من يختلف بيننا على أن التكوين على أصوله، بقواعده العلمية والإحترافية الحديثة، بات رافعة قوية لكرة القدم، لا وجود من دونه لكرة قدم المستوى العالي التي تستطيع أن تنافس بقوة في محيط يضج بالأفكار والإستراتيجيات.

ومن يعترض أننا عند الإنتقال إلى هذا النمط المستحدث للتكوين الذي يسود المشهد الكروي الإحترافي القائم على الفكر التصنيعي، أحدثنا فجوة كبيرة باعدت بيننا وبين الآخرين، وبخاصة بيننا وبين محيطنا الإفريقي، بدليل ما يقاسيه صغارنا من أجل كسب رهان العالمية عبر التصفيات القارية.
تلك الفجوة سببها المباشر أن أنديتنا، بخاصة المرجعية منها في مجال تكوين الناشئة والنخب، تخاذلت كثيرا فما ركبت الموجة ولا غيرت المنظور ولا خرجت عن النمطية، بل إن بعضها تخلى تماما عن التكوين بعد أن استلذ البحث في أندية أخرى عن العصافير النادرة.

ولطالما نبهنا إلى هذا الخطر المحدق الذي يتسبب فيه للأسف السقوط الذريع لمنظومة التكوين المعتلة، والأندية لغياب أبسط قواعد الحكامة لا تلتفت لناشئتها، بل إنها في حاضرها الموجوع لا تزرع بذرة ولا تصنع مستقبلا، وحتى عندما خرجت للوجود أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، بتوجيه ودعم مولويين، لتقدم نموذجا رائعا في تأسيس مراكز التكوين لإعطاء الشباب المغربي حقهم الكامل في الحلم، لم تركب القطار غير قلة من الأندية، ما أحدث شرخا كبيرا في منظومة تكوين اللاعبين الصغار، بل إن ذلك واصل مسلسل الهدر البشع للطاقات.

وكان من الضروري إزاء هذا الوضع المختل والشاذ، بل والمرفوض، أن يرتفع صوت الجامعة الوصي والمباشر على كرة القدم، لإعادة الأمور إلى نصابها، واستعادة الحق الضائع لآلاف الصغار المغاربة من طنجة إلى الكويرة، في تكوين علمي واحترافي يساعدهم على بلوغ المستويات العليا التي تمهد دخولهم عالم الإحتراف، مسلحين فوق الموهبة الخارقة التي هي عطاء من الله سبحانه وتعالى، بكل ما يضمن لهم ذهنيا وبدنيا وتقنيا الإستجابة لأحكام ومتطلبات كرة القدم العالية المستوى.

ولم تتأخر الجامعة، وهي تقف على الخلاصات الصادمة للإدارة التقنية الوطنية، في التدخل الفعلي لمصادرة هذا الشكل المهترئ والمرفوض لمنظومة التكوين، وبخاصة لتلكؤ الأندية في ركوب القطار، ورئيسها السيد فوزي لقجع يبشر بإطلاق مشروع ضخم قوامه تكوين إحترافي ومؤسسي، يقوده المكتب الشريف للفوسفاط، وهو يحدث شركة ستحمل على عاتقها إطلاق أكاديميات ومراكز للتكوين خاصة بكل أندية البطولة الإحترافية بقسميها الأول والثاني، استنادا إلى عقود إستثمارية وتشاركية، تقوم على مبدإ رابح رابح، على أن تكون كرة القدم المغربية في هذا كله هي الرابح الأكبر.