عدا كل ما نجنح له عند حدوث أي إقصاء من منافسة قارية من اجترار لخطاب الأزمة المثقل بالإتهام والتبخيس، الذي يركب عليه في العادة الشعبيون، فيثقلون المشهد الحزين بكثير من المرافعات البائسة، حتى أن خيط الحقيقة يضيع علينا. 
لو جاز وصف الخروج أمام منتخب مصر من الدور ربع النهائي لكأس إفريقيا للأمم بالأزمة لا النكسة، وجب أن نضع هذه الأزمة في سياقاتها ونربطها بمسبباتها الحقيقة، لا أن نسرح بها بعيدا، فيتسبب لنا ذلك في رجة عنيفة نحن أبعد ما نكون عنها ولا حاجة لنا بها، بل وقد يدفع بنا تحت وطأة الحزن والغضب إلى تحطيم الصرح بكامله وقد أنفقنا عليه من المال ومن الجهد الشيء الكثير..
دائما ما كنت أقول أن نتائج الفريق الوطني هي الشجرة التي تنتصب في الواجهة، إن تكسرت كشفت لنا عن غابة كثيفة، ولكن ما كل ما في الغابة سيء، وما كل ما نبت فيها غير صالح، لذلك إن كان الفريق الوطني قد أخفق في موندياله الإفريقي ولم يتجاوز في سفره بالنسخة الثالثة والثلاثين محطة الربع، فهل يكون ذلك مدعاة لكي نحرق الغابة بكل ما فيها؟ هل نحطم الصرح ونعود لنقطة الصفر؟
بالتأكيد لا، لأن ذلك لن يكون له من معنى، سوى أننا نجني على أنفسنا وعلى أوراش اشتغلنا عليها لسنوات وباتت معها الكرة المغربية مرجعا للنجاح إفريقيا. 
ما من أحد بيننا لم يحزن ولم يغضب، بل ولم يحبطه خروج المنتخب الوطني من الدور ربع النهائي، بالخسارة الموجعة أمام مصر، حتى أولئك الذين لم يراهنوا بفلس واحد على عبور الفريق الوطني حتى لدور الثمن، وما من أحد سيقدر على تصريف هذا الوجع باختلاق مبررات واهية، وما من أحد يعترض على مبدإ دستوري يقول بربط المسؤولية بالمحاسبة، إلا أننا يجب هنا أن نحاسب ونسائل منظومة الفريق الوطني عن هذا الإخفاق، من دون أن نجر للمكاشفة، وحتى للتعرية منظومات أخرى قد تكون المحاسبة عليها في سياقات مختلفة. القصد أن نسائل الضالعين في هذه الخيبة التي اجترها الفريق الوطني من الكاميرون، وأولهم المدرب والناخب الوطني وحيد خليلودزيتش الذي تشدق كثيرا بكونه لا يخسر، ومع ذلك يتلقى العشرات من سهام النقد، وعندما خسر، خسر المباراة التي كان عليه أن يبرع في تدبيرها وفي جعل الفريق الوطني يتطابق فيها مع نفسه. 
لن أعود لما أظنكم حفظتموه عن ظهر قلب، إلى حديث الهلوسات حتى لا أقول السفاهات التكتيكية، التي قدم وحيد نماذج لها في مباريات فزنا بها، ولكنه أتى بها جميعها في مباراة مصر، ولكنني في محاسبة وحيد على هذا الشطط التكتيكي، أتساءل عن الذي أعطاه هذه الصلاحيات المطلقة، عن الذي جعل يديه ممدودتين ومبسوطتين، حتى قعدنا إزاء ذلك ملومين ومتحسرين. 
كنا ننتظر أن يرتفع للجامعة صوت ينهى وحيد عن المنكرات الإعلامية التي كان يأتي بها في ندواته الصحفية، التقديح والإساءة بالتصريح والتلميح لحد التجريح، وما حدث أن لسان الرجل طال واستطال. 
كنا ننتظر أن يكون الرجل بما يفعل وبما يؤدى عليه بالعملة الصعبة، تحت الحصانة والرقابة حتى لا يجرفنا للهاوية، لا أقصد أن يهان في مسؤولياته، ولكن أن يتلقى ما يلزم من تنبيهات تقنية، فأي مدرب عندما يأتي لتدريب فريق وطني يكون ملزما باحترام الإرث وبالحفاظ على الهوية. لذلك فإن معالجة أزمة الخروج في سياق زمني صعب ودقيق، ما دام أننا مقبلون بعد أربعة أسابيع على مواجهة مفصلية أمام فهود الكونغو لتحقيق تأهل للمونديال، إن أضعناه ستكون كوارثه أكبر من الخروج من كان الكامرون من الدور ربع النهائي، ستكون دقيقة بل ومفصلية. 
حاجتنا إلى الحكمة والروية في محاسبة النفس على ما حدث، وفي محاسبة كل مسؤول عن الخسارة من مصر، أما عدا ذلك فسيكون هرطقات لا تقل سماجة عن هلوسات وحيد.