ما انثنى المغرب ولا تراجع ولو لحظة عن المساهمة فعليا في نماء قارته الإفريقية، برغم ما يرميه الحاقدون على حافة الطريق من قاذورات، وبرغم كل ما توسوس به الشياطين في رؤوس من قض مضجعهم بل وأثار غيضهم، أن المغرب إن عاهد وفى، وإن التزم حيال قارته الإفريقية بما تلزمه به المشتركات الجغرافية والتاريخية من مواثيق البناء المشترك للمستقبل والمصير كان في مستوى إلتزاماته.
وأبدا لم يسلم قطاع ولا شأن ولا مرفق له ارتباط وثيق بالبناء الجديد لقارة الأمل، من مبادرة مغربية إما لإحلال الخبرة أو للمساعدة على البناء أو للمشاركة في النماء، لذلك يأتي احتضان مركب محمد السادس لكرة القدم، جوهرة وأيقونة مراكز التكوين في العالم، لفعاليات اليوم الدراسي حول البنى التحتية الرياضية بإفريقيا هذا السبت، بشراكة بين الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم والإتحاد الدولي للعبة، ليخصب هذا الحضور النوعي للمغرب، في قلب النهضة الإفريقية وفي المحطات الكبرى لإعادة صياغة حلم إفريقيا، برؤية كرة القدم وهي تسافر بإبداع القارة إلى كل الأصقاع.
فبعد أن استضاف المغرب مناظرة حول كرة القدم الإفريقية، ترتب عنها ما يشكل اليوم عمادا للصرح الكروي الجديد بإفريقيا، حيث ثارت القرارات والتوصيات على النمطية التي سادت لعقود، وبعد أن كان المغرب قبلة لتناظر إفريقي حول واقع ومستقبل كرة القدم النسوية المصادر بعدد كبير من الإكراهات اللوجيستية والمالية وحتى الرياضية، ها هو يعود اليوم، ليكون فضاء لحوار «أفريقي فيفاوي» حول أحد أكبر الأعمدة التي يقوم عليها صرح كرة القدم، البنى التحتية، من مركبات وملاعب ومرافق وأكاديميات للتكوين، ولا أحد إطلاقا يمكن أن ينكر ما يعتري هذه البنيات من ضعف ووهن، فهي على عدم وفرتها بالقدر الكافي، وعلى قلة الجيد منها، تحتاج اليوم إلى مقاربة نوعية لا نمطية فيها، مقاربة تحدد بدقة أوجه الخصاص وتقترح استراتيجية شمولية للإرتقاء بهذه البنى التحتية إلى المستويات التي تسمح للقارة الإفريقية بالإستثمار في ثروتها البشرية وتعدم كل المعطلات البنيوية.
وبين ما يقدمه المغرب كنموذج حي لنجاح مقاربة تجويد البنى التحتية بفعل ما بذل في العشرين سنة الأخيرة من جهود عملاقة لتطوير شبكة الملاعب بمختلف أبعادها، وبين ما تقترحه الفيفا وعلى رأسها جياني إينفانتينو من أشكال للمساعدة على علاج الخصاص المهول، بإمكان هذا التناظر الإفريقي حول واقع البنى التحتية الرياضية، أن يفضي إلى برنامج عمل لا يمكن أن ينتهي إلى ما هو مؤمل من نتائج، إذا لم تعلن الحكومات الإفريقية عن انخراطها فيه، الإنخراط الذي يكون فيه الإلتزام كبيرا.
إن ما اعترى ويعترى إسناد الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم لدول بعينها، تنظيم مختلف المسابقات القارية، من صعوبات ومن إكراهات حتى أنها تضطر إلى سحب التنظيم، بسبب ما يطبع التحضيرات على مستوى الملاعب من تأخر في الإنجاز، وما نسجله في سفريات منتخباتنا وأنديتنا الوطنية لدول إفريقية كثيرة، من رداءة لأرضيات الملاعب والمرافق، يفرض فرض عين أن تكون البنى التحتية من الآن رهانا قاريا، لن نربحه فقط بشراكة بين الكاف والفيفا، ولكن سنربحه على الخصوص، إذا ما وضعت الحكومات الإفريقية في صلب سياساتها العمومية، تطوير البنى التحتية الرياضية، لطالما أنها مهد حلم شباب القارة، بمسار كروي ينسج على منوال أساطير من عبروا من أفريقيا إلى أوروبا وأصبحوا مضربا للأمثال، من الجوهرة السمراء العربي بنمبارك إلى ساديو ماني مرورا بالمئات من المبدعين.
وعندما تقرر إفريقيا بمختلف شركائها على رفع هذا التحدي الكبير والتاريخي، بتمكين القارة في أفق سنة 2030 من بنى تحتية رياضية تساعد على محاكاة المستويات العالية لكرة القدم، فإنها يجب أن تأخذ عهدا من رئيس الفيفا جياني إينفانتينو، بأن تتحقق العدالة في تدوير كأس العالم على القارات الخمس، وبأن تكافئ الفيفا المغرب على المجهودات الخرافية التي بذلها في العقدين الأخيرين، لتصبح له هذه الترسانة الجميلة من الكمركبات الرياضية المتطابقة مع دفتر تحملات الفيفا، بأن تعود بكأس العالم للمرة الثانية إلى إفريقيا سنة 2030.