بعد أن تغيب عمدا عن الندوة الصحفية التي أعقبت مباراتنا أمام مصر، متذرعا بالأحداث المكروهة التي حدثت في الممر المفضي لمستودع الملابس، وبحالة الإحباط الشديد التي سيطرت عليه، وقبله على كل مكونات الفريق الوطني، بينما كانت اللحظة على قتامتها وسوداويتها تقتضي خروج وحيد خليلودزيتش للإعلام لكي يقدم تبريرات لهذا الذي حدث، ويضع النقاط على حروف شاردة، وعلى الخصوص لكي يعترف بشجاعة عن أخطائه وتجاوزاته وهلوساته، ويرفع الدراع الواقي الذي يحمي لاعبيه من كل ما قد يصوب لهم من سهام النقد الجارحة..
بعد أن أخلف موعده مع منصة الحقيقة والإعتراف وإظهار الشجاعة كحال كل المدربين الشرفاء، قال لنا وحيد على أنه سيأتي لجلسة الإعتراف ليواجه الرأي العام، قضى الرجل ثلاثة أيام كاملة بعد حادث الخسارة والإقصاء، وهي فترة زمنية كافية ليتخلص من مؤثرات الخروج، ويبرد حزنه وغضبه، وتطفئ الحكمة بداخله نار التوتر، ويدلنا بمنتهى الهدوء على مسببات هذا الذي وقع في مباراة مصر، على خروج لم نكن نتوقعه، وللأمانة لم نكن نستحقه، لأنه بتدبير تكتيكي غير الذي أتى به وحيد، كان الوضع سيكون مختلفا، وأنا واثق مما أقول.
عوض أن تكون الندوة عرضا بالأرقام والإحصائيات لمحصلتنا الكاملة في نهائيات كأس إفريقيا للأمم بالكاميرون والتي لعبنا خلالها 5 مباريات، محصلة للمكاسب والمصائب، وعوض أن يرتفع وحيد فوق كل السفاسف وينأى بنا بعيدا عن خرائب التشبيهات المقيتة، ويصور لنا بدقة متناهية إلى أين سيكون المسير، لنجدد له الثقة في القيادة ونحن نقبل شهر مارس القادم على موعد حاسم متمثل في تصفيات كأس العالم 2022، وجدناه يجذبنا للمستنقع، يرش الملح على جراحنا، يضيق علينا الطوق حتى لا نكاد نتنفس، يستبلدنا ولا يحترم ذكاءنا، يقهرنا ولا يرحم أبدا أنفسا اخترقها الحزن بعد الإقصاء، فما عادت لها طاقة على الصبر..
لم يقنعني السيد وحيد بكل الثرثرة الفنية التي أطال فيها متحدثا عن مباراة مصر، وقد فعل ذلك لا ليغطي على عثراته وهلوساته وسوء تدبيره للمباراة، ولكن لأنه فاقد أصلا للقدرة على الإعتراف بأخطائه وتبرير ما انقلب عليه، وعندما تم اقتياده للمرة الألف للحديث عن التغييب المستمر لحكيم زياش، أظهر مجددا كم أنه يجيد بعمد أو بدون عمد الضحك على الذقون، فقد كان جديده في الرواية الممسوخة، أن زياش أخطأ لثلاث مرات، عفا عنه في الأولى وفي الثانية، ولكن في الثالثة طفح الكيل، وما عاد هناك مجال للصفح، وأستغرب أن تكون هذه الرواية مثلها مثل المسلسلات الرديئة المعروضة على شاشاتنا الفضية، تمطط الوقائع عن عمد لتقدمها دائما إما مبتورة أو مشوهة..
لا أحد طلب من وحيد أن يذهب لإنجلترا لمقابلة زياش والتحدث إليه بسماحة الأب وشهامة القائد، ولا أحد سيغصب عليه إحضار زياش رغما عن أنفه، لأنني أفضل أن نقيله على أن نكرهه على ذلك، لكنني أطلب من وحيد أن يحترم ذكاءنا ويأتينا بأصل الرواية دفعة واحدة، لنفهم وبعدها نحكم..
لماذا يقول لنا اليوم بالذات أن زياش أخطأ ثلاث مرات ولم يحدد ولو مرة طبيعة هذه الأخطاء؟ 
لماذا يروي لنا اليوم بالذات حكاية الأربعة لاعبين الذين أرادوا بحسب روايته تفجير الفريق الوطني من الداخل، ولا يكشف عن أسمائهم؟  
لماذا يتهم اليوم حمد الله بأنه طالب بالرسمية كشرط للعودة للفريق الوطني، وقد قال لنا في غابر الأيام والأزمان أن مساعده مصطفى حجي كلف بالتواصل مع حمد الله وهذا الأخير لم يرد على اتصاله، وما فهم من ذلك أنه غير راغب في العودة؟
وأنتهي حتى لا أوجعكم بكثرة السؤال، لماذا يعقد وحيد خليلودزيتش ندوات صحفية إذا كان سيملأها بالهراء، وبما لا يحترم الذكاء، وبما يصورنا كالأغبياء نتفرج على مسرحية الشقاء؟!