قدمت الدوحة تجربة تنظيمية في بطولة العالم لألعاب القوى التي تختتم الأحد، لكن الانتقادات التي واجهت المنظمين لاسيما على صعيد الظروف المناخية والحضور الجماهيري، تطرح أسئلة حول المسابقة الأهم التي تستعد الدوحة الخليجية لاستضافتها: مونديال كرة القدم 2022.

وأثار ضعف الحضور الجماهيري لا سيما في الأيام الأولى من بطولة "أم الألعاب" التي امتدت عشرة أيام، مخاوف من احتمال تكرار هذا المشهد في البطولة الكروية، على رغم أن عدد المشجعين الذين عادة ما يتقاطرون لحضور مباريات كرة القدم، يفوق بكثير مشجعي ألعاب القوى.

ويرى أستاذ مأسسة الرياضة في جامعة سالفورد البريطانية سايمون شادويك، أن ثمة مقاربة خاطئة تجاه الأحداث الرياضية الكبرى مفادها "الاعتقاد بأن المشجعين سيحضرون إذا قمت ببناء (الملاعب)".

ويذكر الأستاذ الجامعي أمثلة منها أن الحضور الجماهيري في أولمبياد مدينة مونتريال الكندية 1976 وأولمبياد أثينا 2004، لم يلب توقعات المنظمات على رغم أن المدينتين أنفقتا الكثير لبناء ملاعب حديثة.

وشهدت الأيام الأولى لبطولة ألعاب القوى حضورا ضعيفا نسبيا في مدرجات ستاد خليفة الدولي، أحد الملاعب الثمانية التي من المقرر أن تستضيف مونديال 2022. ويتسع الملعب لنحو 40 ألف متفرج، وتم خفض سعته الى النصف تقريبا خلال بطولة ألعاب القوى.

لكن الحضور تحسن في الأيام التالية، لاسيما مساء الجمعة حيث كان القطري معتز برشم يحتفظ بلقبه العالمي في منافسات الوثب العالي.

وأكدت اللجنة المحلية المنظمة ردا على أسئلة الصحافيين بعيد انطلاق البطولة في 27 شتنبر، أنها ستبذل جهودا إضافية لتعزيز حضور المشجعين في المدرجات. وعكس عداؤون تبدل المشهد في المدرجات.

وقالت الأميركية جيني سيمبسون الخميس "الأمر كان مختلفا تماما. كان هناك الكثير من الطاقة" لاسيما مع دخول قطر في عطلة نهاية الأسبوع.

وفي ظل الانتقادات التي طالت الاتحاد الدولي على خلفية منح الاستضافة للدوحة في عهد رئيسه السابق السنغالي لامين دياك، دافع الرئيس الحالي البريطاني سيباستيان كو عن هذا الخيار.

وقال كو تعليقا على ضعف الإقبال لاسيما في سباقي 100 م للرجال والسيدات، إن "عدد الحاضرين موضوع أسهل للحديث عنه بدلا من الأمور الأكثر تأثيرا"، مؤكدا أن أيا من الرياضيين لم يثر هذه المسألة.

وشدد البريطاني الذي أعيد انتخابه الأسبوع الماضي لولاية جديدة من أربعة أعوام، أن ضعف الإقبال الجماهيري لن يؤثر على مسار البطولة.


أثار عداؤون سابقون مسألة ضعف الحضور الجماهيري إجمالا في منافسات ألعاب القوى. وقال البطل المغربي السابق هشام الكروج لوكالة فرانس برس، إن "أم الألعاب" ربما "فقدت التواصل" مع مشجعيها.

أما كو، فطرح أسبابا مختلفة منها الأزمة الدبلوماسية الخليجية، وحال المقاطعة بين الدوحة من جهة، وعواصم أساسية مجاورة هي الرياض وأبوظبي والمنامة، وما تأتى عن ذلك من وقف للرحلات الجوية بينها.

ورأى شادويك أن قطر لم تتأثر بالانتقادات حول ضعف الإقبال الجماهيري لأن هذه البطولة وغيرها بالنسبة الى الدوحة، تشكل وسيلة لتعزيز أمنها وحضورها على الساحة الإقليمية والعالمية.

وأوضح "حتى لو لم يحضر أي شخص لمشاهدة ألعاب القوى، الأمر غير مهم. قطر خففت من التهديدات التي تواجهها عبر جعل نفسها ظاهرة للعلن، ذات تأثير، ومهمة".

واعتبر شادويك أنه من خلال استضافة بطولات عالمية، توفر قطر لنفسها "درجة معينة من الحماية ضد بعض التهديدات".

ومع تذكيره بضعف الحضور في مناسبات أخرى استضافتها العاصمة القطرية مثل بطولة العالم لكرة اليد عام 2015، رجح شادويك أن يدفع ضعف الاقبال في بطولة ألعاب القوى، الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الى طلب إيضاحات حول سياسة بيع تذاكر كأس العالم.

وفضل منظمو كأس العالم عدم التعليق على بيع تذاكر بطولة ألعاب القوى، لكنهم قللوا من شأن المخاوف المتعلقة بمونديال كرة القدم. وسبق لهؤلاء التأكيد أن المشجعين على اختلاف مشاربهم وأهوائهم سيكونون موضع ترحيب في 2022، وأن الدولة المضيفة المحافظة ستبحث في اعتماد "أماكن مخصصة" يمكن للمشجعين استهلاك الكحول فيها.

الانتقاد الأكبر في بطولة القوى كان لدرجات الحرارة ونسبة الرطوبة المرتفعة خلال سباقات المسافات الطويلة التي أقيمت خارج ستاد خليفة المجهز بنظام تكييف يحد من تأثير الحرارة الخارجية.

ويؤكد منظمو كأس العالم أن ظروف العام 2022 ستكون مختلفة، اذ أن المباريات ستقام في ملاعب مكي فة، والمونديال الكروي سينظم (للمرة الأولى) في فترة نونبر - دجنبر، أي في فترة تكون خلالها درجات الحرارة أدنى من المعدلات التي شهدتها بطولة القوى (شتنبر-أكتوبر).

وستكون انسيابية حركة النقل في العاصمة القطرية من التحديات الأساسية خلال كأس العالم، حيث تسعى السلطات الى افتتاح كل محطات المترو الـ37، التي يعمل منها حاليا 13 فقط، بحلول نهاية العام الحالي.

ويرى شادويك أن قطر تواجه "وضعا هشا" بعد بطولة ألعاب القوى، اذ عليها أن "تنجز كأس العالم بشكل صحيح، وإلا فإنه بعد 2022 سيكون السؤال المطروح +ماذا بعد؟+".