ما نسبة الصواب وما نسبة الخطأ في انتداب الرجاء البيضاوي للبلجيكي مارك فيلموت، ليشرف على العارضة التقنية للفريق بديلا للتونسي لسعد الشابي؟
إذا ما أخذنا الأمور بخواتيمها، وإذ ما استندنا للمحصلة الرقمية لفيلموت ومعها الجلباب التكتيكي الذي ألبسه الأخير للنسور الخضر، فإننا سنقف على حقيقة أن اختيار فيلموت مدربا للرجاء في توقيت صعب للغاية، وفي سياق زمني دقيق جدا، لم يستند للأسف لكثير من المعطيات التقنية والرياضية التي تجعل أي فريق يطمئن إلى قرار اختيار مدرب يأتي بديلا لمدرب آخر وقطار المنافسات انطلق، ويقلص هامش الخطإ في الإختيار.
للرجاء كيمياء خاص وهوية لعب متفردة، ما يجعل من اختيار الربان التقني في العادة يكون دقيقا، ومن دون أن أنال قيد أنملة من كفاءة البلجيكي مارك ڤيلموت، ومن دون أن أعترض على التوصيف الذي حل به بين ظهرانينا، والذي يجعل منه مدربا عالميا، إلا أنه يؤكد لنا اليوم أحد الأمرين، أحلاهما مر، فإما أن يكون فيلموت قد قال لنا بصريح العبارة، أنه لا يتطابق مع المرحلة التي جاء فيها مدربا للرجاء، لذلك عجز تماما عن تجويد الأداء الجماعي بل عجز حتى على إبقاء النتائج في المستوى الذي كانت عليه قبل حلوله بالرجاء، وإما أنه يحتاج لمزيد من الوقت ليكيف فكره مع خصوصيات العرين الذي دخله، ولا أعتقد أن جماهير الرجاء يمكن أن تمنحه وقتا أطول مما تحصل عليه، أي أن تصبر على مزيد من تواضع المحصلة الرقمية، وهذه بحسب رأيي ضريبة الفشل التي يؤديها أي مدرب غريب على البطولة الوطنية ويأتي لتدريب فريق بقيمة الرجاء وقد تحرك قطار البطولة منذ فترة زمنية ليست بالقصيرة.
من دن أن آخذ بأسباب الإرتجاج الذي حصل، ففرق الرجاويين في أمر مدربهم بالنظر لما كانت عليه النتائج قبل نهاية مرحلة الذهاب وبعد بداية مرحلة الإياب، جلست أتفرج على الرجاء في مباراتها أمام أمازولو الجنوب إفريقي عن الجولة الأولى من دور مجموعات الأبطال، وأيضا عند مواجهتها لأولمبيك خريبكة في منافسات البطولة الإحترافية، وما وجدت في المباراتين معا ما ينبئ بالعمل الذي يفترض أن يكون فيلموت قد أنجزه منذ اليوم الذي حل فيه بالمغرب، والحال أنه تحصل على ما يكفي من الوقت ليبلور منظومة تكتيكية تتوافق أولا مع هوية الرجاء، وتحقق ثانيا التوازنات داخل الفريق الذي تسلم فيلموت مقاليده وهو بطل للكونفدرالية وللأندية العربية.
أذكر أن المكتب المديري للرجاء بشر حتى قبل أن يكسب رهان الانتخابات، بأنه لتحقيق مطامح الرجاويين في تحقيق النجمة الرابعة للتشامبيونزليغ، سيحضر ربانا تقنيا عالميا يستطيع نقل الفريق إلى المستويات التي تسمح له بالمنافسة قاريا على أمجد الكؤوس، وقد كان التفكير منصبا وقتها على البلجيكي مارك فيلموت، ولست أدري ما هي المرتكزات الفنية والرياضية التي تأسس عليها هذا الإختيار، عدا ما تتضمنه السيرة الذاتية للرجل، لأن التوقيت والإرث وقوة الرهان، كل هذا كان يفرض أن يكون فيلموت قادرا على تنزيل رؤيته التقنية بسرعة قياسية ودونما حاجة لإطالة الوقت في قراءة المشهد الرجاوي بكل تعقيداته، وللأمانة فالرجاء كما الوداد وكما كل الفرق المضغوطة بالزمان وبالأهداف، أخطأت كثيرا في تقدير نسب النجاح كلما أكرهت على تغيير الربان التقني، بسبب أنها لا تؤسس الإختيار على الجانب الفكري والمعرفي وحتى التكتيكي للمترشح، أكثر ما تركز على السيرة الذاتية وما تحمله من عموميات ومن تعويم أيضا.
حتما ستكون مباراة وفاق سطيف بالجزائر عن ثاني جولات عصبة الأبطال، فاصلة بين مسارين، يبدو أقواهما هو مسار التخلي عن فيلموت، إلا أن هذه المباراة قد تمثل للبلجيكي طوق نجاة، فالفوز فيها نتيجة وأداء ربما يعيد جماهير وفعاليات الرجاء عن اقتناعها الكبير بعدم تطابق فيلموت مع المرحلة، أما الخسارة فيها لا قدر الله فإنها ستقطع بالكامل حبل الثقة، وعندها سيكون أنيس محفوظ وأعضاء المكتب المديري للرجاء، على موعد مع أصعب المهمات، إيجاد مدرب للفريق، يتطابق مع المرحلة ويجيد حل المسألة، وهنا لا مجال للخطأ..