لئن جرى تمديد الميركاطو الشتوي أم لم يجر تمديده؟ لئن سمحت بذلك الفيفا تنفيذا لرغبة أبدتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أم لم تسمح؟ فإننا شهدنا فصلا حاسما وقويا بين زمنين، ما حدث في نسخ سابقة للميركاطو صيفا كان أم شتاء، وما يحدث في النسخة الحالية..
بالطبع أقصد الكثافة والكم وجودة الإنتدابات، فمع انتهاء الزمن المحدد للميركاطو الشتوي بانقضاء شهر يناير، أو حتى إن حدث تمديد بترخيص من الفيفا، نكون قد سجلنا انعطافة قوية في بنية هذا الميركاطو، في محدداته وعوارضه ومحتواه، ولذلك أسباب كثيرة يهمنا أن نستعرضها..
جرت العادة أن نضفي على كل ميركاطو الصفة التي تتطابق مع حركيته وكثافته وتتناسب مع كثلة الإنتدابات المنجزة، 
لذلك وجد أغلبنا أن حالة من البرود والركود طبعت هذا الميركاطو الشتوي، إذ أن الإنتدابات الوازنة عدت على رؤوس الأصابع، ليس ذلك بسبب أن الأندية وعت جيدا قيمة الحفاظ على الإستقرار في رصيدها البشري وكفت عن هلوساتها المفرطة، ولا بسبب أن السلعة المعروضة عادة في الميركاطو الشتوي، لا تكون بالجودة المطلوبة، ولا أيضا بسبب الصعوبة التي استشعرتها الأندية في جلب لاعبين أجانب لتعويض من فشلوا في الإقناع وفي تقديم الإضافات المطلوبة، بسبب إغلاق المغرب لمجاله الجوي واستحالة التدفق الطبيعي للاعبين الوافدين من جنوب الصحراء، ولا ثالثا بسبب أن الأندية تأثرت كثيرا بجائحة كورونا وما تسببت فيه من أزمات مادية قوية وعنيفة، ولكن كان هناك مانع رابع، نعتبره مفرملا لحالة الجنون التي كانت تنتاب الأندية كلما حل زمن الإنتدابات، صبفا أو شتاء.
لا تستطيع كثير من الأندية أن تنجز انتدابات بالصورة التي تشتهيها في ظل «الفيتو» الذي أشهرته الفيفا، وبفعل المتاريس القانونية التي نصبتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وفي كلتي الحالتين، هناك حالة من الردع والترويض للهيجان الذي كانت بعض الأندية تظهره كلما حل وقت الميركاطو، فتجني بذلك على نفسها، أبشع ما تكون الجناية.
تتدخل الفيفا بفعل الوصاية وبفعل الحماية للحقوق والامتثال للمنصوص عليه في العقود، لتمنع كل فريق من إنجاز انتدابات في حال ما إذا لم يصف النزاعات المحكوم بشأنها من قبل لجانها المختصة، والحال أن أنديتنا باتت زبونا دائما لغرفة النزاعات بالفيفا، تثقل كاهلها أحكام مالية صدرت بشأن انفصالها عن لاعبين أجانب، وأحيانا من دون أي مبادرة لإنجاز التسويات، لذا نسمع عن أندية محظور عنها أي انتداب، ما لم تقم بتسوية الملفات المتنازع بخصوصها والمقترنة بأحكام نهائية.
وعلى الجانب الآخر، وجدت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم نفسها ملزمة بتطبيق القانون، بالتخلي عن المرونة الجالبة للمشاكل والمحرضة على التمادي في ارتكاب الجنح المالية والفظاعات التدبيرية، فوضعت لجنة مراقبة تدبير الأندية متاريس قانونية لفرملة جنون السرعة وجنون تصميم الإنتقالات، فكل ناد تراكمت عليه الأحكام المالية، إلا ويمنع من إنجاز الإنتدابات، لطالما أن هناك حاجة ماسة للحفاظ على التوازنات المالية وتنزيل رؤية حداثية في التدبير ، وأيضا لتطبيق القولة المأثورة «مد رجليك على قد لحافك».  
ما يحدث بالميركاطو الشتوي، بإشهار الجامعة للعوارض القانونية، هو مؤشر على أن الأندية تتلقى في واقع الأمر تنبيهات قوية للتخلص تدريجيا من هواية وإن سقطت من نصوص القانون الذي يتحدث عن الإحتراف، إلا أنها ما زالت تسكن العقليات، وهي فرصة لنتخلص منها للأبد، في انتظار تفعيل نظام الشركات الرياضية.