نقص كبير في الأطر والتجهيزات والدعم المادي
حال لاعبات البطولة.. وضع مقلق للغاية

تكاد كرة القدم النسوية بالمغرب غائبة عن الأضواء على مستوى البطولة المحلية بخلاف المنتخبات الوطنية التي أصبحت لها مكانة كبيرة بالنظر للنتائج التي تحققها في المنافسات الخارجية، وتكاد تكون أيضا منعدمة لأسباب متعددة تتداخل فيها ما هو معنوي وما هو مادي، ما جعل فرق الكرة النسوية تغرد خارج السرب، وتلبس جلباب المعاناة والأزمات، في غياب الأدوات الضرورية اللازمة التي تلعب دورا كبيرا في الإرتقاء بالممارسة، لذلك لم تصل إلى المستويات المنشودة والأهداف المطلوبة.
في هذا الملف نقف عند الإرهاصات الأولية التي نشأت فيها كرة القدم النسوية، وأهم المحطات التي واكبت هذا الميلاد.

حقيقة لا غبار عليها
لماذا غربت شمس كرة القدم النسوية؟ لماذا ظلت حبيسة أنفها ولم تقفز على الحواجز؟ ولماذا تظل المنافسة كل سنة مليئة بالأشواك والمنعرجات؟ كل هذه الأسئلة نقف عندها في هذا الملف الذي يحاول تشريح الوضع بما له وما عليه، لنقف عند الحقيقة التي لا غبار عليها، حقيقة مرة مع كامل الأسف لكون كرة القدم النسوية أسوأ من الكرة الرجالية، تنعدم فيها شروط الممارسة، وتظل تشكل الهاجس الذي يؤرق الجميع، وبالمقابل كيف هي علاقة الجامعة الملكية المغربية لكرة القددم بالكرة النسوية؟ وهل لها خارطة طريق للنهوض بها والإرتقاء بها؟ 

بداية حلم لم يكتمل
ظلت كرة القدم النسوية طوال السنوات الأخيرة مقتصرة على الرجال فقط ولم يسجل الحضور النسوي في هذه الرياضة إلا بصفة «مشجعات»، ولتظل رياضة «نون النسوة» حاضرة فقط في الثانويات مع إستثناء سجلته مدينة الدارالبيضاء.
إلا أن كرة القدم النسوية ستعرف الميلاد الحقيقي بعد إلحاح عدة أندية لتشكيل بطولة من شأنها أن تستقطب كل الفرق الممارسة في كل أنحاء المملكة تحت لواء العصب الجهوية.
واقتصرت المرحلة الأولى على دوريات داخل العصب، حيث تتبارى الأندية المنضوية تحت لواء 11 عصبة التي تشكل الخريطة الكروية بالمغرب من أجل الوصول إلى بطل عن كل عصبة، وتم ذلك بتنظيم دوري بين العصب يجمع الفرق البطلة في مختلف العصب على شكل إقصائيات يتم فيها  تقسيم البطولة إلى شطرين الشمال والجنوب ليتبارى في الأخير بطلا الشطرين في نهائي بملعب محايد لإفراز بطل المغرب لكرة القدم النسوية. 
وكانت المهمة الأساسية لدوري بين العصب هي إفراز منتخب مغربي نسوي قادر على التنافس على المستوى العربي والإفريقي.

نقص في التجهيزات والأطر
تعاني الكرة النسوية داخل المغرب من نقص في التجهيزات والأطر التقنية القادرة على إنتشالها من واقع مليء بالمشاكل إلى بر الأمان لتصبح الممارسة على المستوى المحلي رائدة قاريا وعربيا، قبل دخول بوابة العالمية في المرحلة المقبلة.
ومن بين العوائق التي يعاني منها قطاع الكرة النسوية تنصيب الإهتمام أكثر بالممارسة الرجالية التي تستفيد من الإصلاحات التي سنتها الجامعة في الأونة الأخيرة، بالإضافة إلى النظرة القاسية للمجتمع للفتاة التي تزاول الكرة، حيث غالبا لا تنخرط الأسر في دعم بناتها للذهاب بعيدا في اللعبة، ناهيك عن عدم توفر البنيات التحتية للإرتقاء بالممارسة، سواء في البوادي أو الحواضر.

ضعف في المداخيل 
ويشكل أكبر عائق هو ضعف المداخيل التي تستفيد منها الأندية، وكان لعدم إستفادة اللاعبات من ممارسة الكرة النسوية من مداخيل مادية قارية سبب في ترك العديد من الممارسات للعبة، التي لا تعيش أزهى فتراتها في المغرب في ظل عدم الإهتمام بها من قبل المسؤولين على القطاع، وكذلك النظرة الدونية من طرف المجتمع.

