يقلب أمين بنهاشم في رأسه الأفكار، يعبر سريعا خرائط التمني ومسالك الأمل ليبدأ موندياله الأمريكي، بشيء يذكره التاريخ، ما يشبه كتابة الفصول الأولى للملحمة، فلا يجد في كل المعابر الممكنة، سوى طريق واحد يمكن أن يأتمن عليه أحلامه وأحلام وداد الأمة، أن يحضر فريقه ليكون كثلة واحدة تتقن بشكل كبير الدفاع الموضعي، أمام فريق لا يتنفس خارج الإستحواذ، ولا يتقن سوى كرة الإمتلاك واللعب بلا هودة في مناطق المنافس.
إنها أصول اللعب مع الكبار، الذي يفرض أن يكون الوداد عارفا بقدراته وحدوده وممكناته، فلا يرمي أبدا بنفسه إلى التهلكة.
نفهم من كل هذا أن غوارديولا الذي قال عن موسمه الأخير، أنه الأسوأ في مساره التدريبي، عطفا على نوبات الهبوط والتصدع التي ضربت المان سيتي في كل المسابقات التي دخلها، فلا هو كان بين كبار القارة العجوز في مربع الأقوياء، ولا هو استلذ كنا عادته فن اللعب بمنتهى الشموخ والعنفوان.
ونفهم أيضا، أن غوارديولا يأتي بالسيتزن إلى مونديال الأندية ليصحح صورة مشروخة، وبالطبع فإنه يريد أن يصعد من كل الخرائب التي سقط فيها، وبالتالي سيكون كارثيا لو أن المان سيتي ضل الطريق في دور المجموعات، لذلك سيدخل مباراة الوداد يوم الأربعاء، متحفظا ويقظا ولكن من دون أن يتنازل عن طبائعه وهويته التكتيكية التي اكتسبها مع الفيلسوف غوارديولا، وأمين بنهاشم يقرأ في صفحة المباراة المتخيلة، نوايا غوارديولا، لذلك سيأخذ طريقا واحدا لا ثاني له، هو أن يلعب بنظام الكتلة التي تتحرك بتركيز شديد، إن فرض عليه السيتي اللعب ببلوك نازل، رضي أن يلعب كذلك، من دون أن يخجل من نظام الحافلة، ومن دون أن يعرض أجزاء هذه الحافلة التي تقف كالجدار المرصوص للتلف، ومن دون أن يتفكك دفاعيا، لأن أي تفريط في التماسك عند اللعب دفاعيا سيعرض المنظومة بكاملها للتلف، وبعدها ستكون لطريقة إخراج الكرة من المنطقة، دور وأي دور في فتح جبهة الأمل لإصابة دفاع السيتي بالألم.
قال بنهاشم وهو يقدم لمباراته الإفتتاحية أمام مانشستر سيتي، أنه يستلهم الشيء الكثير مما يفكر فيه، من المنتخب الوطني الذي ترك في مونديال قطر 2022، ما خلده في الذاكرة العالمية، ليس القصد فقط أن يتحمل بالكامل مسؤولية تشريف كرة القدم المغربية، التي غدت علامة فارقة عالميا، ولكن ما قصده أن يستلهم الأسلوب الذي دبر به أسود الأطلس دور مجموعات المونديال، بخاصة المباراة الإفتتاحية أمام منتخب كرواتيا الذي أتى إلى قطر وصيفا لمونديال 2018، مباراة منها كسب أسود الأطلس نقطة مفتاحية في مسار كأس العالم.
الشيء ذاته فعله المنتخب الأولمبي وهو يفتتح دورة باريس 2024، حيث اعترض طريقه من البداية منتخب الأرجنتين، وبذكاء كبير تحمل أولمبيونا ضغط المباراة وهيجان المنافس، إلى أن لدغوه من الجحر المفتوح وحققوا الفوز الذي أعطاهم أجنحة للتحليق في سماء الكبار.
الإستلهام هو الطريق لتحريك مفاصل الإلهام، وما من أحد يمكن أن يصادر أحلام الوداد وبنهاشم في جعل هذا المونديال الثالث لوداد الأمة، مونديالا إستثنائيا..
فقط نتوكل، والباقي على الله..