لقب كأس العرش وإلى لقب كأس الاتحاد الإفريقي، وعندما كان لا بد من الانفصال عن عموتا بحثنا على مدرب بنفس مواصفاته حتى لا تتأثر الاستراتيجية العامة، ونجح جمال السلامي في تحقيق ما سميناه بالإنتقال النوعي، عندما كان ضروريا تغيير شكل ومبنى الفريق، ومع ذهاب السلامي تعاقدنا مع وليد الركراكي الذي يملك هو الآخر نفس الخامات الفنية ونفس الشخصية تقريبا، وبفضل طموح وليد الركراكي تمكنا في ظرف موسمين من تحقيق الهدف الأسمى الذي كنا نراهن عليه.
إذا ارتباطنا بكل هؤلاء المدربين الشباب الطموحين، هو ارتباط عقلاني تحكمه الإعتبارات الفكرية والرياضية التي أسلفت، وأنا موقن أن الفتح سيكون خلال المواسم القادمة رقما صعبا في معادلة كل الألقاب الوطنية والقارية.

ــ المنتخب: لم يقم الفتح بأي انتدابات خلال الميركاطو الشتوي، وقال البعض أن من أسباب ذلك حالة التقشف التي مر منها الفريق، فهل إحجامكم عن الدخول لسوق الإنتدابات كان مرده لضعف الموارد المالية؟

السيد الحجوي: أولا لسنا بالفريق الغني الذي يظنه البعض، ولسنا بالفريق الذي يسمح لنفسه بالوصول إلى مراحل الخصاص التي تحطم الأهداف والإستراتيجيات والرؤى، نحن فريق يسعى جاهدا لعقلنة الصرف والاعتمادات، نحن فريق ننادي دائما بضرورة تطبيق ما يوصف اليوم باللعب المالي النظيف، أي أن نوازن بين إيراداتنا ومصاريفنا، وإذا لم نكن قد انتدبنا أي لاعب خلال الميركاطو الشتوي فإننا في واقع الأمر لم نطبق إلا ما أوصى به المدرب وليد الركراكي، الذي قال وقتذاك أن لا حاجة له لأي لاعب لأنه يملك القاعدة البشرية القادرة على صناعة الإنجاز والمنافسة على كل الألقاب، وأظن أن تتويجنا اليوم بلقب البطولة يعطيه الحق، فوليد الركراكي من المدربين الذين لا يلهثون وراء الإنتدابات بشكل اعتباطي، فهو يفضل الاعتماد على القاعدة البشرية للفريق، وهي قاعدة سهرنا منذ مواسم على أن تكون بتلك الجودة، ثم إن فريقنا الفائز بلقب البطولة هو من أكثر الأندية الوطنية صغرا على مستوى متوسط الأعمار، وامتدادا لهذه الحقيقة فإن الفتح لن يقوم بكثير من الانتدابات في الميركاطو الصيفي، هناك حاجة لندعم بعض المراكز ولنعوض بعض الغيابات المحتملة، ولكن أنا على يقين من أننا لن نجلب عددا كبيرا من اللاعبين.

ــ المنتخب: الفتح فريق بطل، وكثير من لاعبيه أصبحوا هدفا لأندية وطنية وأجنبية، كيف ستتعاملون مع هذا المعطى؟

السيد الحجوي: نرتبط بلاعبينا بعقود قانونية ولكنها ذات عمق إنساني، فبيننا وبين اللاعبين ثقة كبيرة لا تتأثر بأي شيء، نحن كفريق محترف نتعامل مع الحقائق بمهنية كبيرة، وأي لاعب يحصل على عرض إلا ونفتح معه باب النقاش لنصل إلى الحل الذي يرضي الطرفين، وأنا على ثقة من أن كل لاعبينا يفضلون الإستمرار مع الفتح على الإنتقال إلى أي فريق آخر في البطولة الوطنية، أما إذا تعلق الأمر بعروض أجنبية فإنها تكون باستمرار موضوع نقاش.. 

ــ المنتخب: أنتم بحاجة للاحتفاظ بكل توابثكم البشرية، فأنتم مواجهون بمنافسات كأس الاتحاد الإفريقي، وخلال الموسم القادم ستلعبون على أكثر من واجهة، كأس العرش، البطولة الاحترافية ولكن أيضا عصبة الأبطال الإفريقية؟

السيد الحجوي: عندما قلت بأننا نشتغل على مستوى قاعدة الهرم بتوسيعها وهيكلتها وتأطيرها بالشكل الصحيح، فإن ذلك معناه أننا نريد أن نواصل عملية الإنتاج الكمي والنوعي، وأعتقد أن من يطالع البطولات الوطنية للفئات الصغرى ويلقي نظرة على المنتخبات الوطنية السنية سيتوصل إلى حقيقة أننا فريق مكون، فحضورنا قوي على مستوى هذه البطولات السنية ووجودنا أقوى على مستوى المنتخبات الوطنية الصغرى، لذلك فإننا نعتمد كثيرا على قاعدتنا البشرية، ووليد الركراكي يحمل في مفكرته العديد من اللاعبين الشباب الذين ستعطى لهم كل الفرص خلال الموسم القادم ليفجروا كل طاقاتهم، من دون أن نسمح برحيل توابثنا البشرية، أنا موقن أن الفريق سيحتفظ بقواه الضاربة.

