بسبب وباء «كورونا المستجد» انهارت الأسهم، وسجلت بورصات القيم في العالم كله أقوى هبوط لها، وتلقى الإقتصاد العالمي ضربات مميتة لن يستفيق من شدتها وهولها إلا بعد أشهر، وتساقطت كما أوراق الشجر في عز الخريف المسابقات الرياضية، الواحدة تلو الأخرى، وخلت الملاعب من أهلها، وبات الحجر الصحي الخيار الوحيد للبشرية لمواجهة الجائحة العالمية، فكيف للألعاب الأولمبية بطوكيو أن تقوى لوحدها على صد الهجمة الشرسة للجائحة العالمية؟
كيف للألعاب الأولمبية، أن تخرج وحيدة إلى معترك المواجهة لتقاوم صعقات هذا الفيروس الذي نشر الموت في كل مكان؟
إستغربت شخصيا أن يكون الألماني طوماس باخ قد تمسك بأمل إجراء الأولمبياد في موعده شهر يوليوز القادم بطوكيو، القريبة جدا من الصين التي منها، تقاذف كالشرر وباء «كورونا» فلم تجد البشرية ملاذا للنجاة منه، غير الدخول طوعا إلى الجحور الصحية.
قلت لربما رفع لظى الشعلة الأولمببية، بما يتأجج بداخلها منها من إذكاء الأمل والتحدي والحلم بتنظيف المشهد من خبث الفيروس، حماس السيد طوماس باخ ورعاة الحلم الأولمبي بطوكيو، ولكن كان هناك بالفعل ما يستوجب التوقف عن معاندة الظرف القاهر، ورفض وجود قوة مانعة تحول دون انعقاد هذه الألعاب الأولمبية في موعدها الأصلي.
بالنظر لما يفصلنا من مساحة زمنية عن موعد الألعاب الأولمبية الأول، وبالنظر لما يعانيه الأبطال الرياضيون من توقف قهري عن تداريبهم بفعل وضعهم في معازل صحية، وبالإحالة إلى ما تمثله الألعاب الأولمبية لكل هؤلاء الأبطال الحالمين، واعتبارا إلى أن العالم كله يحتاج على الأقل لأربعة أشهر، ليتحلل من كل التداعيات النفسية والصحية والإجتماعية قبل الإقتصادية، للجائحة العالمية التي لم تر الإنسانية مثيلا لها منذ جائحة الكوليرا، فقد كان القرار المنطقي جدا هو الإعلان عن تأخير موعد الألعاب الأولمبية بطوكية لسنة أخرى، برغم ما سيحدثه ذلك من زلزال واختلال في أجندات العديد من الجامعات الدولية، بخاصة تلك التي برمجت بطولاتها القارية سنة 2021.
كان من الضروري أن ترتفع الأصوات محتجة حينا ومستغربة حينا ثانيا ومتوعدة حينا ثالثا بمقاطعة هذه الألعاب، ليخرج طوماس باخ من جحره ويتواصل مع الوزير الأول الياباني، ويدعوه لاجتماع عاجل عن بعد، ويتم الإعلان عن القرار الذي أطلقه العالم بعده نفسا كان مكتوما في الحناجر المزكومة، قرار تأجيل الألعاب الأولمبية تأكيدا للعنة طوكيو مع هذا الأولمبياد، فتاريخ الحركة الأولمبية يذكر أن طوكيو هاته كانت تستعد سنة 1940 لاستضافة الدورة الأولمبية، وبينما هي تتأهب لاستضافتها، ستنشب حرب بين اليابان والصين، أدت إلى تجريد طوكيو من التنظيم، وعهد لهيلسنكي الفنلندية بتنظيم تلك الدورة الملعونة، إلا أن نشوب الحرب العالمية الثانية سيتسبب في إلغائها تماما، بل وسيجرف معها أيضا النسخة 13 للألعاب الأولمبية التي كان مقررا لها لندن سنة 1944. 
وتساءلت بكثير من الفضول، والعالم كله بين مطالب بالتأجيل ومهدد بالمقاطعة في حال تصلبت اللجنة الأولمبية الدولية، كيف لم تخرج اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية لرفع الصوت، باعتبار «كورونا» قوة سالبة للقدرة على التحضير لدورة أولمبية، بل إنها لم تسمح بتنظيم المحطات التصفوية الإفريقية للعديد من الرياضات الفردية المؤهلة لدورة طوكيو، والتي كان المغرب سيستضيف بعضا منها، فقد كان من مصلحة الرياضة الوطنية أن يتم إرجاء الألعاب الأولمبية لسنة، علنا نتدارك ما فات أبطالنا المؤهلين منهم للحدث الكوني في الإعداد الجدي للحدث الكوني، ولو أن المؤشرات العلمية المعتمدة لقياس القدرات والحظوظ، تقول بأن رياضتنا أبعد ما تكون عن المستويات التي تصعد بأصحابها لمنصات التتويج على الأقل في دورة طوكيو هاته.
على الأقل نملك الآن سنة إضافية قبل الحكم النهائي، بمدى قدرتنا على منافسة كبار العالم.