ماذا يفيد مشروع بنيات تحتية لمراكز التكوين بالأندية بلا رجال ولا طاقات مكونة للأجيال ؟ سؤال منهجي مثلما هو حال أي مشروع تنموي تبنى فيه الجدران وتهيؤه بالتجهيزات، لكن يظل مقفلا لغياب توظيف الطاقات المفروض أن تسيره أيما تختاره من المشاريع المدرة للدخل.

وبمعزل عما تروم إليه الجامعة في هذا الخصوص وفي تأسيس الحركة الرياضية  المنبثقة من التحضيرات  التي اتخذتها قبل انطلاق الموسم الكروي على مستوى مراكز التكوين الجهوية ببني ملال الذي فتحت أبوابه خلال هذا الموسم لتعزيز البنيات التحتية المخصصة للتكوين إلى جانب المركز الجهوي السعيدية الذي فتح أبوابه سنة 2020 بالإضافة للمركز المؤقت بالدار البيضاء الذي سيعتمد على الثانويات الرياضية لعين السبع، مقدمة في ذلك الإدارة التقنية الوطنية، الأطر التقنية التي تم التعاقد معها، وأيضا المعدين البدنيين ومدربي حراس المرمى ومحللي الأداء بالفيديو، قلت وبمعزل عما تقوم به الجامعة في مخططها التنموي فضلا عن الشراكات مع الجماعات، ماذا تقدمه الأندية عامة في بلورة هذا الواقع لما يسمى بمراكزها من منظور ما يقدم للفرق الوطنية الصغرى من منتوج ذي جدوى لائق للدولية ؟ وهل فعلا لكل الأندية مراكز تكوين حتى ولو لم تكن للإيواء مؤهلة ومفتوحة في وجه الأجيال ؟ 

وإن كانت الإجابة بنعم، فما معنى أن تقيم مدرسة لكرة القدم مؤدى عليها من الآباء وأولياء الأمور وبدرجات مالية متفاوتة بين كل نادي وآخر في السيولة ؟ وأكثر الأندية لها مدارس صغار اللاعبين من دون أن نرى نجما صاعدا إلى فريق الكبار والحال أن مفهوم المدرسة يعني تسلسل الأعمار مثل حكاية فريق بفتيانه وشابه إلى الكبار. والمدرسة تبقى كيانا بدون نتيجة إلا من رحم ربي من الإسماء التي تسمع عنها أنها من صناعة مدرسة فريق ما. 

ومفهوم مدرسة النادي هو مشروع استثماري يدر على الفريق أرباحا مالية من جيوب الشعب ولا ترى إلا النزر القليل من ثقب إبرة ينال حظه للإرتقاء إلى فتيان الفريق الأصلي، ما يعني أن فتى المدرسة يدر على النادي ميزانية إما بالشهر أو السنة وفق بيانات رقمية لا تقارن بين الفريق العملاق والفريق الصغير ميزانية، ومع ذلك، لا يرى هذا الفتى نفسه من هوية الفريق والمدينة، ولا يتأطر ولا يكون على أعلى مستوى من منظور التكوين الأكاديمي قبل الوصول إلى فتيان النادي، والحال أن من يؤطر ويكون في أكثر الأمور ليسوا (حتى لا أعمم) على درجة عالية من الأهلية وبدون ديبلومات معترف بها، وحتى وإن كانت لهم ديبلومات، فلا نسمع إطلاقا ولسنوات ما معنى أن ينجح فريق ما في إطار تكوين مركز عالي المقام في إنتاج مشروع لاعب فريق كبير.

اليوم، لنا مشاهد خرافية في ملاعب القرب بالمغرب وليس بمدينة معينة، كلها تجمع جمعيات كرة للفئات الصغرى بشعارات مختلفة للتنشئة الكروية مؤدى عنها، ويؤطرها مدربون هم أصلا لاعبون قدامى لم يجدوا السند لتدريب الفئات الصغرى بالأندية، ولم يجدوا المساعدة في تكوين أنفسهم للإرتقاء بديبلوماتهم ودخولهم عالم التأطير بمراكز التكوين. ويسعدك القول أن كل ملاعب القرب تعشش بالأجيال تحت مراقبة آبائهم وأوليائهم، ولكن ليس هناك أي كشاف لفريق كبير يرى نفسه مؤهلا لانتداب الأجيال اللامعة في ملاعب القرب. فأي مراكز تكوين يريدها فريق ما بالبطولتين الأولى والثانية دون تواجد كشافين ومدربين مكونين، وغير ذلك من أساسيات ما يفرضه مركز التكوين من موارد بشرية، والحال أن جل الفريق الكبيرة تسيل لعاب الأرقام المالية على الفريق الأول وتتجاهل منبث المولود المفترض أن تتهيأ له الظروف ليصبح نجما. والحال، أن من قدم الإشارات الأولى هم الأندية التي استحضرت فتيانها للفريق الوطني الذي وصل إلى ربع نهائي كأس العالم، وأكاديمية محمد السادس لكرة القدم. 

وبمعزل عن هذا الواقع، هناك أيضا أكاديمات لاعبين نجوم الكرة في المغرب مثل ميري كريمو والطاهر لخلج ويوسف شيبو وغيرهم، فلماذا لم نسمع إلى اليوم من هو الشبل الذي وطأ الدولية من هؤلاء ؟ وما الفائدة إن لم تهتم الأندية بأكاديميات اللاعبين ؟ ولماذا يظل مركز التكوين كجدار بناء بدون موارد بشرية ولا مضمون أجيال المستقبل ؟ 
نهاية نحن أمام فوضى وهول ملاعب القرب للصغار وأكاديمات لاعبين، ومراكز تكوين فارغة .. فأين هو منتوج النتائج؟ والجواب هو فراغ المنتوج.