إن لم نكن اليوم وداديين، فمتى سنكون؟

لا حاجة لنا اليوم للحديث عن التفييء ولا عما يهواه القلب ويعشقه، وللقلب فيما يعشق مذاهب، فما هو مقبل عليه وداد الأمة، رهان يهم كل الوطن، لقب إن تحقق، تحقق لكل الوطن، حلم لن يسعى الوداد نحوه لوحده، بل كل الوطن، وإن قيد الله للوداد أن يضم إلى جناحيه الأميرة الصغيرة إيذانا بالتتويج الثالث له بأمجد الكؤوس، فلن يسعد ويبتهج بذلك محبو ومريدو ومناصرو الوداد لوحدهم، بل كل أبناء الوطن.
فلماذا تبدو هذه الكأس غالية وثمينة للوداد ولكل المغاربة؟
هي كأس غالية بأصلها، كيف لها وهي تضع على رأس المتوج بها تاج أفريقيا وتسلمه قلادة تمثيل الكرة الإفريقية في المونديال، كيف لا تكون هذه الكأس غالية والوداد يرفع بها غلة كرة القدم المغربية من حيث ألقاب الأميرة الصغيرة، كيف لا تكون هذه الكأس غالية وهي تضمن لنا سوبر إفريقي مغربي خالص، ما دام أن من تأهل له قبل أيام النهضة البركانية وهو يتوج بكأس الكاف.
ثم كيف لا تكون هذه الكأس غالية وهي التي ستزيد الناس وثوقا بالطفرات الرائعة للكرة المغربية في المشهد الإفريقي، بل وستنهي الملهاة السخيفة التي ابتدعها سفسطائيو هذا الزمان، والتي تقول إن المغرب ما تسيدت أنديته المسابقات الإفريقية، إلا لأنه ضالع ونافذ بل ومتحكم في دواليب الكاف، وهلم هرطقة ومزايدة وبيعا للوهم.
وإن كانت هذه الكأس غالية ومغرية بل ومثيرة، فكيف السبيل إليها، يا ترى؟ كيف يستطيع الوداد عبور أحراش ومتاهات ومسالك النهائي الوعرة ليضع يده على التاج؟
صعوبة المباراة في مقام أول، هي لطبيعتها، إنها مباراة كأس، للوصول إليها احتاج الوداد والأهلي ل13 مباراة كاملة بكل تقلباتها وبكل التضاريس الوعرة التي تطلب التنقل عبرها، وكأي نهائي، فإن كل الوسائل تصبح متاحة لبلوغ الغاية، والقصد أن أي وسيلة تكتيكية يمكن أو توصل إلى اللقب الإفريقي على الوداد أن يجدها قبل منافسه.
وعندما يكون من ينافسك على اللقب في خاتمة المشوار الطويل والمرهق، فريق بمرجعية وتاريخية وقوة الأهلي المصري «ملك المسابقة» بألقابه العشرة، فإن ما يحتاجه التتويج من الوداد، إصرار، فعزيمة فإرادة من حديد، لذلك وجب أن نتحدث بلغة قبلية عن عناصر النجاح التي يجب أن تتوفر للوداد الرياضي في هذا النهائي لكي ينجح في تلجيم الأهلي وفي تحجيم قدراته الرهيبة بل والأسطورية، والتي تدل عليها كل النهايات التي خاضها خلال العقد الأخير فكان فيها الفارس الذي لا يشق له غبار.
يروج بيننا معشر الصحفيين تعبير نختلف في استعمالاته، يقول بأن النهايات تكسب (برفع الباء) ولا تلعب، والقصد أن من يضع الأداء الجماعي المنمق والمبهج فوق كل الإعتبارات لا يجنى إلا العاصفة، إذ المفروض أن يتكيف الأداء مع إكراهات النهايات، بأن يكون أكثر واقعية، والواقعية هي أن يكون الوداد مستعدا لمبارزة تكتيكية فيها العشرات من الحيل والتوهيمات، وأن يكون يقظا طوال المباراة فلا يغمض له جفن، ولا ينام في العسل كيفما كان تقدمه، وأن يكون بدرجة عالية من التركيز فيحرص على تدبير المباراة بأزمنتها المختلفة، وإن هاجم هاجم بحدر وإن دافع لم يبالغ في التكدس داخل منطقته.
وككل النهايات سيكون نهائي الغد محمولا على التفاصيل الصغيرة التي سيبرع كل من وليد الركراكي وبيتسو موتسيماني في حسمها، فلا مجال للقفز عليها حتى لا يلدغ أحدهما من جحرها.
ومهما أبدعت خيالاتنا في التوقع والحدس ورسم السيناريو الأقرب لكل الذي سنشاهده على أرضية مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، فإن نهائي اليوم سيكون نسخة مستقلة بذاتها، فريدة من نوعها، وأجمل ما سيكون هو أن تأتي المباراة بالسيناريو الذي يتمناه وليد الركراكي وكل المغاربة، بأن تسدل الستارة على المباراة والفائز هو الوداد، والمتوجة هي كرة القدم المغربية، والسعيدة هي الجماهير المغربية، قولوا إن شاء الله..
كلنا وداد، ولا تسألون لماذا؟