بعدما خلق مفاجأة مدوية بإسقاط الترجي التونسي أحد المرشحين للتتويج، يواصل أولمبيك أسفي الرحلة العربية بوصوله إلى محطة ربع النهاية، حيث كبرت الآمال وإرتفع منسوب الطموحات وأصبح كل شيء وارد، في ظل تقارب مستوى الأندية المتنافسة وتوقع جميع السيناريوهات بعيدا عن المنطق والتخمينات على الورق.
قمة مغربية سعودية مفتوحة
بعيدا عن إصطدامات الجيران ومعارك الديربيات المغاربية واللقاءات المشحونة، تأتي مباراة أولمبيك أسفي ومضيفه إتحاد جدة لتعيد المواقع السعودية المغربية للواجهة، والتي لطالما إشتهرت بالإثارة والمواجهات المفتوحة والممتعة على الميدان.
القمم المغربية الخليجية وخاصة السعودية ورغم قلتها في السنوات الأخيرة، فهي ظلت متميزة بالندية والإيقاع المرتفع والأهداف، إذ نادرا ما إنتهت المباريات بالبياض وغالبا ما عرفت التسجيل وبحصص كبيرة أحيانا، وأشهر الذكريات تلك التي تعود إلى سنة 2000 واللقاء التاريخي بين النصر السعودي والرجاء البيضاوي في مونديال الأندية بالبرازيل، والذي إنتهى 4-3 لفائدة الأصفر العالمي.
ومن المنتظر أن تكون قمة إتحاد جدة وأولمبيك أسفي مفتوحة في نصفيها ذهابا وإيابا، إذ سيعمل الإتحاد على تسجيل أكبر عدد من الأهداف بميدانه وتفادي المفاجأة في رحلة العودة بأسفي، في وقت سيناور فيه الضيوف لإقتناص هدف ونتيجة إيجابية وزنها من ذهب، في مباراة يصعب التكهن بنتيجتها رغم أن الورق والمنطق يعطي الأفضلية للفريق السعودي.
العميد وبلسم عربي للجرح المحلي
لم يعد الإتحاد السعودي قويا ورهيبا كما كان في السنوات الماضية، والدليل معاناته الشديدة في آخر عامين بالبطولة المحلية، حيث أفلت من النزول للدرجة الثانية الموسم الماضي، ويئن وينزف هذا الموسم بإحتلاله المراتب الأخيرة وتكبده عدة هزائم وسقطات، وإقصاء مبكر من كأس الملك على يد الفتح، الشيء الذي دق ناقوس الخطر لدى مكونات العميد من إمكانية الإنتحار وعدم الإفلات منه هذا الموسم، إن إستمرت النتائج السلبية محليا حيث الفوارق كبيرة والمسافة بعيدة مع طابور المقدمة.
الإتحاد فقد كل الآمال في المنافسة وإستعادة الهيبة والكبرياء على الصعيد السعودي، وبات يركز على الواجهة العربية لإنقاذ ماء الوجه ومداواة الجراح العميقة، حيث يجعل من كأس محمد السادس للأندية الأبطال بلسما وعلاجا ينسى من خلاله التواضع والإنكسار المحلي والغياب عن الساحة الأسيوية، ويراهن عبره لتحقيق اللقب حتى يعيد البعض من الفرح لأنصاره المتشائمين والغاضبين، ويستعيد عبره الثقة المفقودة ويرفع المعنويات المهتزة منذ شهور متتالية، رغم التغييرات المتكررة للمدربين والتعاقدات مع أفضل اللاعبين الأجانب.
القرش إكتسب المناعة
كان أولمبيك أسفي يخطط للمشاركة المشرفة والتعريف بإسمه لدى الدول العربية وإكتساب خبرة لا أقل ولا أكثر، ولم يتوقع أبدا أن يصل إلى ربع النهاية ويصبح من المنافسين في الظل على بلوغ النهائي الحلم بالرباط، بعدما أزاح من طريقه عملاقا إفريقيا وعربيا إسمه الترجي التونسي من قلب قلعته برادس.
أشد المتفائلين من أنصار القرش لم ينتظروا أن يفترس الأخير الرفاع البحريني والترجي تواليا ويعود بتأشيرة العبور من خارجه أرضه، علما أن فشل أمام الفريقين معا في تحقيق الإنتصار بملعب المسيرة بأسفي، لكنه أظهر روحا قتالية إستثنائية وصلابة دفاعية ونجح في تحويل التأخر إلى فوز وتأهل إيابا، مفاجئا الجميع ومكذبا جميع التقارير والترشيحات التي لم تصب في مصلحته.