ــ المنتخب: اعتمدتم أسلوبا جديدا في التعامل مع اللاعبين على مستوى التحفيزات المالية، يبدو أن هذا الأسلوب نجح لأبعد حد في قيادة الفريق للقب البطولة؟

السيد الحجوي: أذكر أنه عندما حققنا خمسة انتصارات متتالية في مرحلة الذهاب، مكنت كل اللاعبين من كل منحهم، وفي المباراة الموالية خسرنا وكررنا الأمر في مباريات أخرى، فما كان علي إلا أن أجتمع باللاعبين وأبلغهم أننا سنعتمد مقاربة جديدة، وهي الاحتفاظ للاعبين بكل منحهم وحوافزهم إلى غاية نهاية الموسم، وسيكتفون برواتبهم الشهرية، والحقيقة أن الفكرة كانت خلاقة، وما ساعد على إنجازها هو أن وليد الركراكي وضع كل اللاعبين في صورة هذا المستجد، فالتزموا غاية الالتزام، وأظن أنهم أسعد اللاعبين بهذا الأمر لأنهم سيحصلون في النهاية على مبلغ مهم يساعدهم على إنجاز مشاريعهم.

ــ المنتخب: أصبح الفتح قريبا من إطلاق مركز تكوينه الجديد بمواصفات عالمية، إلى أي حد سيساعد هذا المركز في تطوير بنية الفريق؟

السيد الحجوي: مركز التكوين الذي نتأهب لإطلاقه بشكل رسمي في القادم من الأيام هو ورش من أكثر الأوراش أهمية التي عكف عليها الفريق بتوجيه من رئيس المكتب المديري السيد محمد منير الماجدي وبسهر كامل من المدير العام للنادي السيد امحمد الزغاري، وعندما نحصل على بنية تحتية رياضية بهذا المستوى الكبير يكون بمقدورنا أن ننجح استراتيجية التكوين التي نراهن عليها لإعطاء نادي الفتح البعد القاري والعالمي، فلنا اليوم مدرسة كرة القدم متعددة الفئات بقاعدة بشرية  تناهزالألفين طفل، وهو أمر رائع يعطي كل الإمكانيات من أجل الوصول إلى أفضل نخبة ممكنة، لذلك أنا حريص على تقديم خالص الشكر للسيد محمد منير الماجدي رئيس المكتب المديري  ولكل الذين يساهمون في تشييد هذا الصرح الرياضي الكبير.

ــ المنتخب: الفتح يتوج بلقب البطولة، والفتح هو أكثر الأندية الوطنية هيكلة واستجابة لدفتر التحملات، والفتح أكثر الأندية استعدادا للارتباط بشركة رياضية لإدارة فرعه المحترف.
وراء كل هذه النجاحات فكر إداري متنور؟

السيد الحجوي: الكفاءات التي تتواجد داخل نادي الفتح بكامل فروعه، هي كفاءات إدارية واقتصادية ورياضية وإن اجتمعت حول استراتيجية معينة أمكنها أن تنزل هذه الإستراتيجية بشكل معقلن وناجح، ونحن داخل فرع كرة القدم نعمل منذ سنوات جاهدين من أجل التطابق مع دفتر التحملات الموضوع من قبل الجامعة في إطار المشروع الإحترافي، وإذا شهد لنا الآخرون بحسن التدبير وعقلانية التسيير، فإن هذا مصدره رؤية موضوعة بإحكام ومنفذة بطريقة براغماتية.
ولأننا نسعى جميعا كأندية لإنجاح المشروع الإحترافي، فإننا من باب الواجب اقترحنا على الجامعة وعلى العصبة الإحترافية تحديدا السهر على أمرين إثنين غاية في الأهمية، الأمر الأول تحديد سقف معين لانتدابات اللاعبين للقطع مع أساليب المزايدة، والأمر الثاني هو فرض ما يصطلح عليه باللعب المالي النظيف، أي أن تتوصل الأندية إلى تحقيق التوازن بين العائدات والمصاريف، وأعتقد أن بناء أندية محترفة ينطلق من احترام هذين المبدأين.