أي إهتمام للجامعة بالكرة النسوية؟
عملت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على أن تكون هناك سياسة واضحة لتمكين الفرق الوطنية من الإستمرار في اللعبة وتطويرها وإشعاعها محليا وقاريا، على إعتبار أن الإتحاد الدولي لكرة القدم فيفا يقدم دعما سنويا للكرة النسوية على صعيد الجامعات الكروية.
وبالتالي فإن رهان الجامعة إنصب بالأساس على أن تكون الكرة النسوية حاضرة في مختلف التظاهرات الإفريقية، العربية والدولية، لكن للأسف لم تتمكن الأندية الوطنية من بلوغ مستويات عالية والسبب يكمن في غياب سياسة تنبني على إكتشاف المواهب وطنيا وإلحاقها بمراكز التكوين كما تفعل كبريات الأندية عالميا.

الأزمات على كل المستويات
بالرغم  من كل المجهودات التي تبذلها الجامعة فإن الوضعية تزداد إستفحالا لغياب أبسط ظروف الممارسة ، كالدعم المادي الذي يبقى العامل المشترك بين جميع الأندية ، لكون الفرق النسوية تظل تقتات إلا الفتات ، كما أن عددا من الاندية لا تعطي أي إهتمام للكرة النسوية، ولربما تبقى أخر إهتماماتها، ولهذا السبب إرتأينا أن نفتح هذا الملف للوقوف عند واقع الكرة النسوية، واقع يكاد أن يكون نسخة طبق الأصل لما يجري في كرة القدم الرجالية.

هذا ما تصرفه الجامعة وهذا ما تتقاضاه اللاعبات
يرى الملاحظون أن كرة القدم في المغرب تبتسم للرجال فقط، فيما تعاني اللاعبات تهميشا واضحا ليس فقط من قبل الجامعة، بل كذلك من المجالس المنتخبة، خاصة في ما يتعلق بالدعم المالي.
وتصرف الجامعة 300 مليون سنتيم على 12 فريقا بالقسم الأول و330 مليونا على القسم الثاني، وهو مبلغ هزيل لا يرقى إلى حجم تطلعات مسؤولي هذه الأندية.
أما رواتب اللاعبات، فتتراوح بين 350 درهما و700 درهم، باستثناء بعض الفرق، التي ترفع من قيمة حوافزها من أجل تشجيع اللاعبات على ممارسة كرة القدم، نظير الجيش الملكي، الذي قرر توظيف بعضهن في سلك الدرك الملكي.

وعود برفع قيمة المنحة
وتلقت معظم الأندية النسوية وعودا برفع قيمة المنحة إلى 50 مليون سنتيم سنويا، وفق مشروع من أجل الرقي بالكرة النسوية، إلا أنها لم تتحقق إلى الآن.
فعلى مدى 15 سنة من تجربة كرة القدم الوطنية النسوية بالمغرب، لم تعرف أي مبادرات حقيقية للإقلاع في مجال التكوين، إذ لم يتجاوز عدد الدورات التكوينية الخاصة بفئة المدربين عدد أصابع اليد الواحدة، كما أن المدربين الحاصلين على الدرجة باء لا يتعدى الرقم ذاته.

عدد المدربين 
ويمكن القول إن عدد المدربين الحاصلين على الدبلوم المذكور لا يتجاوز أربعة، ضمنهم عبد الله هيدامو، مدرب الجيش الملكي، ولمياء بومهدي، مدربة المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة، في الوقت الذي يتوفر جل مدربي الأندية النسوية على دبلوم التدريب من الدرجة سين.
ولم يسبق للجامعة أو الإدارة التقنية الوطنية أن نظمت دورة تكوينية خاصة بمدربي حارسات المرمى، والشيء نفسه بالنسبة إلى الإعداد البدني، لما يتطلبه هذا التكوين من خصوصيات تختلف عن التكوين لدى الذكور.

عدد الرخص
وبالنسبة إلى الرخص، تراجع عددها في السنوات الأخيرة بشكل كبير جدا، إذ لا يتعدى العدد الإجمالي ألف رخصة، بالنظر إلى وجود 50 فريقا نسويا بالمغرب، إذا ما تم احتساب تسجيل كل واحد منها 20 لاعبة في الموسم الرياضي، علما أن بعض الأندية لا تسجل سوى 14 أو 16 لاعبة فقط، وهو ما يؤكد أن الأمر لا يرقى إلى مستوى تطلعات هذا الورش، في الوقت الذي كان فيه عدد الرخص يصل إلى 1500 رخصة.

الطموح الكبير
برغم كل هذه الهوامش المزرية تتطلع الأندية الوطنية ومعها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى الإرتقاء بالممارسة النسوية من خلال حرص رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم السيد فوزي لقجع على وضع إستراتيجيات جديدة من شأنها أن تدعم الأندية لتقوم بواجبها حتى تنتعش البطولة التي من المفترض أن تكون الخزان الحقيقي للمنتخبات الوطنية.