ويبدو أن أولمبيك بقيادة المدرب محمد الكيسر قد إكتسب مناعة لا بأس بها بخوضه 4 مباريات عربية حتى الآن وعدم تقبله للخسارة، وهو جاهز للإستمرار على نفس المنوال والدفاع عن حظوظه بجدة السعودية هذه المرة، حيث لا يخشى العميد ولا تاريخه وكل همه تأكيد قوته وحماسه، وإضافة خصم عريق وعتيد إلى قائمة ضحاياه.
الضغط كله على رفاق الأحمدي
يعلم الإتحاديون جيدا أن الهزيمة والإقصاء من كأس محمد السادس سيكون القنبلة التي ستفجر النادي بأكمله وستقلبه رأسا على عقب، وستدخله رسميا وإلى أجل غير مسمى إلى غرفة العناية المركزة، بعد الفشل المروع في المنافسة على الألقاب لموسمين متتاليين، وتذيل الترتيب وإدمان الإقصاء المبكر في أكثر من منافسة.
ومن سوء حظ بعض اللاعبين الأجانب الذين تعاقد معهم الإتحاد وفي مقدمتهم الدولي المغربي كريم الأحمدي، أنهم قدموا في أسوء فترات النادي ولم يستطيعوا التأقلم مع المناخ السيئ داخله، وتحملوا عبء سوء النتائج وتغييرات المدربين وتقلبات المناهج التكتيكية والتقنية، ليصبحوا تائهين وتحت ضغط شديد من الجمهور الذي لا يرحم، ويطالبهم بلقب كأس محمد السادس للمصالحة والتعويض.
وعكس الأولمبيك المتحرر بلاعبيه الشباب والمتحمسين والذين ليس لديهم ما يخسرونه، سيلعب الإتحاد فوق النار بثقل أسمائه العالمية ووزن القيمة المالية لمحترف واحد والمعادلة لميزانية سنتين لممثل عبدة، وأي فشل جديد سيذهب الأجانب والمدرب ضحية له، وهو السيناريو المحتمل إن ظهر الضيف بكامل قوته ووقف ندا قويا كما فعل سابقا في الأدوار السابقة.
الأولمبيك أحسن خارج الديار 
أبان أولمبيك أسفي أكثر من مناسبة سواء في البطولة الإحترافية وخصوصا المسابقة العربية، أنه يلعب متحررا وبطريقة جيدة خارج ملعبه، حيث يتقن النهج الدفاعي والتكثل التكتيكي والمرتدات القاتلة، عكس الصورة التي يظهر بها أمام أنصاره، حينما يبادر للهجوم ويفتقد للحلول ويترك فراغات في منتصف ملعبه يؤدي ثمنها، إلى جانب معاناته من الضغط النفسي والتشجيع الصاخب الذي يكون وقعه سلبيا أكثر منه إيجابيا.
ومن غير المستبعد أن يأمر الكيسر لاعبيه مجددا بالحذر وعدم المغامرة وتفادي إستقبال الأهداف بجدة، حيث سيميل غالبا للإنكماش الدفاعي بجدارين متقاربين من 9 لاعبين كما فعل ونجح برادس ضد الترجي، والبحث عن لذغة بمرتدات أو ضربات ثابتة، مستغلا سرعة عميده المورابيط وطول قامة مدافعيه خاليص وواتارا وكلاوديو، في ظل الغياب المؤثر للقناص المزعج كوفي المصاب.
أما على الطرف المقابل فلن يقبل بالتعادل ولا بالإنتصار بأصغر النتائج، وسيشهر أسلحته الأجنبية كاملة في وجه مرمى الحارس العائد مختار مجيد، والذي سيكون في محنة وإمتحان عسير ضد الثنائي الهجومي البرازيلي رومارينيو والصربي بريوفيتش، إلى جانب العمود الفقري المخضرم وثلاثي ضبط الإيقاع الأحمدي وجوناس وفيلانويفا.
البرنامج
الأربعاء 15 يناير 2020  
ملعب الجوهرة المشعة (جدة) س 18و15: إتحاد جدة ـ أولمبيك أسفي