قبل أن يحزم الحقائب وبداخلها أحلام وآمال بطول الجبال، ليقود الفريق الوطني إلى كوت ديفوار، محج كبار القارة الإفريقية الذين يراودهم حلم واحد، حلم وضع تاج القارة على الرأس، جمعتني بمعية السيد محمد مهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل والسيد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وعدد من الزملاء الإعلاميين، جلسة بالمدرب والناخب الوطني وليد الركراكي، وكان أول ما بادرنا به «مول النية»، سؤالا حول سقف الطموح عنده وعند الأسود، خلال كأس إفريقيا للأمم التي تنتظر فارسها الذهبي يوم الحادي عشر من شهر فبراير القادم.
تلك الجلسة الحميمية، كانت في صالون أنيق يتوسط إقامة الفريق الوطني بمركب محمد السادس لكرة القدم، وقد تزينت حيطانه بصور تنطق بعبق التاريخ لأساطير ونجوم وأحداث مأثورة لكرة القدم الوطنية، إلا من واحدة أخذت لها مكانا إستراتيجيا، وكأنها واسطة عقد جميل من اللآلئ، هي التي أشار إليها وليد الركراكي، وهو يرد على السؤال:
«هذه الصورة يراها اللاعبون في حلهم وترحالهم داخل مركب محمد السادس لكرة القدم، وكثيرا ما أقول لهم وهم يطيلون الوقوف عندها، أما آن الأوان لكي توضع إلى جانبها صورة تظهركم وأنتم ترفعون كأس إفريقيا للأمم بكوت ديفوار؟ هل تعتقدون أنه مستحيل عليكم فعل ذلك؟ طبعا لا أطن».
كان ذلك هو الجواب الجميل والرائع الذي اختصر الكثير من المسافات على وليد، فالصورة المعبرة لها تعريف جميل، إنها تساوي 1000 كلمة، وتلك الصورة تساوي مليون كلمة، لأنها ترسم التاريخ وتحدد حجم الإنتظار وحتى سقف الطموح.
وستسألون بالطبع، عن أي صورة تكلم وليد الركراكي؟
تلك الصورة تعود لشهر مارس من عام 1976، وهي للإستقبال الذي خص بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، (أنذاك وليا للعهد)، أعضاء الفريق الوطني العائد من أثيوبيا محملا بالكأس الإفريقية الفضية، التي جعلت منه قبل 48 سنة بطلا لإفريقيا، وما نجح بعد ذلك أي من الأجيال التي تعاقبت على كرة القدم المغربية، حتى الجيل المونديالي لعام 1986، في تحقيق ذات الشيء، ليظل ذاك اللقب يتيم الدهر، ولكن حتى متى؟
عمليا، قطع الفريق الوطني نصف الطريق نحو هذا اللقب الإفريقي، وهو يتخطى الدور الأول متصدرا لمجموعته، وما بقي له نصف شاق ومرهق، أربع مباريات، هي عبارة عن جبال شاهقة، تحتاج من أسود الأطلس إلى كثير من الصبر والأناة والجلد وقوة الإرادة، للقطع مع التهيب ومع تقطع النفس، وعدم تكرار ما جنى على أحلام سابقة، فنسفها نسفا.
تقف جنوب إفريقيا في أول هذه المعابر الوعرة، بما يذكرنا بما حدث سنة 1998ببوركينا فاسو، والذكرى تنفعنا بالقدر الذي يجعلنا لا نتساهل مع المباراة ومع المنافس، على قوته وضراوته، ومع المباراة على صعوبتها وشائكيتها.
يكفي أن تحضر في أذهان أسود الأطلس تلك الصورة التي جرى تثبيتها في جدار البهو داخل البيت الجميل، لتكون ملهمة لهم، لكي يستنفروا كل الجهود ويكونون في اليوم الموعود، قوة تسافر بنا لأبعد الحدود.
بالتوفيق لفريقنا الوطني.