ليس جديدا على الفريق الوطني أن يدخل مرحلة الشك، مع ما بات يواجهه من استعصاءات كبيرة على مستوى ترجمة استحواذه وفرصه لأهداف، فهو كحال عديد المنتخبات والأندية، معرض لهذه النوبة من الشك التي تأتي من مرحلة فراغ تكتيكي، نتيجة الإخفاق المتكرر في الوصول لمرمى المنافس، لكن ما إن يطول الشك، حتى تتهاوى الثقة في القدرات، وتتغمم السماء بسحب الخوف ويعظم القلق ويفضي هذا كله إلى اليأس.

لست هنا بصدد رسم «كليشي» مخيف للفريق الوطني، وقد كرست الوديتان أمام أنغولا وموريتانيا ذات الإختلالات التكتيكية التي تسببت في خسارة موجعة لأسود الأطلس أمام الأولاد، كانت ضريبتها المباشرة التي لا تحتمل التأجيل، أن الفريق الوطني الذي دخل الكان الأخير مرشحا للظفر باللقب، يخرج منه صاغرا من الدور ثمن النهائي. لست بصدد رسم لوحة سوداء، ولا أنا أشجع على اليأس، أبدا، ما كان طبعي المتفائل ليسمح بهذا في يوم من الأيام، ولكنني أريد لهذا الشك أن يكون طريقنا لليقين، أن يكون الجذوة التي ستدفع وليد، ليتبين أسرع طريق، يُخرج الفريق الوطني من نفق السؤال والقلق، واليقين الذي يبدو واضحا في أفقنا، أن العلة التي تشكو منها هجومية الفريق الوطني، لها حل وعلاج، وهذا العلاج لا يستعصي أبدا على وليد الركراكي، حتى وإن كان البعض قد قادهم ذاك الشك إلى يقين يقول بأن وليد الركراكي غير قادر على إيجاد الحل.

كنا نظن أن وليد الركراكي وهو يسعد بانضمام لاعبين هجوميين من العيار الثقيل (ابراهيم دياز وإلياس بن صغير) لترسانته البشرية الرائعة، سيهتدي بسرعة إلى حل ينهي هذا الوجع الهجومي المزمن، فاللاعبان معا إلى جانب زياش، أوناحي وأمين عدلي، يتيحان لأي مدرب الفرصة لكي يبدع في تخيل طرق التنشيط الهجومي، إلا أن ما ظهر واضحا وجليا في الوديتين الأخيرتين، زكى ما كان سببا في خروج الأسود من الكان على يد البافانا بافانا، الهشاشة الهجومية المحمولة على كثير من الأسئلة المرتبطة بالتنشيط الهجومي والمفضية إلى هذا الشك الذي يأكل فينا الصبر والتفاؤل.

إلا أن القول بأن وليد الركراكي، أصبح من منظور هذا الذي شاهدناه، عاجزا عن أن يأتي بالحل، فيه كثير من التجني، وفيه أيضا حكم مستعجل على رجل أثبت أنه يحمل فكرا وفلسفة ويتصف في عمله بكثير من البراغماتية، إنه يتعرض ككل المدربين لموجة شك أو لكبوة أو حتى لاحتباس تكتيكي، لكنه يستطيع أن ينهض من كبوته، ويتحرر من إحتباس أفكاره، ويطرد عنه وعنا هذا الشك الملعون.

صحيح أن ما تواعد عليه رئيس الجامعة مع الربان التقني وليد الركراكي، بعد الخروج من الكان، بإصلاح الخلل الذي أفضى للخروج الصاغر من مولد كأس إفريقيا وقد فرمنا رحى الإقصاء، لم يتحقق خلال وديتي أنغولا وموريتانيا، إلا أن لا شيء يقول بأن وصفة العلاج هاته مستحيلة على وليد، فإن ضاق الخناق على الرجل إزاء حالة الفقر الهجومي المعلن ولو في وجود لاعبين مهاريين، إلا أن ذلك لا يدعو قطعا لاختيار القرار السهل (قرار الإنفصال)، بل يدعو إلى الثقة في قدرة وليد على أن يصحح الخلل، ويزيل عن هجوم الأسود الكسل، ويعمل بلا ملل ولا كلل، من أجل جعل هجوم الفريق الوطني يستعيد الثقة والأمل في المستقبل، وحتما ستكون مباراتا زامبيا والكونغو شهر يونيو القادم عن تصفيات المونديال، قاطعتين في أمر النجاعة الهجومية.

وإنا غدا لناظره قريب.