ــ المنتخب: هناك ورش اشتغلتم عليه أيضا، هو ورش إعادة اللحمة بين فريق الفتح وبين جماهير العاصمة، إلى أي حد نجحتم في هذا الورش؟

السيد الحجوي: كما أننا تساءلنا ذات وقت عن سر مخاصمة الفريق للقب البطولة، تساءلنا أيضا عن أسباب إحجام وعزوف الجماهير عن مرافقة فريقها، برغم أننا كنا نعرف أن الفتح يعيش وسط كثير من بيوت العاصمة، لذلك قررنا أن ننطلق في عملية بناء جمهور جديد يأتي بأعداد كبيرة إلى الملعب ليساند اللاعبين، فلا أجد أي معنى لكل ما نقوم به من أجل هيكلة الفريق وقيادته لتحقيق الألقاب إذا لم يكن هناك جمهور يتشوق لهذه الإنجازات ويرافق الفريق في تحقيقها.
ومثلما، أننا قررنا الانفتاح على المحيط الواسع للفتح بالعاصمة الرباط بكثير من المبادرات الرياضية، فإننا حرصنا على أن تكون النتائج ممهدة لنكسب قلوب المشجعين الجدد، ولعلكم لاحظتم أن الفتح خلال الموسمين الأخيرين بدأ يستقطب قاعدة من هذه الجماهير، ولا أشك في أن لقب البطولة سيسمح بجذب جماهير أخرى، إنما الشيء الصعب الذي سيواجهنا في القادم من المواسم هو كيف نحتفظ على هذا الجمهور وأعداده تتزايد موسما بعد الآخر.

ــ المنتخب: ما هي الأهداف الجديدة التي ترمي إليها استراتيجيتكم؟

السيد الحجوي: في الواقع الفوز بالألقاب ليس إلا غاية أولى من غايات كثيرة، فالغاية الأبرز هي أن يبقى الفريق متصدرا للواجهة الكروية الوطنية والقارية، بمعنى أن يظل حاضرا في كل بؤر التباري الوطنية والقارية، وهذه الغاية تتلازم مع غايات أخرى هي مواصلة العمل من أجل بناء فريق حداثي واحترافي، فلا يمكن للنجاح أن ينسينا التوابث وينسينا التواضع والإخلاص في العمل، وأتصور أن هناك أشياء كثيرة يمكن القيام بها من أجل أن يكون الفتح الفريق المرجعي بالمعنى الواسع للكلمة.
وهنا لا بد من الإشادة بدور المكتب المديري الذي يرافقنا في كل الأوراش التي نطلقها، فهو يعتبر فرع كرة القدم القاطرة الحقيقية لكل الفروع الأخرى في الوصول إلى أعلى مستوى من الحكامة الجيدة ومن الإحترافية في التدبير.

ــ المنتخب: يحتفل الفتح بذكراه السبعين، وهو أمر يحيلنا على الذاكرة، ذاكرة فريق مرجعي وعميق، هل تفكرون في طريقة لحفظ هذه الذاكرة من الضياع؟

السيد الحجوي: الفتح بتاريخه ورموزه ونضالاته وبكل ما قدمه من رجالات خدمت كرة القدم والرياضة الوطنية بشكل عام، هو جزء لا يتجزأ من تاريخ كرة القدم والرياضة الوطنية، والسيد رئيس المكتب المديري حريص باستمرار على حفظ ذاكرة الفريق من الضياع، لذلك هناك عمل كبير جدا يبذل من أجل تجميع الوثائق والشهادات والوقائع والصور والكؤوس والألقاب من أجل وضعها في متحف خاص بنادي اتحاد الفتح الرياضي، نحن نعرف أن أي فريق ليس له ماض فهو فريق لا حاضر ولا مستقبل له.

ــ المنتخب: كيف ترى مستقبل كرة القدم المغربية؟

السيد الحجوي: في رأيي الخاص أن مستقبل كرة القدم المغربية يمر عبر محورين اثنين، محور مادي  ومحور الموارد البشرية أي الرأسمال البشري الذي يعول عليه في التدبير المالي.

ــ المنتخب: هي رسالة أخيرة نترك لك حرية توجيهها لجماهير الفتح؟

السيد الحجوي: مؤكد أن هذا العمل الذي قمنا به هو عمل جماعي لا يمكن أن نستثني منه أي أحد، لذلك أنا حريص على أن أقدم خالص الشكر والامتنان والتقدير السيد محمد منير الماجدي رئيس المكتب المديري والسيد المدير العام امحمد الزغاري رفقي منذ ثمان سنوات في هذا العمل الجاد وأعضاء مكتبي الطاقم الإداري والتقني والطبي وإلى كل اللاعبين وإلى كل رموز هذا النادي وإلى الجماهير التي وثقت بالمشروع وساندته وكانت للفريق عونا في تحقيق لقب البطولة.
وأنا على ثقة أن الفوز بلقب البطولة لن يزيدنا إلا تماسكا وإصرارا على مواصلة العمل لتحقيق مزيد من الإنجازات، والله الموفق.