ماذا يضر لو كشفت مرة ثانية وثالثة وحتى رابعة على أن الفريق العسكري شكل لي ولأبناء جيلي الفريق الملهم والفريق الذي ارتبط بذاكرتنا بثنائية قطبية احتجنا لسنوات كي نمحوها، وهي أنه لا فرق بين الجيش الملكي والمنتخب الوطني إلا بعزف النشيد الوطني مستهل المباريات.
فتحنا أعيننا بداية الثمانينيات على فريق يدربه نفس مدرب الأسود وهو المهدي فاريا، والذي كان يدرب الجيش في الصباح بهيلتون ويتحول مساء لمعهد مولاي رشيد مرفوقا بـ 6 إلى 7 من لاعبي الجيش معه ليروض الأسود ويومها كانوا بالفعل أسودا.
تابعنا الجيش يسبق كل فرق البطولة لبوديوم الأبطال الإفريقي حين قهر بيلما الزاييري، وكان كل سنة يحضر بالمربع الذهبي لنفس المسابقة وإن كتب له أن يغادرها فليكن بشرف وبعد أن يسيل العرق البارد لمنافسيه.
كان الجيش كلما واجه الرجاء أو الوداد بالرباط كما بالدار البيضاء، تتحول هذه المباريات لبلاطوهات فرجوية ولأطباق دسمة تشبع نهم كل عشاق الكرة، حتى من يدينون بالحياد فلا هم رجاويون ولا هم وداديون ولا هم موالون لصف العسكر.
اليوم، بل منذ عقد من الزمن الفريق العسكري يضمحل سنة بعد أخرى، يفقد هويته وتمسخ استثنائيته والهيبة التي رسخها في وجدان الإعلامي والجمهور والمتتبع من الخارج لطبيعته وكونه كان فريقا للجميع ويسع الكل.
لاعبون بقامات لا ترتقى لقامة التيمومي ودحان ولا هي من طينة لمريس والرموكي شافاه الله، ولا تعادل وزن حليم وخيري ولغريسي ولا حتى هي بوزن من سبقوا هذا الجيل الثمانيني الرائع الذي جايلته وحفظت أسماءه عن ظهر قلب، وكلما صادفتها اليوم وجدت أن جرس الإحترام يطرق على أسماعي يدعوني للوقوف تحية لهم.
حالة المسخ أصبحت تتيح اليوم أمام كل من هب ودب ووضع الأقراط في أذنيه وصبغ شعره وأسدل خصلاته، ليحمل قميص الزعيم بجرأة تارة ووقاحة أحيانا.
الجيش بالأمس كان الحلم الأكبر التي لا يحلم بها إلا كل ذو حظ عظيم، ومن يريد أن يتدثر برداء وثوب الجيش فعليه أن يعرق وينشف لبلوغ ذلك.
كانت صدمة أن يخسر الجيش بخماسية من طرف الوداد لأول مرة في تاريخ لقاءات الكلاسيكو، كان مخزيا أن يفتح الجيش جبهات دفاع بشكل مهين ودون انضباط وأن يتحرك لاعبوه بفوضى خلاقة داخل المستطيل الأخضر دون بوصلة ولا قائد.
اليوم لم يعد مناصر الفريق العسكري يفتخر بشرف الإنتماء بعد كل الدمار والخراب الذي طال الفريق، وموسم بعد الآخر تلك الهيبة التي تجسدت بدواخلنا تتقزم وتذوب وتضمحل وهو ما لا يتطابق وأساس النشأة والتأسيس.
كل هذه الحلول الترقيعية لامتصاص الغضب بتغيير المدربين ليست هي الحل، الخلل أعمق من شماعة المدرب ورأس الربان الذي يتم تقديمه كل مرة قربانا لامتصاص غضب الجمهور.
تدمير حصون الجيش، الفريق الفلاني يسحق الجيش، يذل الجيش ويعبث بالجيش.. عناوين لا تليق بحرمة نادي له مكانته المميزة وطبيعته الإستثنائية، ومن أوصله لهذا الهوان عليه تقديم كشف حساب وعلى السريع أيضا.
رحم الله أيام زمان.. كان للكاشو حرمة وإعادة التأهيل صولجان لكل عابث بلون الزعيم.