هل كان من الحكمة أن يسارع حكيم زياش إلى تعليق مشاركاته مع الفريق الوطني، أياما فقط بعد أن رمتنا تصريحات وحيد بغبار، إن هو ضبب الرؤية جعلنا موقنين بأن لا مستقبل لحكيم معه؟
بشأن القرار الذي كشف عنه حكيم زياش خلال تواجده مع ناديه تشيلسي بالإمارات العربية المتحدة التي توج بها بطلا لأندية العالم، إنقسم المغاربة بين مؤيد ومعارض، بين مندهش ومتألم، ومهما حملنا من العتاب لحكيم زياش، من أن هرطقات خليلودزيتش ليست جديدة عليه، ومن أنه كان بالإمكان الإعراض عنها لفظاظتها، فإننا يجب أن نقدر الظرف والإكراه وضغط الخيبة ووقع الحزن على الرجل، بخاصة إذا كان العقاب لا يتناسب مع حجم التهمة وبخاصة إذا كان الرجل قد شعر بأنه أهين في وطنه ووسط قومه.
كنت دائما ما أقول بأن أيا ما كان زياش قد اقترفه من أخطاء، فلا وجود لعقاب أزلي، وبفرض أن لهذه الأخطاء طبيعة سلوكية أو انضباطية، فالمخول له إنزال هكذا عقوبة هي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مع حقنا كمغاربة في أن نعرف طبيعة هذه الأخطاء التي اجترها وحيد في مرافعاته من دون أن يميط عنها اللثام، واليوم عندما يخرج علينا حكيم زياش بقراره اعتزال اللعب دوليا، وجب أن نطرح مجردين من كل العواطف المهزومة، سؤال التوقيت والجدوى وطبيعة القرار.
إن كان على توقيت إعلان القرار فهو استراتيجي، لأن حكيم بما فعل يكون قد أعفى وحيد خليلودزيتش من حرج الرد على سؤال يتكرر عليه كلما هم بعقد لقاء صحفي، بل وأعفاه من إنتاج حلقات أخرى من مسلسل «باسل» الأحداث فيه مستنسخة والسيناريو مشوه والعرض في قمة الرداءة.
زياش بما فعل، ترك خليلودزيتش يتوجه بكامل تركيزه للمواجهة الحاسمة التي تنتظر الفريق الوطني شهر مارس القادم أمام فهود جمهورية الكونغو، فعند الإمتحان إما يعز وحيد أو يهان، وطبعا ليس بيننا من لا يحلم بحضور الفريق الوطني في نهائيات كأس العالم بقطر شهر نونبر القادم، حتى الذين نقموا على خليلودزيتش لهلوساته في «كان» الكامرون، ولاجتراره الحديث المؤذي عن زياش.
وأما ما كان من جدوى الإعلان عن قرار تجميد الحضور مع الفريق الوطني في هذا التوقيت بالذات، فإنه بلا شك ينفس نسبيا من كرب زياش، ويمكن لأي منا أن يضع نفسه مكان حكيم ليشعر بغلغلة السكين في أضلعه، ليشعر بكم الإهانة التي يصدرها له وحيد خليلودزيتش من خلال تصريحاته، وأيضا ليشعر بهذا «الفيطو» الذي يرفعه وحيد في وجه حكيم، فيوصد في وجهه أبواب الفريق الوطني ولا أحد يحاسبه على ذلك.
وعندما نأتي لنتحدث عن طبيعة القرار، هل هو متسرع؟ هل هو جازم؟ وهل هو نهائي؟ تبرز فرضية أن القرار هو من جنس الظرفية والإكراهات، أي أن حكيم زياش رد بالطريقة التي تريحه على تعنت وحيد وعلى سكوت الجامعة، ولكنه يبقي لنفسه خط الرجعة، أي أن قرار الإعتزال الدولي مرتبط أساسا بوجود خليلودزيتش ناخبا وطنيا، وقد يسقط مع رحيله، ولست أدري لماذا ينتابني خاطر يقول بأن خليلودزيتش راحل عن الفريق الوطني سواء أهله للمونديال أم لا، ويقول أيضا بأن زياش سيعود للفريق الوطني، إن لم يكن غدا عندما يواجه الأسود فهود جمهورية الكونغو في الفاصل الإقصائي الأخير لكأس العالم، فسيكون ذلك عندما يحضر الفريق الوطني بمشيئة الله إلى قطر ليلعب موندياله السادس والثاني على التوالي.