كنت أسائل نفسي، إلى متى ستصمد المزاليج والأقفال التكتيكية التي فرضتها هيبة المباراة واهميتها الإستراتيجية على المؤدى التقني للاعبي الرجاء والوداد في ديربي العرب، في الديربي الذي لا يحتمل أنصاف الحلول؟
فما حفل به الثلث الأول من المباراة أعطى الإنطباع على أننا وكما كان متوقعا، سنكون أمام مباراة أرضها ألغام، سماؤها سحب سوداء، وأركانها رياح تهز القلاع، فقد خلت تلك الدقائق من أي فرص تهديف حقيقية، قبل أن يأتي ذاك التفصيل أو تلك الجزئية التي تقلب المعطيات.
مرتد سريع للوداد يقوده الثنائي الكعبي والحداد، مدافع وعميد الرجاء بدر بانون يخطئ التقدير ويترك الكعبي ينفلت منه كما الماء، ليمرر لإسماعيل الحداد الذي يتقدم للوداد في وقت كنا أحوج ما نكون فيه إلى ما يحرر الديربي، ليتنافس في جمالية العرض مع ما كان يطلع كالسحر من المدرجات.
هدف أصاب الرجاء بشبه غيبوبة، فلم نر من لاعبي الرجاء ما يؤكد أنهم استفاقوا من صدمة الهدف، بل إن الوداد الذي كان حاضرا بمعزوفات متكاملة أضاع فرصة لقتل المباراة بتهور من أيوب الكعبي.
جولة أولى أفرزت في الربع ساعة الأخيرة، ما اعتبرته هبة رياح ستقتلع التحفظ التكتيكي، وتقدم الوداد بصورة الفريق الأكثر جرأة والأكثر سخاء في العطاء، وما ظهر أنه تأثر بخمسة غيابات مؤثرة، إلا أنه وجه إنذارا شديد اللهجة للرجاء ولمدربه كارتيرون.
كان لابد أن نسأل ما الغاية من الإبقاء على العميد محسن متولي في بنك البدلاء، وقد شاهدنا رجاء في الشوط الأول يفتقد لرجل الحلول.
هذا السؤال أجاب عنه كارطيرون، بأن قرر الدفع بمتولي في الشوط الثاني لتتغير الصورة تماما، ذلك أن الرجاء سيخرج من حجره، ليفرض ما يشبه الضغط المتقدم على الوداد فيجبره أكثر على التحصن بمنطقته الدفاعية، وهنا ستتغير الصورة تماما.
سيتمكن الرجاء مستفيدا من خطأ من مدافعي الوداد في تشتيت الكرة، من توقيع هدف التعادل بشكل مبكر، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، لأن الأرض ستبتلع لاعبي الوداد فلم نر لهم على طول الجولة الأولى أي حضور، فيما بسط لاعبو الرجاء سيطرتهم وإن لم يفلحوا إزاء ذلك في إنتاج الكثير من فرص التهديف لتضيع عليهم فرصة تحقيق فوز يقربهم من التأهل، لطالما أن انتهاء المباراة متعادلة بهدف لمثله، صبت أكثر في مصلحة الوداد الضيف.
عموما لا نملك إزاء هذا الذي شاهدناه في الجولة الأولى لديربي العرب من صور رائعة هي بالتأكيد نسج من الخيال، إلا أن نشكر كل صناع هذه الفرجة الكروية الخالدة على ما أبدعوه من احتفالية في المدرجات، ومن إبداع الأقدام ومن مواكبة تلفزيونية غير مسبوقة من قناة أبوظبي الرياضية.