هل من مصلحة الفريق الوطني وهو يقبل على ثلاث مباريات حاسمة في مسار تصفيات كأس العالم، أن نشغله ونشغل أنفسنا، بما رمى به وحيد خاليلودزيتش من جمار قابلة للإشتعال، في ظرفية كان هو أكثر منا بحاجة إلى ما يشيع حالة من الهدوء؟ لم نكن بحاجة إلى أن نتبين مزيدا من التضاريس الوعرة والنبتات الفكرية الجافة في فكر الناخب الوطني، ولا أن نقتنع بأنه من النوع الذي لا يلين، أو أن يتنازل قليلا من دون أن ينبطح، وما كنا بحاجة إلى أن يخرج علينا وحيد في ندوته الصحفية تلك، بما يفيد أنه لان وقدر أن مصلحة الفريق الوطني تقتضي منه أن يقول لنا أنه ثابت كالجبل لا تحركه رياح التعاطف، فالرجل كان من يومه جازما في القول إن ما أتى به حكيم زياش ونصير مزراوي يجعلهما في عداد المبعدين عن العرين، إلا أن ما ثرثر به وحيد وهو يواجه بذات السؤال العنيف: لماذا تصر على إقصاء زياش ومزراوي؟ هو ما حيرني وجعلني أستغرب كيف استطاع وحيد طوال مشواره الرياضي أن يدبر ما صادفه من بؤر ومن احتقانات، ولو أنه ادعى أن ما مر فعلا عليه في تنقله بين المنتخبات والأندية لم يكن ببداءة ما حدث له مع نوصير وحكيم. ثرثرة وحيد خاليلودزيتش جرته برأيي إلى مستنقعات ما كان أبدا يجب أن يدخلها ويعرض نفسها فيها لخطر لسعة التماسيح، فلكي يقطع دابر كل محاولة منا كإعلاميين وحتى من الجماهير، لإرجاعه عن قراره بشأن زياش ومزراوي، دخل على معترك فوزي لقجع رئيس الجامعة ورئيس المنتخبات الوطنية، مدعيا أنه يغضب منه أحيانا ويتضايق من قراراته، ولكنه يعذره لأنه يتحدث بقلب العاشق والشغوف، مع أن لا حق لمأجور أن يصد رئيس مؤسسة عندما يطلب منه تفسيرات لما يحدث وسندات رياضية للقرارات التي يأتي بها. بالطبع لا وقت نضيعه في مطاردة التصريحات المنفعلة والمتشنجة للسيد وحيد، بل إن مصلحة الفريق الوطني كما قلت قبلا، تقتضي أن نطوي ولو مؤقتا هذا الوجع، ونرصد كل إمكاناتنا الفنية والذهنية للمباريات الثلاث التي سيخوضها الفريق الوطني في أقل من أسبوع ما بين الأربعاء سادس أكتوبر والثلاثاء ثاني عشر أكتوبر أمام الغينيتين، ثلاث مباريات تستطيع العلامة الكاملة فيها، أن تعلننا وبشكل مبكر مؤهلين للدور الأخير والحاسم لتصفيات كأس العالم الذي ستجريه شهر مارس المقبل المنتخبات العشرة التي ستتصدر المجموعات العشر. ثلاث مباريات مضغوطة وحاسمة، إثنتان منهما سنلعبهما تباعا أمام منتخب غينيا بيساو، الثعالب الملونة التي تقف اليوم في صدارة المجموعة التاسعة بأربع نقط من تعادل بموريتانيا أمام منتخب غينيا بكوناكري وفوز وأي فوز على صقور السودان بأم درمان بأربعة أهداف لهدفين، والثالثة ستكون أمام منتخب غينيا كوناكري يوم الثاني عشر من أكتوبر، برسم لقاء عن الجولة الثانية بكوناكري جرى تأجيله بسبب الإنقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس الغيني الأسبق ألفا كوندي. وقد كنا سنسائل أنفسنا بالأداء المترهل الذي كان عليه أسود الأطلس في مواجهاته الأخيرة، برغم أن وحيد تنطع في الرد بقوله إن الفريق قد لا يلعب جيدا ولكنه يفوز، كنا سنسائل فريقنا كيف له أن يجني النقاط التسع من هذه المباريات الثلاث وقد كان سيلعب إثنتين منهما خارج المغرب، لولا أن ما أعتبره هدية من السماء لوحيد، أنه بسبب رفض الفيفا إجراء مباريات تصفيات كأس العالم في ملاعب لا تتطابق مع معاييرها الفنية، فإن كل منتخبات مجموعتنا طلبت أن تلعب كل مبارياتها التصفوية بالمغرب، وهو ما سيجعل الأسود لا يبرحون المغرب ويواجهون كل منافسيهم هنا داخل الحدود، فأي نعمة هاته التي أكرم بها وحيد في عز تنطعه؟ وبرغم ما يمثله خوض المباريات الثلاث هنا بالمغرب في مدة زمنية قصيرة جدا، من سبق إستراتيجي، إلا أن القول بأن الطريق ستكون معبدة وسالكة لكي ينال الأسود النقاط التسع الكاملة، فيه كثير من المجازفة ومن المخاطرة أيضا، فإن تصورنا أن عدم السفر للأدغال للعب في ملاعب «متوحشة» وغير آمنة، سيصب لمصلحة الفريق الوطني الذي سيظل راكنا في بيته، فإن ذلك لن يقلل من وعورة المسالك ولا من صعوبة كل هذه المباريات، وحتما إن لم يكن الفريق الوطني بأتم جاهزية من كافة النواحي، وإن لم يعف نفسه من تلك الركاكة التكتيكية التي تطبع أداءه الجماعي، بخاصة وأنه لن يعتمد في غالب الأحيان على مهاجمه يوسف النصيري، فإنه لن يبلغ المراد وسيترك آمال التأهل للدور الحاسم «منشورة» على حبل الجولتين الخامسة والسادسة شهر نونبر القادم.